بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

ما وراء الميزانية العامة للدولة..

الدكتور/ محمـود بن عـلـي الوهـيـبي

 أستاذ مساعـد بقسم إدارة الأعمال

 الجامعة العربية المفتـوحة

 

ما وراء الميزانية العامة للدولة..

 

تعتبر الميزانية العامة أداة من أدوات التخطيط المالي التي تنفذ من خلالها السياسة المالية (Fiscal Policy) لأي دولة، وتعتبر السياسة المالية أحد أهم المحركات في الاقتصادات الوطنية بحكم أنها تتحكم في كل من الإيرادات العامة بمختلف أنواعها كإيرادات الموارد الطبيعية والضرائب والجمارك والرسوم، وسبل إنفاقها في جوانب مختلفة تتلخص في النفقات الجارية والنفقات الرأسمالية والنفقات الإنمائية. لذلك، يتم إعداد الميزانيات العامة بعناية فائقة بُغية تحقيق عدد من الأهداف على رأسها تحقيق نمو اقتصادي، وعندما نقول عناية فائقة فيعزى ذلك إلى الفرضيات التي يتم على ضوئها بناء التقديرات لكل من الإيرادات والنفقات العامة.

وبالاطلاع على الأدبيات الخاصة بالسياسة المالية فنجدها تصنف هذه السياسة إلى جزئين مختلفين، وهما: السياسة المالية التوسعية (Expansionary Fiscal Policy) والسياسة المالية الانكماشية (Contractionary Fiscal Policy). لذلك وجب على المراقبين للوضع الإقتصادي فهم هذه المصطلحات للتنبؤ بالتوجهات الحكومية حول دفع عجلة الإقتصاد الوطني، فبالنسبة للسياسة المالية التوسعية فالمراد بها دفع المؤشرات الإقتصادية لخلق نمو تصاعدي متواتر من خلال زيادة أوجه الإنفاق المختلفة وخفض الضرائب والرسوم العامة. أما السياسة المالية الانكماشية فالمراد بها خفض بعض المؤشرات السلبية كالتضخم وزيادة الأسعار من خلال زيادة الضرائب والرسوم وخفض الإنفاق العام.

وبالنظر إلى السياسة المالية لسلطنة عُمان فنجدها في توسع مستمر منذ بدء النهضة المباركة، فعلى سبيل المثال بلغت قيمة الإيرادات العامة في الخطة الخمسية الأولى (1976م – 1980م) قرابة 3.31 مليار ريال عُماني مقابل نفقات عامة بلغت 3.26 مليار ريال عُماني بفائض إجمالي وقدره 50 مليون ريال عُماني، وفي الخطة الخمسية الثامنة (2016م-2020م) بلغت الإيرادات العامة قرابة 61.19 مليار ريال عُماني مقابل نفقات عامة بلغت قرابة 67.15 مليار ريال عُماني بعجز وقدره 5,96 مليار ريال عُماني، وبحساب هذه الأرقام فأن نسبة التوسع في النفقات العامة بلغت 1,929% خلال فترة 40 عاماً ما بين الخطة الخمسية الأولى والخطة الخمسية الثامنة. أما الخطة الخمسية التاسعة فقد إنخفض جانب الإيرادات العامة إلى 46.17 مليار ريال عًماني أي بنسبة تغير بلغت -31% عن الخطة الخمسية الثامنة، ولم يطرأ تغير كبير على جانب المصروفات العامة حيث بلغت حدود 64.92 مليار ريال عُماني أي بنسبة تغير بلغت -3% فقط عن الخطة الخمسية الثامنة.

وبالنظر إلى ميزانية الدولة للعام 2023م فإنها تظهر التوجه نحو إعادة التوسع في السياسة المالية بالخطة الخمسية العاشرة حيث بلغت قيمة النفقات العامة بميزانية العام 2021م قرابة 10.8 مليار ريال عُماني بالمقارنة مع قرابة 11.4 مليار ريال عُماني في ميزانية هذا العام، ويمثل هذا الارتفاع نسبة 6% وهي نسبة جيده على المستوى التراكمي في الخطة الخمسية الحالية.

ولما تقدم، فإننا نأمل بأن تحقق ميزانية الدولة للعام 2023م الأهداف التي بُنية عليها والمتمثلة في – لا للحصر – الإستقرار المالي والاقتصادي الذي بدوره سيخلق نمو في كلا الجانبين واستيعاب الباحثين عن عمل والحفاظ على مستوى الخدمات الإجتماعية الأساسية والسيطرة على الديون في الحدود الأمنة ودعم برامج تنمية المحافظات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى