عُـمانمحليات

المواطنة ودورها في تعزيز وتنمية الهُويَّة الوطنية

صلالة /العُمانية/أصـــداء

تُعدُّ التربية على المواطنة توجهًا وطنيًّا عالميًّا تسعى إليه معظم الدول لبناء الإنسان في مكونات شخصيته المختلفة، وتنشئته على القيم التي يأتي في مقدمتها الحفاظ على الهوية الوطنية والاعتزاز بها، مع الانفتاح على الثقافات الأخرى والتفاعل معها في جو يسوده التسامح والحوار وتربيته على ثقافة الالتزام بالواجبات والوعي بالحقوق واحترام القوانين والأعراف المعمول بها محليًّا ودوليًّا.

وتحرص سلطنة عُمان على تسخير كافة الإمكانات المتاحة للحفاظ على هوية المجتمع العُماني وترسيخ قيمه في نفوس الأبناء، ,غرس قيم المواطنة لدى النشء، والاعتزاز بهويتهم وتاريخ وحضارة وطنهم العريق، وتنمية الجوانب الأخلاقية في نفوسهم.

وتُعدُّ التربية على المواطنة من الموضوعات المهمة التي توليها العديد من الدول اهتمامًا خاصًّا في ظل التطورات المتسارعة في كافة مجالات الحياة، وأصبحت خيارًا وطنيًّا استراتيجيًّا؛ لما تشكّله من دعامة أساسية في ترسيخ الهوية الوطنية والحضارية لأي مجتمع، وما تُسهم به من إعادة التوازن بين ما يواجه الفرد من تغيُّرات على المستويات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

وباتت التربية على المواطنة من أولى اهتمامات الدول ومؤسساتها التربوية، ويشكل موضوع التربية على المواطنة أحد أهم الموضوعات التي يركز عليها برنامج التربية والتعليم التابع لليونسكو (2014) – (2017)، ويُعدُّ مفهوم المواطنة نموذجًا مهمًّا لقياس درجات التطوير والتحديث في المجتمعات بمجالاتها المختلفة.

وتُعدُّ التربية والتعليم في سلطنة عُمان ركيزة أساسية لبناء المجتمع، وتستند في وضع أهدافها ومناهجها على ما يتم استنباطه من (النظام الأساسي للدولة) وفلسفة التعليم؛ تحقيقًا للهدف الشامل المتمثل في صقل شخصية الطالب ليشعر بذاته ويتمكن من أداء واجباته الاجتماعية والوطنية والإنسانية.

وقد أولت وزارة التربية والتعليم موضوع التربية على المواطنة عناية فائقة فسعت إلى تنمية قيم المواطنة وترسيخها في نفوس المتعلمين من خلال تضمين المناهج الدراسية بالمعارف والمهارات المتعلقة بالمواطنة في الصفوف الدراسية المختلفة، كما أنشأت دائرة للمواطنة تختص بوضع الأطر النظرية والعملية للتربية على المواطنة بالتنسيق مع القطاعات المختلفة للوزارة، وكذلك تعزيز قيم المواطنة في البرامج والأنشطة والدراسات البحثية التي تعنى بهذا الجانب.

ومن هذا المنطلق ارتأت وزارة التربية والتعليم إعداد وثيقة مرجعية للتربية على المواطنة تنسجم مع تطلعات سلطنة عُمان ورؤاها المستقبلية لتكون مرجعًا يستند إليه العاملون والمختصون بالتربية على المواطنة، كما تتطلع أن تسهم هذه الوثيقة في إعداد مواطن مسؤول قادر على خدمة مجتمعه، محافظ على ثقافته ومكتسبات وطنه الحضارية في ظل التغيرات المتسارعة في المجالات المختلفة.

وأكّدت الدكتورة وردة بنت هلال البوسعيدية مديرة دائرة المواطنة بالمديرية العامة لتطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم أنّ الوزارة تحرص دائمًا على غرس قيم الانتماء للوطن والولاء للقائد وتعظيم مكانة وتاريخ سلطنة عُمان، وترسيخ قيمها وتعزيز هويتها لدى المتعلمين، من خلال مجموعة من الوثائق والدراسات والمناهج الدراسية التي تستمد مرتكزاتها من الفكر السامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/، ومن النظام الأساسي للدولة، ورؤية عُمان 2040، واستراتيجية التعليم 2040، وفلسفة التعليم.

وقالت إن الوزارة تتبنى أهدافها بمجموعة من المنطلقات أساسها الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان والبيئات العُمانية وثرواتها الطبيعية وتراثها الخالد وتاريخها المجيد، مؤكدة على أهمية غرس قيم المواطنة لدى المتعلمين، والاعتزاز بهُويتهم وتاريخ وحضارة وطنهم العريق، وأهمية موقعه ومكانته بين دول العالم.

وأوضحت أنّ منطلقات وزارة التربية والتعليم في التربية على المواطنة تهدف إلى بناء الشخصية العُمانية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح والتآلف و”رؤية عُمان 2040″، التي من أولوياتها دعم الهوية والمواطنة والتراث والثقافة الوطنية والخطة الاستراتيجية 2040 ومن أهم أهدافها: بناء المجتمع المنتج والمواطن المعتز بهويته والمبتكر والمنافس عالميًّا.

وأشارت إلى أنّ المديرية العامة لتطوير المناهج تضع ضمن أولوياتها في خططها السنوية تضمين المناهج الدراسية قيم المواطنة والمحافظة على المكتسبات والمنجزات الوطنية وإعداد المتعلم وتشكيل شخصيته الإيجابية وتزويده بالمعارف والمهارات المهمة للعمل على بناء وطنه.

واستعرضت بعض الجهود والمبادرات التي قامت بها دائرة المواطنة من خلال الإصدارات التربوية وتنظيم وتنفيذ العديد من البرامج والفعاليات، منها المشاركة في مهرجان خريف ظفار ومشاركة الدائرة في معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته الثامنة والعشرين وكذلك البرامج التدريبية التي تستهدف فيها طلبة المدارس والمعلمين في مجال التربية على المواطنة، إلى جانب المشروعات الطلابية التي يتم تنفيذها في المحافظات التعليمية والتي تشرف عليها الدائرة من خلال فريق المواطنة في المحافظات التعليمية.

من جانبه أوضح الدكتور عادل بن عوض الحضري الخبير التربوي بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار أنّ المواطنة ترتكز على قيم محورية هي: المساواة، والحرية، والحق في المشاركة في إدارة المجتمع والمسؤولية الاجتماعية.

وبيّن أنّ للأسرة والمدرسة والمؤسسات المجتمعية والإعلام دورًا في معرفة طبيعة وخصائص الأبناء حتى تستطيع أن تتعامل معهم بشكل سليم وواعٍ وتحويل الحياة المدرسية إلى نموذج للتطبيقات الديمقراطية، وربطها بالمجتمع الخارجي من خلال برامج الخدمة الاجتماعية، وغرس حب الوطن في نفوس الشباب وتعزيز مفاهيم وقيم المواطنة والانتماء عن طريق البرامج التوعوية والأنشطة التربوية الجماعية والمعسكرات الشبابية، وبرامج الخدمة المجتمعية.

وأشار إلى دور المؤسسات الإعلامية في تأصيل قيم المواطنة والولاء والانتماء للوطن بطرق مبتكرة ومشوقة وبأساليب تربوية مدروسة، وعرض الموروث الثقافي والشعبي بشكل يدعو للفخر والاعتزاز ويحفظ الهوية الثقافية للمجتمع العُماني.

وقال إنّ من مزايا التربية على المواطنة أنها تعيد التوازن بين ما هو محلي وما هو كوني للتخفيف من وطأة قيم العولمة وما ترتب عنها من انهيار للحدود بين الثقافات المحلية والعالمية وما صاحب ذلك من آثار سلبية، وذلك للمحافظة على الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية العُمانية بشكل يضمن الانتماء الذاتي والحضاري للمواطن.

وأضاف أنها ترسّخ الهوية الإسلامية والحضارية للمجتمع العُماني والتمسك بمقدساته وتعزيز الرغبة في خدمته وفي تقوية قيم التسامح والتطوع والتعاون والتكافل الاجتماعي التي تشكل الدعامة الأساسية للنهوض بالمشروع التنموي للمجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى