الإبـداع .. دوافـع وكـوامـن..
الدكـتـورة/ سـلـوى سـلـيـمـان
خبير تربوي – استشاري اكتشاف ورعاية الموهوبين – مدرب دولي تنمية بشرية
الإبـداع .. دوافـع وكـوامـن..
فحوى الإبداع أفكار جديدة، ومفيدة ،ومتصلة لحل مشكلات معينة أو تجميع وإعادة تركيب الأنماط المعروفة من المعرفة في أشكال فريدة ، ويقصد بالإبداع في التفكير وضع الذهن في حالة من الإثارة والجاهزية للتفكير في كل الاتجاهات، لتوليد أكبر قدر ممكن من الأفكار حول المشكلة أو الموضوع المطروح، ويرتبط الإبداع بمفهوم ( إعمال الذهن أو العصف الذهني) بهدف تحقيق إنتاج متميز وقابل للتطوير، واستحداث شيء جديد، غير تقليدي قابل للتنفيذ والتوظيف.
ويتجلى الإبداع في رؤية المبدع لظاهرة ما بطريقة غير مألوفة، لذلك يمكن القول إن الإبداع يتطلب القدرة على الإحساس بوجود مشكلة تستوجب المعالجة؛ ومن ثم القدرة على التفكير بشكل مختلف مغاير،ومبدع لإيجاد الحل المناسب الذي يتسم بالتميز والجدة، أو تجميع، وإعادة تركيب الأنماط المعروفة المنطقية من المعرفة في أشكال غير نمطية ،كرؤية الفرد لظاهرة ما بطريقة مغايرة من منظوره الخاص؛ بمعنى انعكاس رؤية الفرد الخاصة على إنتاجه الإبداعي ؛فتظهر إنتاجية تتسم بالحداثة و بالأحرى، فإن كل شخص يملك القدرة ليكون شخصاً مبدعاً وموهوباً, وإن المبدعين، والموهوبين قد وصلوا إلى حالة من الإدراك والوعي بقدراتهم الإبداعية، ثم سخَّروا هذه القدرات للعمل في خضم الحياة ؛لهذا فإن الإبداع لم يعد حِكراً على المبدعين والموهوبين الأوائل.
وقد أكدت الدراسات الحديثة وحلقات التدريب المختلفة في هذا المجال أن التفكير بطريقة إبداعية يمكن تعلمه والتدرب عليه، ومن ثم اكتسابه كمهارة، تماما كما يتعلم أحدُنا استخدام قلمه في الكتابة ، ويتمرس في ذلك ثم يصبح ماهراً كتابة المزيد بطرق مختلفة ؛فكثيرا ما نلاحظ الشاعر, والفنان ,والرسام ,والمهندس، والمعماري على قدر كبير من الفن والإبداع؛ لذا فإن كل فرد قادر على أن يكون مبدعا لو عرف الطريق إلى ذلك، واستطاع تنمية الدوافع التي تكمن وراء العمل الإبداعي، والتي قد تكون ذاتية داخلية أو دوافع بيئية خارجية أو دوافع مادية ومعنوية.
فلا نخفي أمرا أن القدرات الإبداعية تعتبر ضرورة ملّحة في التفاعل مع الحياة ومع الآخرين، وبالتالي فإن الحياة ستكون ممتعة وناجحة ومنتجة عندما نطور قدراتنا الإبداعية على جميع الأصعدة ،وبالكاد لابد لهذه الطاقة الساكنة في ذاتنا أن تتحرك وتبدع أعظم الأفكار, ومن هنا برزت أهمية الإبداع في حياتنا كنعمة وكنز في ذات الوقت، نعمة من الله سبحانه أنعم بها على الخلق, وكنز حيث لا يكون الإبداع إلا لمن جدّ سعيه، وكبرت همّته، ونجحت إدارته لأهدافه وأُعمل عقله لإنتاج الأفكار الجديدة التي لا تتواجد عند الأفراد كافَّة.
ومن أهمية الإبداع في حياتنا ما يدره علينا من فوائد جمة مثل :غياب النظرة التشاؤمية التي تبعث على الفشل وتقود إلى التكاسل ،والانهزامية ويحل محلها نظرة تجاوبية تفاؤلية ،فتزداد لديه النظرة الاستشراقيّة جمالًا يملأ قلبه وحياته فعليا، ومن هنا فالإبداع في التفكير هو سبيل الإنسان للحصول على الأفضل ،والخروج خارج إطار التقليدية البالية والتطلع إلى الأحسن، للتمكن من العيش بأسلوب حياة مغاير لما سبق، والوصول إلى قمة التركيز واستغلال الكوامن والدوافع وتحريكها من أجل صقل المهارات الإبداعية؛ مما يجعل حياة المبدع قمة في الازدهار، والرقي، والرخاء كما أنّ الإبداع يزيد الثّقة بالنفس ،ويساعد على توطيد العلاقات القديمة, وتشكيل أخرى.
أيضا تنمية المعارف الإنسانيّة ،والسمو بالمجتمع، من خلال التشجيع على القراءة والكتابة والتعليم والتواصل، حيث أن الإبداع يجعل العمل ضمن الجماعة مُثمرًا؛ممّا يؤدّي إلى زيادة ونموّ روح العمل, ويظهر الإبداع في مستويين، المستوى الفردي بحيث يكون لدى الأشخاص خصائص فطرية إبداعية خلاقة يتمتعون بها كالذكاء والموهبة أو من خلال خصائص مكتسبة كحل المشاكل بطرق مبدعة مثلا ،وهذه الخصائص يمكن التدريب عليها وتنميتها ويساعد في ذلك ذكاء الفرد، وإمكاناته وقدراته. والمستوى الجماعي: حيث تطبق الأفكار المبدعة بطريقة جماعية تغير الحياة إلى الأفضل ,ولابد من وجود كلا النوعين حتى نصل إلى ذروة الإبداع.
أخيراً .. الإبداع سبيلٌنا للحصول على الأفضل دومًا، فكلّما زاد إبداع المرء زاد تطلّعًه إلى الأفضل، والحياة بأسلوب مختلف عما قبل والوصول إلى التركيز والكفاءة، الأمر الذي يستدعي تحرير كامل للطّاقة المتفجّرة في الجسم، فينشط الإنسان وتنمو قدراته، وتصبح حياته غايةً في الازدهار والرقيّ والرّخاء , والتميز…