بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

بين الأمن والأمان .. منذ أكثر من مئة عام!!..

الدكـتـور / محـمـد المـعـمـوري

 

 

بين الأمن والأمان .. منذ أكثر من مئة عام!!..

 

منْ حقنا نحنُ منْ ” ننطقُ ” العربيةُ ونعيشُ في ربوعٍ (الوطنُ العربيُ) أنْ نخشى الغدُ ونحسبُ حسابهُ ، عندما نتذكرُ المئةُ عامِ التي مضتْ منْ عمرِ الأمةِ العربيةِ وهيَ تكونُ كياناتها الجديدة  في أبشعِ صورةٍ منْ صورِ التقسيمِ والتفرقةِ لتكونِ ما شاءَ اللهُ منْ أقطارٍ عربيةٍ تجمعهمْ لغةٌ واحدةٌ وثقافةُ واحدةٌ وتفرقهمْ حدودٌ وسياساتُ وأيديولوجياتُ مختلفةٌ حتى أصبحَ المواطنُ العربيُ محددٌ في رقعتهِ الجغرافيةِ ويمكنُ لهُ أنْ يتنقلَ بينَ أقطارِ الأمةِ العربيةِ ولكنْ “بشقِ الأنفسِ” ، وقبلُ هذا التقسيمِ منذُ أكثرَ منْ مئةِ عامِ دخلِ الاستعمارِ بحجةِ أنهمْ محررينَ غيرَ فاتحينَ “وجثموا” في أرضِ العروبةِ أعوام وأعوام دمروا حضارتها واغتصبوا ثقافتها ونالوا منْ شرفِ وحدتها فمزقوا ثوبَ “سترها” وهتكوا كرامتها ، وبعدِ كلِ هذا منحوا لها “مكرمَة” فوهبوها تصريحا علي تفرقها فاعترفوا بأقطارها كبلدانِ وبحدودها كجبالٍ تمنع أبنائها منْ تجاوزها ، وتبدأَ بعدَ ذلكَ رحلةَ التحررِ منْ الاستعمارِ والأنظمةِ الأجنبيةِ لتنالَ الأمةُ العربيةُ استغلالها بالكاملِ عامَ 1971 بعدَ أنْ تمَ استغلالُ آخرٍ دولةٍ عربيةٍ (البحرينُ) في هذا العامِ ، ولكنْ ورغم أنَ الدولَ العربيةَ جميعها اعترفَ بها ككيانات عربيةٍ ضمنَ الوطنِ العربيِ إلا أننا ورثنا منْ أجدادنا الخوفَ والهلعَ وعدمِ الاستقرارِ إلى يومنا هذا مرةً منْ حاكمِ طاغيةِ وأخرى منْ تدخلٍ خارجيٍ وثالثةٍ منْ كياناتٍ متطرفةٍ ورابعةٌ منْ حصارٍ اقتصاديٍ أوْ وباءٍ يقتلُ الناسُ بشكلٍ جماعيٍ أوْ تهديدٍ بهلاكهمْ ، أوْ انخراطٍ في طريقِ اتجاههِ واحدٍ نحوَ مستشفى الإدمانِ أوْ في تربةٍ باردةٍ لندفنَ بها أعزُ ما نملكُ منْ جراءِ السمِ الأبيضِ (المخدراتُ) ، ولذلكَ كانتْ أغلبَ البلادِ العربيةِ تبحثُ عنْ الأمنِ لتأمنَ العيشَ الأمنَ لا بنائها وتركضُ مسرعةً نحوَ الرغيفِ المرِ لتوفرهِ لشعبها وتتسارعُ الخطى نحوَ جبهةٍ لتردٍ كيدِ أعدائها وكانَ أبناءُ العروبةِ كتبَ عليهمْ أنْ يعيشوا بينُ مدٍ وجزرٍ وبينَ خوفٌ وألمٌ وبينَ تحسبُ وترقب وبينَ ألمٌ وأملَ وبينَ نارُ وجنهُ وبينَ سؤالٌ ولا جواب وبينَ محنةً ولا فرجْ ، وهكذا كانَ حالهمْ رحلةً وترحال للبحثِ عنْ الأمنِ ليجدوا الأمانَ فضاعَ الأمنُ وانتهكتْ أركانُ الأمانِ ، ولمْ يحظوا بقسطٍ بسيطٍ منْ الأمانِ.

حروبٌ ، هجرةٌ ، لجوءٌ ، فقرٌ .. هذا حالُ أغلبِ أبناءِ الضادِ.

