مقالات وآراء

عـقـدة المـدراء من الآيـزو !!..

الدكتور المهندس/ محمد المعموري

 mohmus94@yahoo.com

 

عـقـدة المـدراء من الآيـزو !!..

 

ولله المثل الأعلى فإننا نتعلم من كتابه العزيز ما يجعلنا نبجل تلك الادارة الربانية المبنية على العلم والتعلم واسس العدل ، الله سبحانه وتعالى وهو الخالق العظيم اذا اراد شيء ان يقول له كن فيكون واذا قضي امرا فلا راد لقضائه ، عندما خلق ادم جمع الملائكة وبين لهم مراده من خلق ادم وكان يريد ان يستمع لآرائهم ويبين لهم علمه ودرايته في خلق ادم وقصور عقلهم ومحدودية تفكيرهم الا انه لم يجبرهم على تقبل رايه سبحانه الا بعد ان اسقط حجته عليهم فانصاعوا لأمره سبحانه و اقتناعهم وموافقتهم الراي الا ابليس وهذا الحال ينبئنا أولاً بمعاملة الله سبحانه وتعالى في طرح الراي وقبوله من خلال ما يقدمه من حجه يقنع بها عباده، وثانيها سيبقى نفر ضال يركب الهوى “المعاند” وإن جلب له الدليل ، وهذا حالنا في الدنيا.

إن روعة المحاورة بين رب العزة والملائكة تبين لنا تلك المعاملة الراقية في الديمقراطية والأخذ بآراء الجميع .. قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً * قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ * قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾؛ أي حوار ديمقراطي راقي بين الله تعالى وملائكته ؟! وهل كان الله سبحانه وتعالى محتاج الى أخذ رأي ملائكته بهذا القرار ؟!..

وحتى عرض الأمانة على الكائنات عرضها رب العزة بشكل اختياري فاختارها الإنسان وأعرضت عنها باقي الكائنات قوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً).

أما الإنسان فقد خيّره الله بين الجنة أو طريق النار بعد ان وهب له العقل الذي تميز به عن باقي خلقه و بعد ان انزل سبحانه شريعته واحكامه من خلال رسله فانه سبحانه جعل اختيارنا لقرار أخرتنا في أيدينا وتجسد ذلك في قَوْله تَعَالَى (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ).

ولو اردنا ان نتعمق في الحكم الإلهي ومعاملته لعباده لوجدنا اننا نسير بإدارة رحيمة تسمى اليوم “حقوق الانسان” و “الديمقراطية” و “إدارة الجودة” .. وإدارة الجودة التي تصدع دماغنا فيها ويسعى الجميع للاشتراك في مفاهيمها والخوض في متطلباتها لتحسين اداء فعالياتهم الانتاجية او قيادتهم الفردية دون ان ينتبهوا انها موجوده مع خلق الكون ، ولكننا نمر عليها دون نتدارك معانيها ودون ان نسعى لتطبيقها في مفردات حياتنا لنرتقي بها في العمل والبيت وفي كل سبل الحياة .

فكان سبحانه “وله المثل الأعلى” خير من طبق تلك المفاهيم على خلقه من الكائنات (الانسان والجماد والحيوان والنبات).

نعم خلقنا الله على شريعة التسامح وسماع بعضنا البعض وإبداء الرأي وتصحيح المسارات الخاطئة لنرتقي بوجودنا في الحياة ولنكمل رسالتنا بأحسن حالة وأتم وجه.

لقد سعت الشركات العالمية للحصول على شهادة الايزو وقد ازداد اهتمام الشركات في الوطن العربي بالحصول على تلك الشهادات مع بداية القرن الحالي حيث اصبحت الشركات تخضع لمتطلبات المنظمة القياسية العالمية (الآيزو) ، الا اننا لاحظنا من خلال الاستبيانات التي نجريها بين فترة واخرى (لإتمام بحوثنا) او من خلال تواجدنا في الوظيفة في بلادنا او في بعض البلدان العربية ، لاحظنا عدم التزام “المدراء” في تطبيق متطلبات (الآيزو) والجنوح نحو اجتهاداتهم في إدارة منشآتهم وعدم  التزامهم بمتطلبات تلك المنظمة.

إن متطلبات الآيزو تحدد المسار الصحيح لإدارة المنشاة ، إدارة الفريق الواحد مبتعدة عن الادارة الفردية التي ينتهجها المدراء في ادارة منشاتهم الا ان المدراء في الوطن العربي تأخذهم الحمية والعزة في تطبيق تلك المفاهيم في ادارتهم ، ويلاحظ ان الروتين هو العائق الاساسي الذي يفصل بين الموظفين ومدرائهم او انه الوسيلة الاكثر ضرر في عدم انجاز اعمالهم بالسرعة المطلوبة  وباقل التكاليف.

إن سبب عدول المدراء بعض المنشآت العربية عن تطبيق المفاهيم الاساسية للآيزو ناتج عن الارث الكبير الذي خلفته الادارة المترهلة في الوطن العربي ،حيث بنت أسس العمل على القيادة الفردية واسست ثقافة اتخاذ القرار وعدم الرجوع به وكذلك ابراز الدور المهم للمدير الذي له السلطة المطلقة داخل دائرته وعدم وجود الرقابة الفعلية على عمل المدراء جعلهم (بعضهم) يتصرفون بروتين يتخذونه سبيلا لإدارتهم ونهجا خاصا بهم.

إن عقدة تطبيق متطلبات الآيزو في إدارة الشركات وعدم تتبع تطبيقها بشكلها الصحيح ناتج عن تسويف المدراء لتلك المتطلبات وعدم رغبتهم في تطبيقها لأنها تفقدهم التفرد في الإدارة.

‫2 تعليقات

اترك رداً على المهندس رياض الغريري إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى