بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

المناسباتُ العائليَّةُ بينَ البَوْحِ والكتمانِ !!..

عـصـام بن محـمـود الرئيـسـي

كاتب ، ومؤلف سلسلة كتاب مختارات من البروتوكول والإتيكيت

 

المناسباتُ العائليَّةُ بينَ البَوْحِ والكتمانِ !!..

 

هل تراجعتِ المشاعرُ الطَّيِّبةُ بين أفراد العائلة أثناء تعاملاتهم اليوميّة في ظل التكتّم الشديد من البعض وعدم الإفصاح والبوْح عن مشاريعهم ومناسباتهم الاجتماعيّة ؟؟ أم هو أمر طبيعي في ظل تغير الحياة ونمطها. وكما هو واضح من خلال تعاملاتنا ففد أصبح كل واحد منا يبحث عن مصدر رزقه ومبتغاه منفردا وبكتمان بالغ منافسا مَنْ حوله من أفراد العائلة والأقارب، ووصل ذلك حتى إلى عدم الإفصاح عن مشاريع أسرته سواء من سفر أو أي مناسبة اجتماعية إلا في أضيق الحدود .. هل هو خوف من الحسد أم هو خصوصية الأسرة؟؟.

سنحاول الإجابة على هذا التساؤل من خلال مقالنا المتواضع هذا، مستعينين ببعض الآراء من قبل عدد من الإخوة الأعزاء والذين اعتدت مناقشتهم في بعض المواضيع أثناء لقاءاتنا المستمرة ، وقد كانت الإجابات كالتالي :

يقول الأستاذ محمد وهو يحمل مؤهلًا جامعيّاً وموظف سابق :
قيل استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ، والمدقق لهذه العبارة سيلاحظ بأنه ليس الهدف من هذه الوصية تجنّب العين والحسد فقط، بل ما هو أعمق من ذلك بكثير : استعينوا بالكتمان كي لا تصابوا بخيبات الأمل علنًا، فهي أكثر إيلاماً ووجعاً .. استعينوا بالكتمان؛ لأن الطاقات تُهدَر في القول بدلا من الفعل.

ويقول الأستاذ سالم وهو معلم لغة عربية :
إنَّ أولئك الذين كانوا يُخفون أمر مشاريعهم عن الناس لديهم أسبابهم المعقولة، ومصالحهم المعيشية، إنما امتدت مؤخرا ظاهرة الكتمان هذه حتى عن الأهل والأقربين، فلا يعرف أحدهم أنّ أخاه يخطط لمشروع أسري إلّا بعد وقت قليل من تنفيذه، ولا يدري الصديق الحميم عن المناسبة إلّا بعد اطلاعه بالصدفة على صور أو بطاقة دعوة أو غير ذلك كالصور التي ينشرها على شبكات التواصل.

وتقول الأستاذة زهرة وهي معلمة متقاعدة :
إن مناسباتك وإنجازاتك، وأيضا لحظات سعادتك، وخططك المستقبلية، وكل الأشياء الجميلة بحياتك احتفظ بها سرًّا لنفسك؛ لأنك حين تشاركها لبعض الناس سيسرقون منك سعادتك الكبيرة إما بحسدهم، وإما بتعليقاتهم الساخرة، وإما باستخفافهم بإمكانياتك أو تحطيمهم لك.

(نهاية الآراء) ..

ونستنتج من تلك الآراء أنَّ الكتمان بات أمرًا ضروريًّا إلّا في أضيق الحدود، ولكن من رأي الكاتب، بأنَّ المبالغة في الكتمان للمناسبات الاجتماعية أمرٌ له مردودُه السلبيّ على علاقاتنا ، وقد تؤدي إلى ضعف وانعدام الثقة بين الأفراد ، وستصبح كل أسرة بمعزل عن العائلة الكبيرة ، ويمكن أنْ ينتقل ذلك إلى بقية أفراد الأسرة الواحدة مما يؤثر أيضا على ضعف المشاعر الصادقة بين الأفراد ، وتطغى المجاملات عن الحد المطلوب ، وقد يتحول بعضها إلى تملق ونفاق ، وبات ما ينطق به اللسان يختلف عما في القلب، وهذا مرفوض ولهذا يؤكد علماء التربية بأن المجاملة بين الناس يجب أنْ يكون لها حدود لا يمكن تجاوزها.

ويؤكد العديد من علماء الاجتماع بأنَّ السبب الرئيسي من إخفاء البعض لمناسباتهم الأسرية ؛ لرغبتهم من تنظيم مناسباتهم بأنفسهم دون تدخل البعض ، وهذا يؤدي إلى تأخر وتعطيل تنظيم وتنفيذ المناسبة بسبب اختلاف الأذواق والميول ، وأيضا ليتمكنوا من اتخاذ القرارات المناسبة للمواقف غير المتوقعه أثناء تنظيم مناسباتهم المختلفة، إلّا أنَّ من الأمور غير المستحبة قيام بعض الأشخاص بمتابعة مَنْ حولهم من البشر بدواعي الفضول، والتي تُعد من أسوأ العادات التي تضايق الإنسان وتُزعجه.
لقد نهى الرسول الكريم عن محاولات التطفل والفضول، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «مِنْ حُسْنِ إسلام المرء تَرْكُهُ ما لا يَعْنيهِ» (رواه الترمذي).

وعلى الخير نلتقي ، وبالمحبة نرتقي ..

‫3 تعليقات

  1. قضاء الحوائج بالكتمان أو البوح يعتمد على نوعية المناسبة العائلية بالضبط… كما أن العائلة أصبحت كبيرة و ممتدة … فيجب مراعاة أكثر من جانب منها وجوب تحديد لمن البوح ولمن العكس… على العموم الموضوع شائك والأهم أن الإنسان صاحب المناسبة يختار التصرف المناسب و توقع الردود المختلفة وكيفية التعامل الصحيح معها.

اترك رداً على عصام الرئيسي / الكاتب إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى