
أثر الذكاء الاصطناعي على القطاع العقاري
عبدالله الراشدي
قبل ما يقارب العشر سنوات ذكرت في إحدى المقالات أن الأمية باتت رهنا بمدى استيعاب أبجديات التقانة وما تفرزها من ابتكارات واختراعات متتالية ومتسارعة، وعلى ما يبدو أن أمية المرحلة القادمة ستقاس بمدى استيعاب أبجديات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتنوعة التي أضحت متغلغلة في شتى جوانب الحياة اليومية.
فلا عجب أن تتسابق الدول والأنظمة الاقتصادية على استغلال واستثمار تلك التطبيقات لتحقيق أهدافها وغاياتها المتنوعة، وكان لا بد أن يكون للقطاع العقاري نصيب من ذلك الاهتمام وإن كانت القطاعات الأخرى كالصناعة والتعليم والطب والهندسة قد سبقته بأشواط.، وبلا شك فالحديث في هذا الجانب يحتاج إلى العديد من المقالات، لذا سأكتفي هنا بذكر نبذة عامة عن تأثير الذكاء الاصطناعي على القطاع العقاري.
وكما هو معلوم فإن هذا القطاع يمثل عصب المنظومة الاقتصادية في أية دولة ولايد للعاملين والمهتمين فيه أن يواكبوا التطورات والمستجدات العالمية المتلاحقة، وقد استثمر العديد من الدول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع العقاري بداية من إعداد التصاميم الإنشائية أو التشييد والبناء وما يتبعها من أعمال الصيغ والديكور وتركيب أنظمة الحماية ومتطلبات الأمن والسلامة وحتى في عمليات التسويق والبيع ومتابعة الحسابات والأمور المالية إضافة إلى خدمات ما بعد البيع وأمور الصيانة والترميم وغيرها.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما نشهده في المدن الذكية التي تعتمد على أتمتة الأنظمة المشغلة للمرافق والخدمات المختلفة، مع توفير عناصر الاستدامة البيئية ولا زالت الشركات العاملة في القطاع العقاري تتنافس في طرح أحدث الابتكارات التكنولوجية في تسابق محموم لرفع جودة المنتجات والخدمات المقدمة سعياً نحو تحقيق المزيد من الرفاهية للعملاء وجذب أكبر عدد من المستثمرين.
وتظهر أهمية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع العقاري من خلال القدرة على تجميع وفرز وتوظيف مجموعة كبيرة من البيانات وترجمتها إلى معلومات دقيقة وإحصائيات واضحة بطريقة تساعد على سرعة اتخاذ القرارات المناسبة، إضافة إلى تسهيل عمليات التسويق والبيع للعملاء بتكاليف وفترات أقل مقارنة بالطرق التقليدية السابقة إضافة إلى خفض التكاليف الإدارية والمالية للعناصر البشرية مما سيشكل طفرة في نشاط الحركة العقارية في المستقبل القريب .
إلا أنه يجب الانتباه إلى المحاذير والمساوئ والسلبيات التي قد تكون ضريبة تلك التطورات والمستجدات،
فقد زادت وتنوعت أساليب النصب والإحتيال، بسبب زيادة قدرة بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي على محاكاة عقلية وتصرفات البشر، بصورة قد يصعب معها التمييز بين الواقعي والافتراضي، ولا زال عدد ضحايا الاحتيال في ازدياد بسبب الجهل بتلك الأنظمة وتطبيقاتها المختلفة.
ختاما، فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعي قادمة وبقوة ولن تنتظر الإذن بالدخول في الحياة العامة أو الخاصة للأفراد، وعلى الجميع أن يكون مستعداً للاستفادة من مزاياها ولتفادي محاذيرها قدر الإمكان ولن يكون ذلك إلا من خلال الاطلاع المستمر وملاحقة تطوراتها المتسارعة، وللحديث بقية.