بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

فن الدبلوماسية .. الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف..

الدكتور/ سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق ، عضو جمعية الصحفيين العمانية

 

فن الدبلوماسية .. الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف..

 

من المعروف لدينا وهي من المفاهيم التي لا تتغير وإنما تتجدد حسب الظروف هي بنود الإتيكيت في استقبال كبار الضيوف ومنها؛ أن تستقبل ضيوفك والابتسامة تعلو وجهك ؛ فالابتسامة هي مفتاح للقلوب، وكذلك نبرة ومستوى الصوت فهي تعتبر من علامات وكرم وحسن الضيافة وإتيكيت الوقوف وفن الانصات والمجاملة وإدارة الحديث ومرافقة الضيف وإتيكيت اختيار الملابس وألوانها.

كما أن إتيكيت استقبال كبار الضيوف المحليين من مختلف الدرجات (نساءً أو رجالًا) رسميا / شخصيًا كلها لها إتيكيتها الخاص ، وخاصة في عالمنا العربي والإسلامي ، ولها سماتها المعروفة بالتقيد بتعاليم الإسلام وعاداتنا العربية الأصلية، وحتى طبيعة ألوان الملابس الصباحية أو المسائية أو في استقبال الضيوف كلها ضمن حدود مرسومة لها لا يمكن تجاوزها لأنها تعتبر من أرقى بنود فن الإتيكيت الاجتماعي ومنها استقبال كبار الضيوف.

أثلج قلبي كثيراً ما شاهدته على شاشة التلفاز العماني، الزيارة المباركة التي تفضلت بها السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم “حفظها الله ورعاها” الى جمعية الأطفال ذوي الإعاقة بالعذيبة بمحافظة مسقط للإطلاع على الخدمات والبرامج التأهيلية والتعليمية والعلاجية المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة.

والشيء الجميل الذي لفت انتباهي هو تطبيق بنود آلية حسن الاستقبال بأفضل درجات الإتقان لكبار الشخصيات من قبل مديريات ومنتسبي الجمعية بالألوان النهارية الجميلة بعيداً عن العباءة السوداء التي هي في الحقيقة دخيلة على المجتمع العماني حيث جاءت لنا دول الجوار.

وتطبيقاً وتحليلاً لفن الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف المحليين ، نلاحظ السجادة الحمراء للدلالة  على حفاوة الاستقبال  والتقدير العالي للضيف الزائر، ثم وقوف المديرين بصف واحد على جهة يمين الضيف  وبالمسافات الرسمية بينهم (25 سم) وبملابس تم اختيارها بإتقان من حيث الألوان النهارية المفرحة والتي تبعث على التفاؤل والهمة العالية، وكانت على رأس مستقبلي السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم ؛ صاحب السمو السيدة حجيجة بنت جيفر آل سعيد رئيسة مجلس إدارة الجمعية برفقة معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية.

وحسب معلوماتي فإن صاحبة السمو السيدة حجيجية آل سعيد أقامت قبل أسبوع تقريباً حلقات عمل تدريبية مبسطة لجميع فقرات الزيارة منذ لحظة وصول الضيف لغاية المغادرة وكانت حريصة كل الحرص على أن تظهر المرأة العمانية بأعلى درجات فن الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف وفعلاً كانت الزيارة في غاية الروعة والالتزام بمفردات الاستقبال والتعريف بقاعات الجمعية والشرح المبسط لجميع حالات الأطفال وكان السير أمام الضيف بمنتهى الدقة من حيث بعد المسافات الشخصية ولعبت صاحب السمو دوراُ جوهرياً من حيث ألوان الملابس وطريقة تقديم المدراء  والسير بجهة يسار الضيف طول فترة الزيارة وتجوالهم في قاعات وممرات الجمعية وكذلك بقية المديرات والموظفات من حيث إتيكيت الجلوس وفن الانصات وإدارة الحديث والسير خلف الضيف والاستقبال والتوديع.

ما لفت انتباهي أكثر القلب الكبير والحنان العفوي وهو ليس بغريب عن السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم وكأنها جزء من الكادر التدريسي حيث تعلق الأطفال بها  بكل حب وحنان بعيداً عن مفاهيم الاتيكيت واستقبال كبار الشخصيات وكانت هي القلب الذي أفاض بالحب والحنان لجميع الأطفال ذوي الإعاقة وهي تتجول من قاعة الى أخرى فكانت لهم الطبيب والمعالج والأم والأستاذة وتستمع لجميع الحالات بقلب كبير وابتسامتها التي كانت دواء للأطفال ذوي الإعاقة التي أدخلت في قلوبهم الفرحة.

من خلال التدقيق والتحليل فإن جميع المديرات والموظفين هن متطوعات ولم يدخلن حلقات عمل أو دورات تدريبية حتى ليس لديهن خبرة بفن الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف لكونها جمعية تطوعية ، لذلك ما  قامت به سمو السيدة حجيجة آل سعيد يشابه كثيراً واجبات ومهام مدير المراسم أو مدير التشريفات من خلال ادخالهم بورش عملية قبل حضور الضيف، كان له الدور الفعال بالظهور بهذه الصورة الجميلة حيث السير والتعريف  الضيف بجميع فقرات آلية الاستقبال الصحيحة ومهارة الاتصال والتواصل الاجتماعي  الراقي، كما كان لحضور المراسم السلطانية قبل 24 ساعة التي  وضعت اللمسات الأخيرة قبل الزيارة ، وكانت لإطلالة السيدة الجليلة بمنتهى البساطة والرقي كما تعودنا عليها بالعباءة الفضاضة بالألوان التفاؤلية الجميلة الهادئة ومنها مشتقات الأبيض والبيج واللون الأسود البسيط فكانت لهذه الألوان تأثيرات مباشرة على نفسية الأطفال ذوي الإعاقة؛ حيث أوضح علماء الفيزياء بأن هناك ظاهرة فيزيائية تنتج عن تحليل اللون الأبيض، حيث وجد نيوتن أن الضوء الأبيض يتحلل إلى عدة ألوان (ألوان الطيف) وهو أصل اللون، ويُعد اللون الأبيض أحد أنواع التأثيرات الفسيولوجية التي تخص وظائف شبكية العين في الإستجابة للضوء الأبيض ومشتقاته  لتصل الصورة إلى الدماغ ثمّ يتم ترجمتها وإدراكها والإحساس بها بواسطة الجهاز العصبي لدى الجميع، وهذا ما تم ملاحظته حيث تعلق الأطفال ذوي الإعاقة بالسيدة الجليلة فكان اختيارها للألوان ليس عبثاً وإنما اختيار بإتقانٍ راقٍ جداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى