اللباقةُ الاجتماعيَّةُ لغةٌ عالميَّةٌ..
أ. عـصـام بن محـمـود الـرئـيـسـي
مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت المؤسسي
اللباقةُ الاجتماعيَّةُ لغةٌ عالميَّةٌ..
تُعَدُّ اللباقةُ الاجتماعيَّةُ سلوكًا حضاريًّا راقيًا ومهمًّا ،وهو ضرورة وليس رفاهية أو جزءًا من المظاهر الشكلية كما يفسرها البعض، وهي أحد أهم مقومات التعامل مع الآخرين ،وهي الطريقُ الصحيحةُ إلى الوصول إلى شخصية الإنسان المتزنة ليكون أكثر جمالًا ورقيًّا وتهذيبًا ،وتحميه من الوقوع في المواقف المحرجة والمستفزة أثناء تعاملاته اليومية مع من حوله من البشر، وأصبحت اللباقةُ الاجتماعيَّةُ سلوكا مهما في حياتنا لا بد وأن نتعلمها بمهارة وننقلها إلى ابناءنا بطريقة صحيحة غير مشوهة، وسوف نستعرض في هذا المقال أهمية اللباقة الاجتماعية وأشكالها وطرق اكتسابها والأدوات السليمة لنقلها إلى الأبناء بطريقة صحيحة.
الكل يعلم بأنَّ الشخصية اللبقة الدمثة الودودة مِفتاحٌ لأسْرِ قلوب الآخرين، وعندما تتحدث معنا نستمع لما تقول وننصت بعناية ،وهذه من أهمّ سمات الشخصية التي تتمتع باللباقة الاجتماعية، إذن فاللباقة الاجتماعية ليست مجرد إطلاق كلمات ومفردات نحفظها كما يظن البعض ،بل هي سلوك يُكتسبُ من خلال قيم التسامح والتعاطف، والمعرفة والاطلاع على ثقافة الشعوب الأخرى كونها لغة عالمية مشتركة مع كل شعوب العالم ،ويجب أن نستخدمها في المكان والزمان المناسبيْن، وترتبط اللباقة الاجتماعية بالعلوم والسلوك الإنسانيّ وخاصة علم الاجتماع ، وهي عبارة عن قيم ومبادئ وأعراف غاية في التهذيب نابعة من ثقافتنا الإسلامية وديننا الحنيف كأسلوب ثقافي راقٍ.
ومع التطور المادي الذي يحدث بالعالم وتغير العديد من السلوكيات بسبب تسارع وتيرة الحداثة أصبح من المهم الاهتمام باللباقة الاجتماعية لتكون وسيلة فاعلة لحل مختلف المواقف التي نتعرض لها كل يوم، ويجب أن تتواجد اللباقة الاجتماعية في كل مكان حتى تعاملنا مع الذات ومع العائلة والأصحاب وكذلك الزملاء في بيئة العمل.
يُعَدّ إلقاء السلام هو أول موقف يتّخذه الفرد للتواصل اجتماعيًا مع الآخرين مع ابتسامة لطيفة وتواصل بصري، وهو وسيلة إيمان وسلام وطمأنينة بالدخول إيجابيًا خلال التواصل مع الجماعات والاندماج مع مَنْ حولنا.
هناك العديد من المهارات التي يجب أن نهتم بها للوصول إلى اللباقة الاجتماعية منها التعامل الراقي مع الآخرين كأن نقول (صباح الخير) مع ابتسامة صادقة .. (شكرا لك) .. والاعتذار عندما نخطئ .. ومن الأدوات التي يمكن أنْ نستخدمها كأداة للوصول إلى اللباقة الاجتماعية هي تعلّم فنّ التواصل مع الآخرين، وكذلك مهارة التفاوض والتحدث، وهو سلوك مكتسب ويجب أنْ نعوّدَ أنفسنا عليه.
إنَّ من أبرز الأخطاء التي تعرضنا للمواقف الصعبة هو التدخل في الأمور الخاصة كالسؤال عن الجوانب الشخصية، وهذا أمرٌ يفقد اللباقة معناها، ويجب الحذر من ذلك؛ فالناس تتحسَّس من الأسئلة الشخصية التي تلامس حياتهم؛ لذا يجب تجنب ذلك قدر المستطاع.
إنَّ تعلّم الأبناء منذ الصغر اللباقة الاجتماعية من الأمور الهامة ،وتلك مسؤولية الأسرة ،وتبين العديد من البحوث أهمية تعلم اللباقة في سن مبكرة لتحقيق فوائد تمتد إلى مراحلَ من حياة الشخص كاملة، فإذا كان الوالدان لا يكترثان لأهمية اللباقة الاجتماعية ؛فمن الطبيعي أن يكون الأبناء على صورة والديهم، ولا يمكن أن نفرض للأبناء تعلم اللباقة الاجتماعية بطرق قاسية فلا بد من مراعات الاستعداد النفسي لتقبل ذلك، فكم من مرّة نسمع بأن والدًا يوبخ ابنه أمام الآخرين ؛لأنه لم يلق التحية مما يعرضه للإحراج والإرباك، بمعنى آخر على الأم والأب أن يعزّزا سلوك اللباقة عند أطفالهما من خلال تواصلهما مع الآخرين، لا أن يتصرّفا وكأن الآخرين غير موجودين، فعندما يلاحظ الطفل أن والده يلقي التحيّة على الجار، فإنه يفعل مثل ما يفعل والده، وهذا ما يسمى في علم التربية، بأسلوب (القدوة).
ولا يتوقف تعلم الطفل على تلك المبادئ البسيطة ليصل إلى اللباقة الاجتماعية، بل علينا متابعته ليتعلم المزيد خلال مراحله العمرية ، وللأسرة دور كبير في هذا الجانب.
إن من أنواع اللباقة التي يمكن أن نعلمها للأطفال ما يأتي :
- إلقاء السلام والتحية
- لباقة التحدث وفن الحوار
- لباقة الإنصات
- لباقة اختيار المفردات
- لباقة التصرف الحكيم في المواقف
- آداب الاستئذان
- الشكر لمن يقدم له الخدمة
- الاهتمام بالآخرين.
وعلينا نحن الكبار لكي نحافظ على اللباقة الاجتماعية ونعززها أنْ نحرص على الآتي :
- يجب أن نفكر قبل أن نتكلم
- يجب أن نختار الكلمات بعناية
- النفس تعشق المدح البناء ؛ لذا علينا الإكثار والبحث عن الصفات النبيلة في نفوس من حولنا وإظهارها لهم.
وختاماً يجب ألّا ننسى أن المعاملة الطيبة هي وسيلة لامتلاك القلوب وتليين العقول.
وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..