ما هوَ الأمنُ ؟؟ ولماذا الأمانُ ؟؟.

سؤالُ لهُ إجاباتُ عدةٌ عند كل جواب ، تنتهكُ فيهِ كلُ علاماتِ الاستفهامِ لتسحقَ أمامهِ علاماتُ التعجبِ في لغةِ الضادِ فتسيرُ في خطيٍ ليسَ لها أثرٌ وكأنها تبني تلكَ الخطى على كثبانِ منْ رمالٍ متحركةٍ تتنظرْ هبَ ريح ليتلاشى كلُ شيءٍ ، وهذا حالُ أغلبِ بلداننا العربيةِ.

زمنٌ للبناءِ والتعميرِ والازدهارِ والتكوينِ الذاتيِ للمجتمعِ والوطنِ ، وايام قليلة ينسفُ فيها كلَ البناءِ لتتحدى العلاماتِ في أماكنها ويسجنُ الوطنُ في قفصٍ في سيلِ منْ الاتهاماتِ ويكونُ الوطنُ متبرأْ منْ مواطنيهِ فيجلد المواطنُ أما بسوطِ حاكمةِ أوْ بسوطِ احتلالٍ يضيقُ بهِ الصدرُ فتنتزعُ منْ بينِ جوانبهِ الأحشاءُ لتمزقِ الروحِ في أشلاءِ الجسدِ فيندثرُ بعدها كلَ أملٍ في الأمنِ والأمانِ.

وعودةُ إلى ما بدأنا منْ سؤالٍ ، لماذا الأمنُ وماذا الأمانُ .. أغلبنا يعلمُ أنَ الأمنَ هوَ عنوانُ الشعوبِ المتقدمةِ المتطورةِ ، والكثيرُ منا يعي ما سيحققهُ الأمنُ للأوطانِ ، فإنَ الأمنَ هوَ مرتكزُ الاقتصادِ الذي تنشأُ على أركانهِ السياساتُ الاقتصاديةُ الصحيحةُ لتكونِ الأرضِ الخصبةِ لاستقطابِ الاستثمارِ سواءٌ كانَ الداخليُ أوْ الخارجيِ ولتعيدْ في إطارهِ السبلَ الصحيحةَ لبناءِ الشعوبِ ومنْ ثمَ تكوينُ الأوطانِ وفقَ النظرةِ السياديةِ التي تضمنُ العيشَ الرغيدَ للشعوبِ وتنطلق منْ خلالها للأفقِ نحوَ التقدمِ وامتلاكِ ناصيةِ العلمِ والتطورِ متداركةٌ في كلِ خطوةٍ منْ خطاها السبلَ الصحيحةَ للحفاظِ على الأمنِ الذي هوَ مفتاحُ النجاحِ الاقتصاديِ وتطورِ الشعوبِ ومنْ الأمنِ والاقتصادِ تتكونُ السياساتُ الداخليةُ والخارجيةُ للأوطانِ فطالما كانَ الأمنُ في قمتهِ كانَ الاقتصادُ في تطورهِ ومنْ ثمَ تكونُ لسياسةِ الأوطانِ حضورها وتأثيرها بينَ البلدانِ والأهمّ منْ هذا بناءُ المجتمعِ المتطورِ وفقَ الأمنِ ليخلقَ الأمانُ للأوطانِ وبالتالي تكونُ شخصيةُ الشعوبِ متكئةٌ على جبلِ اسمهِ الأمنِ ليوفرَ لهمْ الأمانُ والعيشُ الرغيدُ في بلدانهمْ . لذلكَ أغلبَ بلداننا العربيةِ رغمَ وجودِ المالِ والثرواتِ التي وهبها اللهُ سبحانهُ وتعالى لتلكَ الشعوبِ في أوطانِ العربِ إلا أنها لنْ توفرَ لهمْ الغطاءُ الأمنُ لتجنبِ تشتتِ الوطنِ وضياعِ الشعوبِ بينَ البلدانِ فيبقى الأمنُ هوَ مفتاحُ الأمانِ ويبقى الأمنُ هوَ الجانبُ الأكثرُ رسوخا لبناءِ الاقتصادِ المتينِ وتطورِ الأوطانِ.

ولوْ سألنا أنفسنا .. لماذا الأمنُ مفقودٌ ولا زلنا نبحث عنْ الأمانِ ؟؟..

‫2 تعليقات

اترك رداً على سليم عزوز إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى