حكومة كازاخستان مصمّمة على تعزيز التعاون مع المجتمع المدني..

السفيـر/ أوسيـن سليـمان
سفير في وزارة خارجية كازاخستان
حكومة كازاخستان مصمّمة على تعزيز التعاون مع المجتمع المدني..
تحتفل كازاخستان في هذا العام بذكرى بمرور ثلاثين عاماً على الإستقلال؛ حيث أنها قطعت شوطًا طويلًا على مدى العقود الثلاثة الماضية.
لقد نما اقتصاد كازاخستان بشكل كبير وتغيرت الحياة السياسية في هذه الأيام بشكل كبير مقارنة بالأيام الأولى من الإستقلال.
ومن أهم عناصر التقدم في كازاخستان نمو المجتمع المدني وهو الزيادة في عدد المنظمات غير الحكومية، ففي أوائل التسعينيات لم تكن في كازاخستان سوى 400 منظمة غير حكومية، واليوم الوضع مختلف تمامًا، فقد ازداد عدد المنظمات النشطة غير الحكومية المسجلة في كازاخستان إلى 40 ضعفا ليصل إلى حوالي 16000 منظمة وأكثرها موجهة إلى دعم الفئات الضعيفة في المجتمع ودعم القضايا المتعلقة بحماية الحقوق ومصالح المواطنين والمنظمات المشروعة لديهم.
إن هذه الديناميكية في المجتمع المدني المتقدم تعتبر من أسس الدول الحديثة والنامية، وهي توفر منصة للمفاوضات الفعالة، فضلاً عن أنها تُقَرّب بين ممثلي الحكومة وفئات المجتمع.
ولذلك، تواصل حكومة كازاخستان على الدعم النشط للمنظمات غير الحكومية بما في ذلك الدعم المالي، ففي عام 2020 تم تقديم منح مالية بقيمة 1.8 مليار تنجة (أكثر من 4.3 مليون دولارًا أمريكي)، وكان معظم التمويل موجه إلى دعم المشاريع المتعلقة لصالح الأطفال والشباب ونمائهم، في حين خصص نحو 305.4 مليون تنجة (000 740 دولارًا) لتعزيز تنمية المجتمع المدني وزيادة أنشطة المنظمات غير الحكومية.
ورغم تقدم المجتمع المدني فإننا ندرك ضرورة مواصلة توسيع حيز المجتمع المدني لتتمكن المنظمات غير الحكومية النمو.
لذلك، تولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا منذ عام 2003، حيث تعقد بانتظام في عاصمة كازاخستان منتدىً مدنياً ومنصةً لضمان الحوار بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية، فمن إنجازات المنتدى المدني التاسع الذي عقد في شهر نوفمبر الماضي عقد 12 اجتماعاً بين مسؤولي الوزارات وممثلي المنظمات غير الحكومية، وخلالها ناقش المشاركون الاتجاهات الرئيسية لتنمية المجتمع المدني، ومشاركة المواطنين في إصدار القرارات الحكومية، وآليات وفرص متابعة الشعب للعمل الحكومي، وغيرها.
لقد ازدادت أهمية المنصة إلى حد كبير مع إعلان رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف عن مفهوم “الدولة التي تستمع إلى شعبها” الذي يركز تركيزًا قويًا على تعاون الحكومة مع المجتمع المدني.
إن نشاط المنصة مهم جدًا، لأن من خلاله يتم مناقشة تحديد المشاكل النظامية، ويتم العمل مع المنظمات غير الحكومية الكازاخية والدولية لإيجاد الحلول المشتركة.
ومن الأمثلة التي استعرضتها منصة الحوار وأسفرت عن اعتماد قوانين تشريعية جديدة، هو القانون المُحدَّث بشأن التظاهرات السلمية في كازاخستان، حيث إن التغيير الرئيسي من العام الماضي هو أن المنظمات غير الحكومية أو المجموعات الأخرى التي ترغب في إجراء التظاهرات يحتاج فقط إلى إبلاغ السلطات المحلية قبل خمسة أيام بدلا من الطلب للحصول على تصريح للتظاهرات، وفي العام الماضي تم إلغاء المادة 130 من القانون الجنائي بشأن التشهير، وكِلَا الموضوعين كان يتم مناقشتهما بانتظام في اجتماعات منصة الحوار.
إن أهمية المنصة أصبحت واضحة من بداية هذا العام، عندما أثار أعضاء المجتمع المدني مسألة تعليق عدد من المنظمات غير الحكومية بعد التفتيش من قبل السلطات الضريبية، وفي الاجتماع الذي عقد في 26 يناير 2021 تم توصية المنظمات المعلقة بأن تتقدم بطلب استئناف القرار إلى السلطات الضريبية العليا، وأكد نائب رئيس الوزراء – وزير الخارجية في جمهورية كازاخستان مختار تيلوبيردي أنه سيتابع هذه المسألة.
وبعد أسبوع فقط، نتيجة العمل والفحص مع السلطات الضريبية أسقطت في 3 فبراير جميع التهم الموجهة إلى المنظمات غير الحكومية، وألغي قرار تعليق أنشطتها، وهذه المسألة برهنت على أهمية وجود قنوات الإتصال بين الحكومة والمجتمع المدني، فبدون منصة الحوار والمفاوضات المفتوحة بين المجتمع المدني والحكومة فربما كانت قضية تعليق المنظمات غير الحكومية لم تجد لها حل، ومما لا شك فيه أنه ينبغي لنا أن نستنبط الدروس من هذه القضية، وأقول بثقة تامة إن التعاون بين المجتمع المدني وحكومتنا أصبح ملموسًا وممارسًا.
بالطبع، لن نتوقف عند هذا الحد، فقد أقر فخامة الرئيس في العام الماضي مفهوم تنمية المجتمع المدني في كازاخستان حتى العام 2025، ويهدف المفهوم إلى تعزيز نظام التعاون بين الدولة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، والمساعدة في الإصلاحات السياسية والتحديث، وأعتقد أن لدينا الأساس المتين للمضي قُدمًا في هذا الاتجاه.












