
التصرف في المواقف المحرجة في المناسبات الرسمية
عـصـام بن محـمـود الرئيـسـي
كاتب ومؤلف سلسلة كتاب مختارات من البروتوكول والإتيكيت
المواقف المحرجة التي يمكن أن نتعرض لها بين فترة وأخرى عديدة، وتختلف شدة الحرج حسب الموقف، والتصرف، وردة الفعل للموقف، ومدى انطباعها بذاكرتنا وذاكرة الآخرين، وهي أمر مسلم به في حياتنا اليومية من خلال تفاعلنا الاجتماعي والرسمي مع الغير، سواء على مستوى الأسرة أو في بيئة العمل وخاصة أثناء مشاركاتنا في المناسبات الرسمية وتواجد العديد من الأشخاص وهم يشاهدون ذلك الموقف، والموقف الحرج عادة يحدث بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار وعنصر المباغتة يكون حاضرا بقوة وهو مصدر الإحراج الرئيسي، مما يسبب لنا الإحراج والارتباك والتوتر والغضب للشخص المتلقي للموقف، وهي تحدث لأي شخص منا، وفي أي وقت وتكون بسبب موقف معين، أو خطأ ما غير مقصود أو مقصود ومتعمد من قبل أحد الأطراف في إحراج الطرف الآخر لأسباب معينة، ولكن علينا أن نتعامل معه بكل حرص ونحوله من لحظات صعبة إلى فرصة للتعلم والنمو الذهني وكيفية التعامل مع الغير.
لهذا لا بد لمن يتعرض لموقف محرج أن يكون لبقا وذا سرعة بديهة في التعامل والتصرف حيال ذلك الموقف للتقليل من آثاره وعدم الاستعجال في ردود الأفعال وأن يتصف بالهدوء والاتزان وهذا الأمر يساعد على الوصول إلى رد سريع منطقي للموقف.
المواقف المحرجة التي يمكن أن تحصل وتباغتنا في حياتنا اليومية عديدة ومختلفة وتختلف حدة الحرج بين موقف وآخر، ولكن أبرزها ما يلي:
· الإهانة المقصودة من طرف ما بكلمات مؤذية نفسيا أمام جمع من الناس.
· برودة الاستقبال والتجاهل في المناسبات الرسمية والاجتماعية.
· التنمر أو المزاح الثقيل الخارج عن المألوف من طرف إلى طرف آخر.
· رفض المصافحة من قبل الطرف الآخر وانت ممدود اليد لمصافحته.
· الانزلاق أو التعثر بشيء ما أثناء تحركك في مكان المناسبة أو أي مكان عام.
· المواقف المحرجة في المناسبات الرسمية وأثناء التكريم عندما تغير مسارك في الحركة أو أية حركة ملفتة للأنظار.
· المواقف المحرجة على موائد الطعام.
· من يطرح عليك سؤالا في صميم عملك ولم تعرف إجابته أمام الناس.
· نسيان أسماء لأشخاص تربطك بهم علاقة قريبة.
· التوبيخ من البعض بكلمات جارحة وأمام الآخرين.
· إعطاء الوعود لأشخاص مهمين ولا تقدر على وفائها.
تحدث للمتلقي للموقف المحرج العديد من الأعراض قد تتفاوت حدتها من شخص لآخر وفقا لطبيعة شخصيته ووفقا لشدة الموقف وحدته وممن تواجد لمشاهدة ذلك الموقف من قبل الآخرين.
ومن أبرز أعراض الموقف المحرج الذي يتعرض له الشخص
· الخجل الشديد.
· غياب التصرف المباشر والتركيز واتخاذ القرار المناسب.
· إحمرار الوجه واحتقانه.
· التلعثم في الحديث.
· التعرق الجسدي وخاصة الجبين.
· زيادة عدد ضربات القلب وتسارعها.
· التوتر النفسي.
· لغة جسد غير سليمة.
· عدم القدرة على تبرير الموقف.
كيف نتصرف ونهرب من المواقف المحرجة
من سمات الشخصية القوية من تحاول عدم إظهار الإرباك بسبب المواقف المحرجة بشكل مبالغ فيه قدر المستطاع وعلينا أن نظهر الثبات والاتزان حتى نتمكن من التصرف بهدوء تام مهما زادت درجة توترنا من جراء الموقف وأخذ الأمر ببساطة وهذا أمر يزودنا بالمزيد من الثقة والثبات، وإذا توقفنا مع أنفسنا قليلا ورجعنا إلى الماضي سنرى كم هي الإحراجات التي مررنا بها يوميا، واجتزناها دون توقف متناسين نحن من تلقى ذلك الموقف ومن شاهد وقعها في خضم حياة ملؤها الانشغالات التي لا تنتهي بهمومنا المختلفة اليومية.
إن من النصائح التي يمكن أن نقوم بها للتخفيف من المواقف المحرجة بشكل عام ما يلي:
· لا تحاول أن تبرر الموقف المحرج الذي تعرضت إليه لأن من جراء ذلك يمكن أن يعطي الموقف أكبر من حجمه ويسلط عليه الضوء بدرجة أكبر من قبل الآخرين على الرغم من أن البعض لم يلاحظ الموقف لمروره السريع وهكذا هي طبيعة المواقف المحرجة تمر سريعا وبدون موعد أو إنذار مسبق.
· من طرق التخلص من المواقف المحرجة أو التقليل من شأنها تلطيف الأجواء والتجاهل أو صنع موقف مغاير يخفف من نتائجها السلبية بطريقة لطيفة ومقبولة.
· إذا كان الموقف المحرج سببه انت فاعتذر على أن يكون اعتذارك غير مبالغ فيه.
· عدم التواجد في محيط الشخص الذي تصرف بشكل غير مهذب معك، ويفضل أيضا عدم التحدث مع الآخرين عن الموقف ويتجاوز الأمر.
· إذا تكررت الإساءة وبشكل مبالغ فيه من نفس الشخص وفي نفس المناسبة واستمر بتنمره وأمام الجميع، فيجب أن تصده بثبات وتوقفه عند حده بلباقة دون استخدام العنف أو الصوت المرتفع لأن كلاهما يعبر عن ضعف الشخصية، وإنما يمكن إحراج هذا الشخص بطريقة لبقة هادئة تنهي الموقف بسلام.
· ابتعد عن فكرة الانتقام من الآخرين الذين سببوا لك المواقف المحرجة، لأن هذا سيزيد من حدة الموقف والضغوط النفسية بداخلك، وبدلًا من ذلك عليك التحلي بروح التسامح وناقش الأمر بنضج، وهدوء مع الشخص الذي تسبب لك في الإحراج وستجد أنه غالبًا لم يكن يقصد إحراجك، مع توضيح أن هذا التصرف قد سبب لك الإحراج حتى يتجنبه لاحقًا، وثق تماما بأن هذا الأمر سياتي لك بحلول إيجابية.
· لا تقسو على نفسك باللوم لموقف محرج تعرضت إليه كنت سببا فيه مما يعطى شعورا بأن العالم كله وراءك، وتذكر دائما أن لا أحد سيتذكر ذلك الموقف غدا.
تقول لكسندرا بلاكياس، والتي تركز في أبحاثها عن دور التطور والثقافة في قيمنا الأخلاقية والتي أكملت الدكتوراه في جامعة ميشيغان، وعملت لمدة عامين كباحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة أبردين، اسكتلندا: « إن الأسلوب الصحيح للتعامل مع المواقف المحرجة يتطلب بعض الوعي الاجتماعي والقدرة على التفكير السريع، ويمكن استخدام بعض الاستراتيجيات مثل الحفاظ على هدوء الأعصاب، واستخدام الفكاهة لتخفيف الجو، أو الاعتراف بالخطأ، إذا كان هناك ما يستدعي ذلك، كما أن تعلم التعامل مع الإحراج يمكن أن يسهم في بناء الثقة بالنفس وتحقيق تفاعل اجتماعي أكثر سلاسة».
وأخيرا عزيزي القارئ اعلم أنه كلما مضت بنا الأيام، والتجارب، تصبح مواقفنا المحرجة في ذاكرة النسيان وستدرك أيضا أن التسامح مع من أحرجك وتنمر عليك في موقف ما أنقى وأرقى من الضغينة، وأن القوة الحقيقية ليست بالشدة والغلظة في التعامل مع الآخرين بل بالطيبة واللين والسماحة، ورحابة الصدر، وأن الحياة عابرة، والبشر عابرون ولن يبقى حقا إلا الأثر الطيب.
وعلى الخير نلتقي وبالمحبة وبكم نرتقي
طرح رائع وواقعي، فالمواقف المحرجة جزء من حياتنا اليومية، والتعامل معها بهدوء وثقة يعكس نضج الشخصية. الأهم أن لا نعطيها أكبر من حجمها، وأن نحولها لفرص للتعلم والنمو. التسامح والتجاوز دائمًا أرقى من الرد بالمثل، فالحياة أقصر من أن نثقلها بالضغائن.