أهمية المسألة الدستورية..
عـيـسـى بن عـلـي الغـسانـي
مستـشار قانـوني ومحام
أهمية المسألة الدستورية..
يعد الدستور أو النظام الأساسي أو الوثيقة الأسمى أو الكتاب الأول، أو الوثيقة الأهم في كل النظم القانونية، وتشكل المرجع الأول عند سن التشريعات والقوانين واللوائح، وكذلك القرارات بمختلف أنواعها ودرجاتها؛ بحيث يجب أن تتفق كل الأعمال القانونية مع مبادي وقواعد الدستور.
وللحفاظ على تماسك النظام القانوني وتكامله؛ ظهر الفكر ومن ثم الممارسة الدستورية بشقيها السابق واللاحق.
وفي سلطنة عمان سن النظام الأساسي للدولة الصادر 2021 حيث اقتضت المادة 85 نظاما يكفل مطابقة وموافقة القوانين واللوائح للنظام الأساسي للدولة.
وتتفق المدارس الفقهية في مجال العمل الدستوري، على أهمية انسجام واتساق المنظومة القانونية، من أدنى الهرم إلى أعلاه، وهي القرارات واللوائح، ومن ثم التشريعات والقوانين مع القواعد والمبادئ الواردة في التشريع الأعلى وهو الدستور او النظام الأساسي؛ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يعد استقرار النظام القانوني أحد عناصر التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي وجذب الاستثمار؛ لذلك هناك ممارستان في مجال الرقابة الدستورية :
أحدهما الرقابة الدستورية السابقة؛ حيث تُحال كل القوانين إلى جهة أو لجنة مختصة يوكل إليها بيان مدى اتفاق اللائحة أو القانون مع القانوني الأعلى؛ حيث تختص هذه اللجنة التوصية بالتعديل أو التصحيح لأي خلل أو عوار دستوري يظهر لها من خلال وضع النص تحت مجهر الرقابة الدستورية، ووضع تأصيل وتفسير وحيثيات كاملة ووافية وكافية لعدم صلاحية القانون، والآثار غير المرغوب بها، والتي قد يحدثها القانون أو بعض نصوصه، وتكمن أهمية الرقابة السابقة في أنها تكون وقائية وتعدل أو تصحح القانون قبل صدوره وقبل أن يحدث آثار قانونية غير مرغوب بها، وغير متوقعة، وتتناسب مع غايات التشريع.
اما الرقابة اللاحقة فهي الطريق الثاني، والذي ينظم القانون عبر جهة مستقلة طرق الطعن في عدم دستورية القانون ومن ثم إلغاؤه واستبداله، وهذا دور المحاكم الدستورية، وهذا الطريق لا يمنع الرقابة السابقة سواء كانت إدارية او قضائية.
وخلاصة القول : إن الممارسة الدستورية أحد أركان شفافية وقوه النظام القانوني وتماسكه، وهي العنصر النفسي والفكري الذي يمنح المخاطبين والمتعاملين مع النص القانوني الثقة بتماسك وتكامل وتطبيق النص القانوني مما يؤدي الى استقرار الثوابت والمبادي الدستورية، وضمان ثبات التفسير والتطبيق للنصوص القانونية، واستقرار الحقوق والمراكز القانونية.
وأيًّا كان النظر إلى التطبيق الدستوري بين الاقتناع أو عدم الاقتناع بدور وأهمية الممارسة الدستورية، فإن وضع البيئة القانونية تحت مقياس الغايات الاجتماعية والاقتصادية، وتحديد ما هو الطريق الأنسب لأعمال ممارسة دستورية رصينة واعية أمر تقتضيه المرحلة.