الأحـرار يـنـتـصـرون..
حبـيـب بن مبـارك الحبـسي
الأحـرار يـنـتـصـرون..
في اغتصاب الأوطان لا توجد قواسم مشتركة، ولا ولن يرضى صاحب الأرض المغتصبة بأنصاف حلول أو حتى المتاجرة بقضية الوطن، ولا تهنأ له ولا للمحتل في الوقت نفسه معيشة مستقرة، ولا هدف لصاحب الأرض إلا التحرير؛ لأنه ينظر إليه كونه خطاً أحمر، وكياناً لا يدنس، فهو يحمل عمق معنى الوطنية، وينظر له ملك لكل الأجيال التي تعيش عليه من أبناء جلدته.
ولهذا فالأحرار والشرفاء وذوو الكرامه من كل القوميات وفي كل الأديان والطوائف بالدول لا يقبل أن يعيش كمسترزق تحت قبضة من احتل وطنه، ولا مساومة فيه، ولا تشترى الذمم إلا من ساقط؛ لأنه يسري في دمائه هدف واحد يجمع عليه كل مكونات الوطن أن لا يهنأ المغتصب في وطنه مهما كلفه من دماء وأموال وأرواح، ويضع نصب عينيه طرد آخر فرد لوثت قدمه تراب وطنه الطاهر؛ هذا المعنى لكل الاحرار، لا عليك من الشرذمة الخونة الذين ينبطحون بنفوسهم رخيصة للمحتل، وإذا أردت الوقوف على ذلك فالتاريخ شاهد ومليء بالبطولات.
لهذا فسياسة القتل والتخويف والتهويل والهدم لن تنجع لمن ولدوا تحت اصوات البنادق والهدم فهؤلاء تربوا وتعلموا في ظروف أظهرت فيهم العزة والنخوة والوقوف بلا انحناء ولا خنوع؛ فإطلالة قوافل الشهداء كل يوم يزيدهم قوة لا يدركها المغتصب، ولا تثني صاحب مهما دجج العدو بالسلاح .. ومثل هذا الشعب لاغرابة أن تجده عاري الصدر أمام فوهة بندقية أو مدفع؛ لأنه مؤمن بقضيته، ويدفع حياته رخيصة من أجل حريته وحرية وطنه، واقتنع ان لا غوث أو مدد له إلا من خالقه، ولا يستنجد بأحد، ولا يلتفت إلى نداءات الشجب والإدانة والتنديد، ولا يقبل المزايدة عليه؛ هذه القوة يمده الله تعالى بها، ويدرك يقينا أن النصر من عنده لا محالة آت؛ فما يعيشه المحتل وَهْم، ومسألة وقت سيتبدد مهما تحالف مع الإنس والجن مع هذا المحتل الغاشم.
لا قيمة للحياة وأرضك مغتصبة، ولا قيمة لكل الأهداف والوطن يسرح ويمرح فيه العابثون والمتاجرون بقضيته، فكل المناسبات بلا طعم وبلا رائحة وبلا شعور، لأن الوطن غالي يجب الدفاع عنه وتطهيره، ويجب أن يبقى أمانة في أيدي أبنائه بخيره وشره.
إذا قرأت مناهج الشعوب تجد الكل يفرد مقررات لحب الوطن، والذود عنه، والعمل فيه بإخلاص، وتطويره والنهوض به .. فالشباب هم ثروته وعماده، وبه ينهض وإن استُهْدِف؛ سيأتي آخرون يكملون الطريق؛ لأن الوطن يحتضن كل أبنائه.
لو كان كل فرد في هذا العالم مكان الفلسطينين يعيشون على أصوات البنادق والمدافع والقنابل والهدم وتقديم الأرواح لن يقبل بما آل إليه المصير، فحتماً ثم حتماً سيقاتل فداءً للوطن ويقدم أبناءه فداءً لأجله.
ولهذا فقد سطر الشعب الفلسطيني نهجاً وغرساً في حياة الأفراد والأطفال ذكوراً وإناثاً هو أن الاستشهاد لا خيار عنه ولا مناص منه؛ لأنه لا قيمة للعيش وفلسطين الوطن مغتصبة؛ فما من بيت في الأسرة الفلسطينية إلا وفيها شهيد وابن شهيد وزوجة شهيد، وآباء وأمهات قدم أبناؤهم أرواحهم من أجل الأرض.
لا خوف لشعب يحتفل بنبأ استشهاد أبنائه بالزغاريد، ولا خوف كذلك لأم توصي أبناءها على الوقوف ندا للمغتصب بالحجارة، ولا قلق من أم أمرت ابنها بالزحف والوقوف أمام المحتل ببندقيته ودباباته، ولا قلق لدى الأب أو الجد على أفراد أسرته؛ لأن الحرية يجب أن يُدفَع لها الثمن، فلا حزن عندهم ولا خوف بخلاف المغتصب.
الغباء الذي لا يمكن قراءته لدى المحتل أمران؛ الأول : يجب أن يدركوا أن الوطن ليس لهم، ومهما كانت القوة والدعم العالمي سينتصر صاحب الأرض لأنه سيقدم دماءه رخيصة من أجل استردادها مهما كلفه الأمر؛ فحياة الشرف والكرامه متواصلة لدى الإنسان الحر.
الأمر الثاني أنالفلسطيني يستحضر دوماً حديث الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم : “لو اجتمع الإنس والجن على أن يضروك بشي لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك” أو كما جاء في الحديث.
مهما وقف الأعداء مع بعضهم وساند بعضهم بعضاً، وعكسوا أن الظالم هو الضحيه؛ فهذا مزيد من الحقن والكراهية ضد أصحاب الأرض والحق.
الأمرالآخر الذي يجب : أن يُقرَأ بتمعن أن الأطفال والشباب هم قنابل موقوتة يجب أن لا تستفز بأية صورة همجية من قبل المحتل.
الشيء الذي يعشعش في أفكار الحكومات الصهيونية التفكير بالقتل وهذا الأمر بالنسبة للفلسطينيين أمر اعتادوا عليه، فكلما زادت آلة العدو بطشاً؛ كلما زاد الفلسطينيون تضحية وفداء.
الأمر الذي لا يُقْرَأ أيضاً من قبل هذا العدو أن أصحاب الأرض لا يهربون ولا يغادرون فقد استرضعوا الأرض فهل سمعتم أحد هرب من عقر داره إلا خائن؟.