اليمن .. موارد ضخمة لكنه فقير .. ما المطلوب؟..
وافــي الـجــرادي
صـحـفي ومحـلّل سـياسي
اليمن .. موارد ضخمة لكنه فقير .. ما المطلوب؟..
في البيئات المزدهرة وذات الثروات والموارد الواعدة ينصب تركيز القوى العظمى عليها، وتعطيها اهتماماتها الخاصة ولغايات تتعلق بكيفية النفوذ والسيطرة وتحديداً إذاما تُوّجت بيئات هذه البلدان بنظام سياسي كفؤ ونزيه لافاسد وتابع وهش.
اليمن واحد من ضمن الدول التي توجد على ثَراه موارد وإمكانات ضخمة، بلإضافة الى موقعة الاستراتيجي الهام على خط التجارة الدولية وإشرافه على مضيق باب المندب ثالث اكبر ممر للشحن في العالم.
اليمن ومنذ عقود طويلة يواجه سلسلة صراعات وتدخلات خارجية ،وما من أزمة ينجوا منها إلا وتعاقبت عليه ازمة أخرى، ومعها يدفع اليمنيون ثمناً من المعاناه وعلى كافة الصُعد والمستويات.
الباحث عما مر وتمر به اليمن من حروب وصراعات شتى، يصل لحقائق تؤكد بأن كل ما مُنيَّ به هذا البلد من حروب وازمات هي نتاج لصراعات على موارده وثرواته الهائلة ،وعلى موقعه الاستراتيجي المهم ساهم في اتساع رقعة هذه الصراعات والتدخلات الأجنبية هشاشة المجتمع اليمني وتخلُفه، وتنامي فساد الانظمة السياسية الحاكمة له.
لقد تعاقبت قوى استعمارية عالمية ك البرتغاليين والعثمانيين والبريطانيين على اليمن ولمايزيد عن 300 عام، وما نجم عن هذه التدخلات من تمزيق وتشرذم للمجتمع اليمني ونشؤ دول وممالك داخل حدود الدولة ليحكم كل منها جزء من الاراضي وبطريقته الخاصة وبناءً على رغبات وتطلعات المموّل الاجنبي ودون اي اعتبارات وطنية سيادية، ما جعل من اليمن بؤره واعده للصراعات والتدخلات وبشتى الطرق والوسائل.
لم يكن كل ما مر به اليمنيين والى يومنا هذا من تحولات ومراحل سوى تكريس لسياسات نفوذ لقوى إقليمية ودولية، حصد المواطن اليمني على إثر ذلك من المعاناه والحرمان الكثير، بينما باع ساسة بلده البلاد وعاثوا فيها فسادا، ومن لم يقم بهذه المهام نالته يد الغدر والخيانة وبدمٍ بارد.
لم يكن للتسميات القديمة وحتى الحديثة لليمن ك اليمن السعيد دورها في إسعاد اليمنيين يوماً بل ازدادت تعاستهم وعناءهم رغم ما تحويه باطن ارضهم من النفط والغاز والمعادن الثمينة ما يجعل من ابناءها سعداء ولآلاف السنين وجيلاً بعد جيل، فوفقاً لدراسات بحثية فإن اليمن إن تم استغلال مواردة النفطية والغازية الاستغلال الأمثل فسيكون واحداً من ضمن 5 دول الأكثر انتاجاً للنفط والغاز في العالم، وإن تم استغلال الثروة السمكية فسيكون الاول عربياً والخامس عالميا، وعن الموقع الجغرافي المتحكم والمسيطر على ثالث اكبر ممر بحري في العالم (مضيق باب المندب)، بإمكانه ان يكون محطة ترانزيت عالمية تقدم كل الخدمات اللوجستية والشحن، فضلاً عما يمتلكه من شريط ساحلي يمتد لما يزيد عن 2200كم2 وجزر وماسيترتب على ذلك من موارد مالية ضخمة إن تم استثمارها سياحيا.
كما وان الثروات المعدنية، ووفرة المياة الجوفية ووجود المساحات الشاسعة من الاراضي والصالحة للزراعة تجعل من اليمن غنيا بكل ما يحويه من إمكانات وموارد، وواحداً من اسرع الاقتصادات في العالم واكثرها تقُدما؛ لكن هذا لم يحدث طالما والنخب السياسية المتعاقبة وحتى اليوم لم تعمل لأجل نماء وازدهار البلد وانما لأجل ذواتها ومصالحها الأنانية وخدمةً لمصالح قوى اقليمية ودولية لا يسعدها ان ترى اليمن مزدهراً، بل يسرّها دوما وابدا ان يستمر اضمحلال بلد واعد مع أجياله المتعاقبة مستفيدةً من نفوذها البشع وتبعية النخب لها.
إذاً نتيجة لما يتمتع به اليمن من موارد وثروات جمّه قُدّر له ان يكون ساحة تنافس وصراع لقوى إقليمية ودولية ولولا ان ساسته وحُكامه افرطوا به، ولم يؤدو واجبهم الوطني على اكمل وجه لما تحوّل الى ساحة نفوذ وصراع .. فمشكلة اليمنيين ليست مع الغازي والمحتل في المقام الاول بل هي اساساً مشكلة مع انظمة سياسية فاسدة سهّلت ومكّنت هذه القوى من الاراضي والموانئ والموارد، ومن لم يستطع من هذه القوى القبض على الثمن استطاع ان يسرد مايروق له من سياسات وتوجهات بعيداً عم يريده اليمنيون من أمنٍ ورخاء.
فـي النـهـايـة..
وحتى ينعم اليمنيون ويجدون الأمن والاستقرار، ويستغلون ما اودعه الله لهم من الثروات يحتاج اليمنيون في الوقت الحالي لوقف نهائي وجذري للحرب ومن ثم إعادة اعمار مادمرته الحرب، وجبر الضرر والايفاء بالرواتب شهرياً وفي ضل نظام سياسي عادل قائم على النزاهة والشفافية ومحارباً للفساد وبكل الوسائل المتاحة.
يحتاج اليمن لنخبة سياسية كفؤة وذات إرادة غاياتها تحقيق الرخاء والتنمية انطلاقاً من العمل على استغلال وتشغيل كل الموارد والطاقات ووفق رؤى وسياسات هادفة ومنهجية، ودون اي مكايدات او غرايز أنانية او حسابات سياسية.
يحتاج اليمن لنظام سياسي رشيد يحرص كل الحرص على تشغيل المعطل والمُهدر ، وألا يضل رهن اشارات الخارج او العمل لتحقيق مآربه الخاصة.