بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

للإنسان أينما كان .. حذارِ من العقائد الضالة..

المهندس/ عبدالحميد بن حميد الجامعي

 

للإنسان أينما كان .. حذارِ من العقائد الضالة..

 

أخي النبيل الإنسان أينما كنت، وما كانت خلفيتك وثقافتك في عالمنا العربي هذا والعالم عموماً..

تحية طيبة..

يعيش العالم العربي اليوم سباقاً محموماً يقوده الصهاينة محتلو الأراضي العربية ومن ورائهم من الشرق والغرب، تدعو للتطبيع والتسليم للأمر الواقع في قضيانا العربية، والاستسلام لحكم قدرهم فيها، ولأن الفكر الصهيوني مبني على عقائد يهودية ضالة ومفسدة بحق الإنسان غير اليهودي عموماً مسلماً وغير مسلم، فإني رأيت من الواجب تناول أزمة هذه العقائد وأثرها على تعايش الناس مع معتنقيها إن تمكنوا من تطبيقها..

منطلقا من النص الإلهي (القرآن الكريم)، مدلّلاً عليه بالواقع والتاريخ القريب، في سبيل التنوير والتحذير والمشاركة العامة..

أولا بعض المصطلحات :

الآيات الرئيسة محل الاستدلال: ٧٥-٨٠ من آل عمران في ص ٥٩-٦٠ من القرآن الكريم..

أهل الكتاب : هم بالأخص اليهود في هذا السياق لأنهم من سكن المدينة وكانت بينهم وبين أهلها المعاملات اليومية (التجارة والرهن وغيرها)، ولأن النصارى ذكروا في الصفحة التالية بذكر عقيدتهم (الألوهية لبشر وهو عيسى عليه السلام)..

الأمِّـيّـون : خلاف أهل الكتاب من العرب خاصة، وسماهم الله بالأميين مقابل أهل الكتاب لعدم نزول كتاب عليهم، مع وجود من يعرف القراءة والكتابة منهم، ويعرفهم اليهود بالأغيار، وهم يعدونهم في أدبياتهم حيوانات خلقها الله في صورة بشرية حتى يستأنس بنو إسرائيل بخدمتهم ولا يتنفروا منهم، وهم أولاد هاجر أم إسماعيل جد العرب (خادمة) سارة جدة بني إسرائيل، وقد ألحقوا بهم في خدمتهم باقي العالمين .. وهذه من أشد عقائدهم الفاسدة المفسدة..

الدينار : عملة نقدية صغيرة كما البيسة في عمان أو الفلس أو البنس في غيرها..

القنطار : عملة / أو مقدار كبير وهو يساوي مئات من الدنانير وأضعاف مضاعفة منه، والاستخدام القرآني للقنطار يأتي في سياق التعبير عن الكثرة الكاثرة من المال النقدي والعيني، كما في (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراّ فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثمًا مبينا) النساء/ ٢٠، لمضاعفة حرمة الأخذ مما في يد الزوجة وقد تملكته ولو كان المأخوذ قليلا، ولو كان مصدرُ المال المأخوذ منه الزوجَ هديةً وهبةً، ومقداره بالملايين.

وبعد ..

فخيانة اليهود ممن آذوا موسى (لا تكونوا كالذين آذوا موسى) .. وآذوا النبين فقتلوا فريقا وكذبوا آخرين (ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) .. خيانتهم الأبدية وولائهم لعقيدتهم ولو كانت خلاف المعاهدات والمواثيق وخلاف أي منطق وأي قيمة وطنية وحتى مادية مثبتة في كتاب الله العزيز، فبعد ما شهد لعوامهم ممن اندمجوا مع المجتمعات وتمسكوا بالفطر والمنطقيات بأمانتهم (ومن أهل الكتاب مَن إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) جاء على حاخاماتهم ومتدينيهم وأصحاب القرار والتشريع فيهم فأثبت خيانتهم وعدم أمانتهم .. (ومنهم مَن إن تأمنه بدينار لا يؤدِّه إليك إلا ما دمت عليه قائما) .. ليس للحاجة للدينار البسيط والزهيد – وهم الأغنياء أصحاب القناطير المقنطرة – ولكنها لتلك العقيدة التي تشرع لهم الخيانة وتبررها لهم بل ويؤجرون عليها وهي قولهم: (ليس علينا في الأميين سبيل) .. أي لا بأس علينا ولا سبيل لإدانتها فيما استولينا عليه من الأميين .. إذ هم يرون أن الأميين (العرب وغيرهم) خدمٌ ومُلْكٌ حقيقيٌّ لهم، وبالتبعية فما يملك العرب هو ملك لهم كذلك، فالبيسة مثلا يتمسك بها صاحب ملايين الريالات منهم ليس للحاجة المادية بل على اعتبار أنه ملك له رجع إليه ولو كان ماديا شيئا لا يذكر، فلا يجوز من ثم لهم عقديا ودينيا دفعه مرة أخرى لمن ائتمنه من العرب وغيرهم!..

إن هذه العقيدة وغيرها من العقائد الشوفانية المفسدة هي التي شرعت لهم احتلال فلسطين والاستيلاء عليها، وطرد أناسها من بيوتهم وتهجيرهم منها عنوة، والسكنى فيها بكل تبجح وراحة بال، وكأنهم لم يقترفوا ذنبا، بل زينت لهم أنهم تقربوا بهذا التهجير والاستيلاء على البيوت والقتل والدمار وعموم الإفساد إلى الله، وازدادوا عنده أجرًا وعلوا بها عنده منزلة، وهي ذات العقائد الضالة التي شرعت لهم الإفساد – حيث تمكنوا وكان لهم القرار – كأوروبا عموما وألمانيا خصوصا في القرن المنصرم، وهي ذاتها التي نرى نتاجها اليوم في العالم أجمع (وقد تحكم اللوبي الصهيوني بالمؤسسات الأممية المالية والإعلامية وغيرها) من فساد منتشر (ربا وخلاعة وإفساد فطر ومجتمعات الخ) لا يفرق بين دين وآخر .. بل يستهدف الإنسان بمجرد كونه إنسانا غير يهودي ومن غير يهودية .. ولأن دين الاسلام وشرعه هو الدين الأكثر التزاما وتمسكا بين باقي الشرائع والأديان فهو مستهدف في جغرافيته وسرقتها وإيجاد الخصومات بين أهلها .. من ثم نرى – باسم الأممية / الأمم المتحدة- تشرع الشرائع للنيل من هذا الحصن الشامخ للتنكيل بالبشرية وتدميرها بعنوانين براقة كاذبة (الحرية وحقوق المرأة والطفل وحق الأقليات إلخ) .. ليثبتوا بذلك عقيدتهم التي تقرهم أنهم (أبناء الله وأحباؤه) .. وكيف يكونون كذلك إن تساوى معهم باقي البشر (الأميون وغيرهم) في التقدم والرفاهية (إلا مؤقتا بما يحقق مخططاتهم) .. وقد يذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك كاستعجال بعض العقائد من أمثال نهاية العالم ونزول المسيح، وبهذه الأخيرة يقف معهم نظراؤهم من النصارى في استعجال نزول المسيح ويوم القيامة، وهذا ما قد يفسر وقوف أنظمة الدول الغربية (النصرانية) مع الكيان المحتل .. رغم اختلافهم وخلافهم، إلا أن وقفتهم هنا تقاطعية وفيها مصلحة دينية حسب عقائدهم..

من ثم لا خلاص من هذه الفئة إلا بتشتيتها ونفيها في الأرض – وهو حكم الله فيهم – وإذابتها في مجتمعات تمكن الفطرة والعقيدة الجمعية الصالحة من أفرادها وتحميهم ومحيطَهم من عقائدهم الخطيرة التي تظهر ما تمكنوا وكانوا هم صناع القرار والمشرعين في الكيان أو الدولة .. وتفسد العالم ولا تصلح .. وهناك اليوم فئة يهودية – غير متصهينة – أدركت هذا الحكم الإلهي وتمسكت به وأذعنت له، وهي تناهض قيام دولة الاحتلال وتطالب برجوع فلسطين حرة، والعيش فيها جميعا مسلمين ويهودا ونصارى كما كانوا من قبل في العصور السابقة .. وتنظم المظاهرات تعبيرا عن ذلك..

لذلك فالتطبيع اليوم – ولو في تيسير رحلة وتسهيل معاملة، ولو في حديث وتفاهم تجاري وتعاون اقتصادي أو تبادل (علمي) أو رياضي وسياحي أو ما إلى ذلك من عنواين براقة قبل قيام فلسطين حرة – هو ليس فقط خيانةً للعرب أو للإسلام والأقصى وفلسطين بل هو خيانة للإنسانية مطلقا .. خيانة للدين والدنيا .. خيانة لعالم اليوم وعالم الغد .. وهو حكم ماضٍ ومؤكدٌ على أجيال الخليج الحالية والمستقبلية بالشقاء والعناء والتقهقر والفقر والدمار.. مهما بدت الوعود والعهود وبدى بريقها الكاذب ومستقبلها الوردي وما يروجه من إعلام زائف .. والعاقل يرى صدق هذه النبوءة في السبعين سنة الفائتة من احتلال الأراضي العربية .. فمن طبع معهم وهادنهم .. ما زال متخلفا وما زال شعبه من أفقر الشعوب وأجهلها رغم المقومات المختلفة اقتصادية وسياحية وقوى بشرية .. وفي دول المحور العربي المطبع دليل وبيان .. رغم الاتفاقات ورغم المعاهدات والتعاونات .. إلا أن الكيان المحتل في ازدهار وتطور ومن عاهده وطبع معه في تراجع وتقهقر .. وهذا توثيق لموقف القرآن الكريم منهم .. وعبرة لمن اعتبر وكان له عقل ونظر..

حمى الله أوطاننا والناس جميعا والعالم من شر هذه الطغمة المفسدة، ومن أذنابهم المخربين، ما كانت جنسياتهم وخلفياتهم، وجعل الرشد دليلا لقادة الخليج وصناع قراره، ووفقهم لكل خير، ويسر لهم أسباب العزة والراحة لهم وشعوبهم بل وللعالمين بعيدا عن ناكثي العهود، وناقضي المواثيق، والله المستعان..

تعليق واحد

اترك رداً على ibrahem saif إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى