بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

في ذكرى يوم النهضة لسلطنة عمان..

وافـي الجــرادي

صحفي ومحلل استراتيجي يمـني

 

في ذكرى يوم النهضة لسلطنة عمان..

 

في الـ 23 من يوليو من كل عام (يوم النهضة العمانية)، مناسبة وذكرى خالدة، تْحدّق في ثنايا وربيع كل عماني، تُكتب هذه الذكرى بماء الذهب، ذاكرة لا تنسى ولا تمحُها الأحداث أو الأجيال بل تُتقنها وتتذكرها، وتخط على إثرها تاريخاً عريقاً، وفيضاً عميقاً من الاحترام والتقدير والثناء.

تقلّد المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه الحكم في الـ 23 من يوليو من عام 1970م، حينها كانت السلطنة مغمورة بكل متاعب الحياة والمشقة، الظروف المعيشية والاقتصادية شاقة، بلد أشبه بصحراء قاحلة، مواطنوه يتخذون من الهجرة وسيلة وغاية للبقاء على قيد الحياة، ومواجهه عنائها ومُرّها، عُقَد الحياة والعيش تطفو على ثنايا السلطنة، ظروف اقتصادية مزرية، خارطة جغرافية منسيّة تلوثها مآسي وأحزان عدة ، وتتنازع عليها امبراطوريات وقوى استعمارية بغيضة.

لا يوجد شئ يمكن تسميته بالبنية التحتية، فلا الطرق المُعبدّه، ولا المدارس المبنية في كل المناطق كما نراها اليوم، ولا شبكة مياه وكهرباء ممدودة، ولا مستشفيات يتلقى فيها العمانيون العلاج وأبسط الخدمات الصحية؛ كان العماني مهاجراً لم تستوعبة أرضه وكان يعاني من وطأه وأتعاب ومشاق الحياة، ولا شئ يدعو للقول بأن هناك ثمة دولة.

لكن مجريات الحياة والاحداث تغيّرت تماماً منذ تولّي جلالة السلطان قابوس رحمه الله الحكم في البلاد، وشهدت سلطنة عمان انتعاشاً اقتصادياً في السنوات الأولى من حكمة، وعاد الكثير من العمانيين من بلدان المهجر للمشاركة والمساهمة في البناء والتنمية، وازدهرت كل جوانب ومجالات الحياة، ووثقت الكثير من التفاهمات والعلاقات مع بلدان العالم، وأدركت القيادة دورها الهام والأساسي في البناء وتحقيق النهضه لشعبها، وسخرت كل جهودها في إحداث نقلة نوعية والتخلص من وضع اللادولة، فكثفت من أدائها في خدمة التنمية واستغلال الفرص والامكانات، وحينها حققت تحولات هامة اقتصادياً واجتماعياً وتعليميا، وخاضت سياستها الخارجية استناداً لاستقلالية القرار السياسي، وحيادية التوجة، وثقافة الحوار والسلم والأمن الاقليمي والدولي، ولعلّ من الأهمية القول إن السلطنة انتهجت سياسة ثابتة لا تقوّضها الظروف ولا السياسات؛ مفادها ان يحظى العالم بالأمن والاستقرار وأن تعيش كل الشعوب في ازدهار وآمان، وعلى هذا النهج خاض ربان سفينتها السياسة الخارجية، ولهذا كسبت ثقة وامتنان وشكر كل الشعوب، بل وباتت كواحة ومُتنفّس للتواقين للسلام والأمن، وقبلةً للآمان والعيش.

إن ما تحقق لسلطنة عمان بعد أن تقلّد الحكم جلالة السلطان قابوس رحمه الله وعلى امتداد 50 عاماً لنموذج واعد وملهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حوّلها طيب الله ثراه وبفضل إدارته وحنكته وفطنته إلى بلد مُعبّد بمسيرات تنموية، استطاع أن يُثبت لشعبه أن العمل والنهوض والتشييد والبناء نهج قيادته وبلسمها الأغرّ، وأن لا مكان لبقائهم يتضورون المعاناة والمشقة، وأنهم يستحقون الرخاء والبناء والإعمار والعيش بكرامة ورخاء.

لقد كان جلالة السلطان قابوس رحمه الله قائداً عظيماً وفذاً ومخلصاً لوطنه وشعبه ولأمته ورجل دولة، كان سياسياً محنكاً ومخضرماً، رسـّخ مفاهيم القيادة والإدارة والتخطيط في أمتن صوره، كما وأن هذا القائد أوفى لمجتمعه ولمبادئة ولعراقته ولثقافته، فهو آمن بقضايا بلده واهتماماتهم وما يريدونه، وكان نعم القائد والحاكم في زمن لا يجود بمثله، لهذا استحق احترام وتقدير شعبه أولاً ومن بعده كل الأمم والشعوب قاطبة.

لهذا فإنّ القادة العظام ليتركون أثراً طيباً يصعب على شعوبهم نسيانهم، بل يحفرون في قلوبهم وافئدتهم كل معاني الحب والتقدير لهم؛ لهذا يصعب نسيانهم أو طي صفحاتهم البيضاء الناصعة من ذاكرتهم ومن أفئدتهم ومن سجل التاريخ الذهبي.

التحوّل الكبير الذي شهدته سلطنة عمان خلال مسيرة جلالة السلطان الراحل، مثّل نقطة فارقة في تاريخ عمان، حيث إن القفزات العملاقة وعلى كافة الصُّعُد والمستويات أتت أُكلها، وانعكست إيجاباً على مواطني السلطنة، والحكم في عمان وباستقلالية ونزاهة هذا البلد العريق السامي، واستدامة كل معاني الحب والتعاون، وصوت ساكن في عالم تجوبَه الصراعات والاضطرابات هنا وهناك، كما أن السياسة الخارجية المستقلة والمحايدة، وسعيها الدؤوب للوساطة وحلحلة الخلافات والصراعات لسلوك وعهد قطعوه دون زيف او مجاملة أو تزلُّف، ليتوّج هذا البلد وشعبه بالرقي والتسامح والتصالح.

حينما يٌحسِنَ القادة العظام الإدارة، ويجيدون التخطيط والكفاءة، ويستوعبون التطلعات؛ فإنهم يدوّنون تاريخهم بماء الذهب وأزهى.

تأتي هذه الذكرى ولازال الحضور الاقتصادي والسياسي والتنموي لسلطنة عمان يشهد ازدهاراً ونمواً بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق حيثُ خير خلفَ لخير سلف، وواحد من أبرز ثمار قيادتة، ليمضي على خطى ونهج سلفَه في الحكم رغم ما كان يروّجه ويسوّقه ضعافرالنفوس والحاقدون والكارهون؛ لذا فإن هذه الذكرى العظيمة المجيدة لتجعل من العمانيين أكثر صلابةً وقوة وعزيمة وتعاوناً مع القيادة، تزيدهم حرصاً ومتانة في السير دوماً في طود النمو والتنمية والتقدم والازدهار.

فهنيئاً لشعبٍ قيادته عظيمة، ونموذج واعد لكل الشعوب والأمم.
حفظ الله شعب سلطنة عمان الشقيقة وزادهم رخاءً وإزدهاراً وتقدماً، وأمناً وأماناً وسلاما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى