بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

نـتـنـازل شـوي ؟!..

يـوسـف الـبـادي

 

نـتـنـازل شـوي ؟!..

 

هل تملك ديكاً ؟!.

أخالك تملك .. بل أراني متأكداً من هذا.

وكان الأجدر أن أسألك منذ البداية عن أحواله ، ربما لأن الخوف من نتف ريشة ديك ما .. جعل القلق يسري للسؤال عن نتف ريشة أخرى ، و لريش ديك آخر ، الخوف ألّا يَعُد يعني للبعض أن تنتف ريشة من ديك ، ظنا منهم أنها مجرد نتف اعتيادي .. وليس لها ما بعدها.

يستيقظ كل منا وفي جنباته ديك.

ديك خُلِق ليؤذن للفلاح ، وللفجر ، وينادي للشروق أن أقبِل ، وللنهار أن يأتي.

الديك في ضمائرنا يعلو .. ويلامس السماء بندائه ، الديك الذي يؤذن لإيقاظ همم البذل ، والغيرة ، والخوف على من حولنا ، والتشبث بأصل المبادئ ، وطائلات القيم.

هذا الديك لا يود أن يَغُضَّ الطرف عن استغاثته الأولى أن جُزَّت أول ريشة منه ، فخاف أن تُجَزَّ الثانية ، فصرخ وتردد الصّياح ، لكنه كان في الأعماق .. ربما سمعناه فقالت عبارة في ألسنتنا : هي ريشة .. لا بأس هذه المرة.

لم يصل نداؤه إلّا لمكان قريب ، فماتت الصرخة الأولى ، ولم تجد لها من مجيب .. ما زالت الريشة الثانية لم تمس ، لكن الديك بات الخوف يوقظه ، دارت في ذاكرته قصة زميل له ، تداولها الناس ، وكان يسمعها وهو في ضمائرنا ، لكنه بات يشعر أن الناس نسوها ، تناسوا أن ملكاً كان يتجول في مزرعته ، فمر على ديك ، وأمره ألا يصيح عند الفجر ، فأنكر الديك الطلب ، وقال أنه يؤذن للناس ويوقظهم للفجر والعمل ، فرد عليه الملك غاضباً : إن لم تفعل فسأذبحك ؛ ففكر الديك ووافق الملك على طلبه ، وبعد مرور شهر من الزمان أرسل الملك للديك أمراً بأن لا يسكن في الأماكن المرتفعة ، وأن يظل مع الدجاج في مستوى سطح الأرض يرعى بصحبتهن ، غضب الديك ، لكن الرد جاءه مباشرة بأنه إن لم يفعل فسينتف ريشه ويُعَلَّق في الساحة حتى يموت ، فامتلأ الديك خوفاً ، ووافق على الطلب ، ورأى أن تنازلاً بسيطاً خير من فقدان حياة ، ومرت الأيام ، وجاء الملك متجولاً في حديقته ، ورأى الديك ذاته مرة أخرى ، فناداه الملك آمراً أن يبيض كالدجاج وإلا ذبحه !!.

رجع الديك بذاكرته الأولى ، حين قُدِّم للذبح لأنه لم يَبِض ، وقال : ليتني ذبحت وأنا أؤذِّن للناس.

‫2 تعليقات

اترك رداً على يوسف البادي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى