بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

وهـج الإقـنـاع..

الدكـتـورة/ سلـوى سـلـيـمان

خبير تربوي ، استشاري اكتشاف ورعاية موهوبين

 

وهـج الإقـنـاع..

 

عندما أحدثكم عن الإقناع فأجدني أبحر بين ثنايا سحر سيّال يطفو عابرا بين ربوع ضفتين المرسل والمستقبل لنقل رسالة كي تغدو واضحة مفهومة لا لبس فيها ولا جدال.

وبما أنَّ المصدر هو النَّاقل للرِّسالة والمسؤول عن إقناع المستقبل بها، فإنَّه يقع على عاتقه التوغل إلى أفكارهم، والتأثير فيهم بما يتناسب والفروقات بينهم من حيث بيئاتهم ومستوياتهم العمريَّة و التعليمية ، ومن خلال محاولات دؤوب تتصف بالثقة والمصداقيَّة والقدرة على استخدام أساليب متعددة ومناسبة للتأثير والإقناع، كي يرتشف الآخر المغزى بكل وضوحٍ لا غموض فيه ولا تمويه؛ لتكون واضحة الهدف، مرتبة الأفكار، مناسبة العبارات، مدعمة بالأدلة والبراهين، بعيدة عن الخلل والجدل والاستعلاء، هنا عدة طرق تغمر المرسل بوهج الإقناع والتأثير.

بدايتا يجب على القائم بالإقناع أن يمتلكَ القناعة التَّامة بالفكرة التي يسعى لنشرها وأن يكون عميق الإيمانِ في أهدافها ومبادئها؛ بعيدا عن أي تخبط حيث أن التوسط في قناعته بفكرته يعكس ضعف الفكرة وسطحيَّتها؛ ممّا يؤدي إلى إخفاق الإقناع ونشر حالة من التشويش للرسالة في سياج من الخصوصية اختلقه المصدر دون نية مسبقة ، وبالأحرى المحافظة على نسبيَّة المعاني واستخدام الألفاظ الواضحة والمحددة التي تستهدف تفسير الفكرة وإظهارها كهدف أساسٍ في الحوار دون التشتيت بالعموميات. مع حتمية اجتنابُ الجدال الذي يعقد ويبني جسور من الرهبة ، فصاحب الفكرة مسؤول عن نقلها بالودِّ والإحسانِ بعيداً عن استظهار القدرات الذاتية، وعليه أن يُقيمَ الحجَّة بالدَّليلِ، والتيسير، وكسب القلوب، والتأييد بدلاً من استدعائها.

فضلا عن ضرورة أن يُطلع المستقبِل على النتيجة النِّهائية بصورة واضحة ومفهومة، كما يحتاج أيضاً إلى التعرُّف على مبرِّرات الأخذ بها ومميزاتها والأسباب التي تستند إليها.

وعليهِ فإنَّ المصدر مسؤولٌ كليتا عن تحليل الحوار إلى مقدِّماتٍ تتسم بالمنطقيَّة تستند على بيانات وحقائق قوية ، وتكون المحصلة في الأخير إحداث الفرق في إدراك المستقبل، وأن يحافظ على إرسال الجُمَلِ بصيغة تتصف بالتشويق والإثارة بعيداً عن التخويف والضغط وفرض الرأي، والمحافظة على استمرار الاتصال الجيِّد بالمُستقبِل من خلال قنوات واضحة ، وربط نهاياتِ تعليقه ومداخلاته ببدايات حديثه؛ ما يضمن تولُّد الشّعور بالاحترام والاهتمامِ من قِبَل المستقبل، فيسهِّل عمليَّة استقبال المعلومات وتبنِّي الأفكار والطروحات فضلا عن إشعارُ المستقبِل بجدّيَّة البحث عن الحقيقة والسعادة عند استقبال الحقائق من طرفِه، فليس؛ المهم أن يثبت المحاور أنَّه على صواب، بل الأهم أن يصل الجميع إلى نتيجةٍ حقيقية ومنطقيَّة خاليةٍ من الانتصارات الشخصيَّة والاستقواءِ التنافسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى