كـيفَ أُتْقِـنُ الْكَـذِبَ بِطَرِيقَةٍ فَاعِـلَةٍ ؟؟!!..
عـصـام بن محـمـود الرئـيـسـي
مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت المؤسسي
كـيفَ أُتْقِـنُ الْكَـذِبَ بِطَرِيقَةٍ فَاعِـلَةٍ ؟؟!!..
سأل أحدهم مختصًّا في علم النفس قائلاً : كيف أتقن الكذب بطريقة فاعلة؛ فإنني صريح مع نفسي دائماً ومع غيري من البشر سواء في بيئة العمل أو في محيط عَلاقاتي الاجتماعية، وهذا الأمر يسبِّبُ لي بعضَ المشكلاتِ مع من أتعامل معهم في حياتي اليوميّة، إلا أنني في المقابل أشعر بالراحة النفسية في أعماق نفسي، وتتولد لدي الثقة العالية من هذه الصراحة والشفافيّة في التعامل، ولقد حاولت أنْ أتقن الكذب، أو ما يسميه البعض بالمجاملة، والتي أعتبرها أنا شخصيًّا بأنها كذب أيضا، إلا أنني لم أفلح في ذلك فما هو الحلّ ؟؟ سؤال غريب جدا !!، ومطلب أغرب كذلك !!.
يقول كانغ لي، أستاذ علم النفس التطبيقي والنمو البشري بجامعة تورنتو :
“تأخرت يوما عن حضور أحد الاجتماعات في المؤسسة، وَتَعلَّلْتُ بأن السبب كان قطار الأنفاق، بينما لم يكن هذا هو السبب الحقيقي، إذ إنني تأخرت بسبب تقصير مني، لكنني كنت أعتقد بأنني سأبدو غير ملتزم لو قلت السبب الحقيقي أمام زملائي”.
ويبدو جليا من خلال ذلك المثال بأننا نكذب لنتجمل أو لنظهر بمظهر لائق أمام الغير، وهو من الأسباب الرئيسية لانتشار الكذب بين الناس، فالكذب بطبيعة الحال من العادات السَّيِّئَة التي يمارسها الأفراد، وله أضراره الجسيمة سواء تلك الأضرار المتعلقة بالحالة النفسية والمزاجية للإنسان ناهيك عن الأضرار الاجتماعية والدينية.
والكذب عموما وكما نعلم جميعاً من الأمور المُحَرَّمَة في كل الأديان والعقائد، وهو سلوك مرفوض، وديننُا الإسلاميُّ الحنيف يحرِّم الكذب .. يقول الله تعالى : ﴿إنَّ اللهَ لا يهدِي مَنْ هو مُسْرفٌ كذَّابٌ﴾ [ سورة غافر : 28] ويقول في [سورة الحج : 30] ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾، وقال تعالى : ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُۥٓ ۚ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَٰفِرِينَ﴾ [الزمر : 32]، ويقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم : “عليكم بالصِّدق؛ فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا، وإيَّاكم والكذب؛ فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا”.
عندما تسأل معظم البشر من هو الشخص الذي يكذب؟؛ فإن الإجابة ستكون غالبًا : بأن “كل البشر يكذبون”!!؛ قد لا تكون تلك الإجابة صحيحة أو أمرًا مبالغا فيه، لكنه قريب جداً من واقعنا بعض الشيء.
ومن أهمِّ أسباب انتشار الكذب بين البشر ما يلي :
– الهروب من المسؤولية والعقاب والمساءلة.
– الكذب لتجنب الإحراج في مواقف مختلفة.
– ضعف الإيمان.
– ضعف الشخصية.
– المحافظة على المظهر العام لشخصية الفرد.
– إرضاء الناس ونيل إعجابهم، وذلك عن طريق الإطراء المبالغ فيه.
– الكذب بهدف التأثير على الناس مثل البائع الذي يروّج بضاعته بصفات غير دقيقة.
– الكذب لتحقيق مكاسب ونتائج إيجابيّة.
– الكذب للمحافظة على أكاذيب سابقة وحقائق غير واقعية.
– الكذب للحماية ومن ردود أفعال الآخرين.
– الكذب من أجل تخويف الآخرين.
– وقد يقترن الكذب بعدد من الجرائم مثل الغِشِّ والنَّصْبِ والسَّرِقَة، وقد يقترن ببعض المهن أو الأدوار مثل الدبلوماسية أو الحرب النفسية والإعلامية.
وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..