بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

التقاعد عالم جميل .. (تجربتي الشخصية مع التقاعد)..

الكاتب/ أ. عصام بن محمود الرئيسي

مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت الوظيفي

 

التقاعد عالم جميل .. (تجربتي الشخصية مع التقاعد)..

 

الخوف من قول : “وداعاً” للعمل، عبارة  قد تقلق البعض، ويصعب عليهم نطقها بكل أريحية،  فهل هو خوف غير معلن من القادم المجهول وبالتالي يصعب علينا أن نصرّح به لأسباب لا نريد لأحد الاطلاع عليه ؟! .. أم هو مجرد شعور طبيعي يمكن تجاوزه في الشهور الأولى بعد التقاعد ؟ .. أم هي مشاعر معقدة نوعا ما ويصعب التعامل معها ؟!.

سوف أجتهد للإجابة غير المباشرة على هذه التساؤلات من خلال هذا المقال المتواضع، وطبقاً لتجربة شخصية لم تتعدَّ العام .. إلا أنني أيضا سوف أختصر حديثي للموضوع لأترك لكم أعزائي القراء المجال لإبداء الرأي من خلال مداخلاتكم المثرية، وتجربتكم في هذا الجانب وذلك في موقع صحيفتنا الرائعة صحيفة أصداء الالكترونية.

من خلال تجربتي كنت أنظر مبدئياً إلى موعد تقاعدي بشيء من الحذر، وبخوف مجهول، وأربطه بعدة جوانب منها الجانب المادي، والمعنوي، والأسري، وجانب التغيير القادم، وأسأل نفسي كيف سأتعامل مع هذا التغيير إيجابيا؟!، واكتشفت أنني أبالغ بالقلق بشأن أشياء لم تظهر بعد، أو ليس لها وجود في الواقع أصلا، وقد تكون هذه الأشياء مستقبلية، أي أنها لم تحدث أمامي، وكأنني أسابق الزمن من أجل أن أكتشف ذلك المجهول، وأرهق نفسي بالخوف والقلق بدون أي داع، وتيقّنت بعد ذلك أنه مجرد قلق، وضرب من خيال، يجب إزالته من تفكيري تماماً.

كنت أشارك زملاء لي في الإحساس ومشاعرنا نحو التقاعد، وتأكد لي بأن هنالك بعض الزملاء أيضاً يخشون تقاعدهم، لأنهم يرون أنه علامة على انتهاء دورهم في المجتمع، لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة، فإذا بذلنا القليل من الجهد وأضفنا القليل من التنوع في حياتنا، فسوف ندرك عدد الفرص الرائعة التي تنتظرنا بمجرد التقاعد، قد يكون التغلب على هذا الخوف أمراً صعباً، ولكن في الوقت نفسه الأمر يستحق كل هذا العناء حقًا، لذلك لا تستسلم، (المكافأة دائمًا على الجانب الآخر من الخوف كما يقولون)، ومصطلح التقاعد فرضته أنظمة العمل متقاعد أو غير متقاعد، لكنه ليس حكماً على الإنسان بالجمود، ولا منعاً له من العطاء في ميادين أخرى.

لقد صنفت ذلك القلق من خلال الآتي :

  • الخوف من نقص المال.
  • الخوف من أن أترك وحيدا.
  • الخوف من تغير نمط غير مقبول للحياة.
  • الخوف من القادم المجهول.

كنت أستذكر بعض المهارات التي كسبتها من العمل والخبرة التراكمية كمعرفة، وهذا الاستذكار يلهمني بإحساس جميل بأن القادم أجمل، وأقول سوف أعمل على تلك المهارات، لتكون نقطة انطلاقي إلى مسار وحياة جديدة، وتكوين صداقات جديدة أيضا، حيث  كنت على يقين بأن علاقتي ببعض الأشخاص سوف تتقلص، وأشير هنا الى زملاء العمل، وحتى من خارج بيئة العمل، والتي تربطني معهم علاقة غير مباشرة بحكم مهام المؤسسة، حيث من المسلّم به بأنه بعد دخولك فترة التقاعد سوف ينصرف عنك العديد من الأشخاص، وهذا أمر طبيعي جداً، كون أولئك الأشخاص يتواصلون معك بحكم العمل وتنتهي علاقتك بهم مباشرة عند ذهابك للتقاعد ويبقى البعض منهم.

هذا الأمر يجب أن نتعامل معه بكل تقبل ويجب أن لا يؤثر على مشاعرنا ونظرتنا الى أخوة لنا عملنا معهم معاً في بيئة ملؤها التعاون والتعاضد؛ من أجل تحقيق أهدافنا، وأهداف المؤسسة بشكل عام، والوطن أجمع.

وفيما يلي مجموعة من الأفكار السريعة والمفيدة لكل من ينضم إلينا الى كوكبة المتقاعدين الرائعة :

  • استثمر وقتك الجديد، وتطوّع لخدمة المجتمع، وخطّط لحياة التقاعد بكل إيجابية.
  • استفد من خبراتك السابقة، والمهارات التي تمتلكها وانقلها الى الآخرين.
  • سدّد مديونياتك إن أمكن، أو خفّف البعض منها.
  • خفّف من إنفاقك، وعش وفق إمكانياتك، وضع الأولويات في الإنفاق، وشارك أفراد الأسرة في ذلك.
  • استمر بالادخار، ولو بالقليل.
  • إبحث عن أصدقاء جدد، وأسّس معهم شبكة اتصال، واختر الإيجابيّين، ومن تحب منهم.
  • مارس الرياضة، واهتم بالعبادات وقراءة القرآن الكريم وتدبره.
  • إقرأ الكتب واطّلع على ما هو جديد، واكتب السيرة الذاتية الخاصة بك، ووثق إنجازاتك، ومواقفك الجميلة إبّان خدمتك.
  • ضع برنامجاً للزيارات العائلية، والأصدقاء خاصة القدامى منهم.
  • استثمر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل نشر خبراتك للجميع.
  • طوّر من «المهارات الحياتية» للتعامل بشكل فعّال مع تحديات الحياة.

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي.. 

 

‫16 تعليقات

  1. شكرا جزيلاً أستاذ عصام على مقالك الهادف، من وجهة نظري ان للأسرة دور كبير في تنظيم وقت المتقاعد حديثاً ونتمنى في مقالك القادم أن تشير إلى هذا الدور المهم من الأسرة.

    1. شكرا جزيلا أم عمار على مرورك الكريم .. اتفق معك بأن للأسرة لها دور كبير في مساعدة وامتصاص ما يمكن أن يتعرض اليه المتقاعد وكذلك في تنظيم وقته بدون أن يسبب أي مشاكل أو ارباك في نسيج العائلة .. مقترح رائع للمقال القادم بأذن الله .. تحياتي ..

    1. شكرا لك أخي وعزيزي عبدالرحيم / بل أراها حياة جميلة ومن نواحي عده أنها حرية وانطلاقا للبحث والإبداع من خلال تجربتي الشخصية المنظمة .. سعدت جدا بمداخلتك

  2. وفقت أبا عبدالله كما هو حالك دوما بمشئة المولى عز وجل في تشخيص الحالات النفسية لأغلب المتقاعدين. كما ان نصائحك فهى قيمة ليس للمتقاعدين فقط بل لجميع العاملين حيث وضعت بين أيديهم خطة عمل ممتارة سيجنوا ثمارها بأذن الله تعالى أذا طبقوها. بارك الله فيكم ولكم أخي العزيز وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ونسأله تعالى أن يوفقكم ويعينكم في أخراج المزيد من هذه المقالات القيمة.

  3. بسم الله الرحمن الرحيم.
    أنا أيضا سأحال على التقاعد ابتداء من شهر شتنبر 2021, و أنا أشاطرك الموقف في كل ما جاء في مقالتك الطيبة.
    إن التقاعد ليس نهاية، بل هو بداية لحياة إيجابية مضمونة النتائج، و هو فرصة لإنجاز كل ما كان يتعذر عليك إنجازه سنوات ارتباطك بمهامك الرسمية، الآن لك ما يكفي من الوقت لكي تحقق كل تطلعاتك، حتى و لو لم يكفك الوقت فلا تضجر ، فغدا سيكون عند مزيد من الوقت لإتمام مابدأت من عمل دون أن يلومك رئيسك أو أي كان.
    عش أيامك و تذكر أنك بإمكانك تحقيق كل آمالك مادمت حيا.
    نعم للتقاعد الإيجابي، لا للتقاعد الذي يبعث على التقاعس.
    ختاما، إن تقاعدي الذي بدأت به كلامي في هذه المقالة، تقاعد اختياري، أي أنني اخترت التقاعد قبل السن القانوني، و جاء هذا الاختيار لأعطي فرصة التوظيف لشباب لا زالوا في بداية مشوارهم كي يبنوا أسرهم و يحققوا آمالهم؛ هذا من جهة ، و من جهة أخرى كي أستمتع أنا بنعمة التقاعد لمدة أطول إن شاء الله.
    و السلام عليكم.

    1. نعم اخي العزيز عبدالرحمن اهلا وسهلا بالتقاعد الايجابي .. إضافة ومداخله رائعه بحق .. سلمت اناملك .. لقد سعدت جدا بهذه الإضافة الايجابية فعلا .. لك كل التحيه بل واجملها

  4. مقال مهم وندرك جميعا أهمية التقاعد في قضاء أوقات ممتعة مع العائلة، وزيادة مساحة القراءة.. الأفكار التي ذكرتها في غاية الأهمية ونأمل التوفيق للجميع.

  5. مقال في غاية الأهمية وندرك جميعا أهمية التقاعد في قضاء أوقات ممتعة مع العائلة، وزيادة مساحة القراءة.. الأفكار التي ذكرتها في غاية الأهمية ونأمل التوفيق للجميع.

    1. بسم الله الرحمن الرحيم.
      أنا أيضا سأحال على التقاعد ابتداء من شهر شتنبر 2021, و أنا أشاطرك الموقف في كل ما جاء في مقالتك الطيبة.
      إن التقاعد ليس نهاية، بل هو بداية لحياة إيجابية مضمونة النتائج، و هو فرصة لإنجاز كل ما كان يتعذر عليك إنجازه سنوات ارتباطك بمهامك الرسمية، الآن لك ما يكفي من الوقت لكي تحقق كل تطلعاتك، حتى و لو لم يكفك الوقت فلا تضجر ، فغدا سيكون عند مزيد من الوقت لإتمام مابدأت من عمل دون أن يلومك رئيسك أو أي كان.
      عش أيامك و تذكر أنك بإمكانك تحقيق كل آمالك مادمت حيا.
      نعم للتقاعد الإيجابي، لا للتقاعد الذي يبعث على التقاعس.
      ختاما، إن تقاعدي الذي بدأت به كلامي في هذه المقالة، تقاعد اختياري، أي أنني اخترت التقاعد قبل السن القانوني، و جاء هذا الاختيار لأعطي فرصة التوظيف لشباب لا زالوا في بداية مشوارهم كي يبنوا أسرهم و يحققوا آمالهم؛ هذا من جهة ، و من جهة أخرى كي أستمتع أنا بنعمة التقاعد لمدة أطول إن شاء الله.
      و السلام عليكم.

اترك رداً على عصام الرئيسي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى