أحمـد صـالـح حلـبـي

باحث وكاتب – السعودية

مطرح العمانية جاذبة الأنظار بتاريخها..

اعتدت منذ بداياتي الصحفية على التنوع في القراءة والطرح ، غير أن التاريخ وذكرياته وقصصه ظل يسيطر على جل قراءاتي ، لذلك أتحدث تارة عن تاريخ مكة المكرمة المدينة المقدسة التي أتشرف بولادتي ونشأتي وعيشي بها ، مرددا قول الشاعر طاهر زمخشري ـ رحمه الله – :
أهيم بروحي على الرابيه
وعند المطاف وفي المروتين
وأهفو إلى ذِكر غاليه
لدى البيت والخيف والأخشبين.

وما جذبني لسلطنة عُمان والحديث عنها ؛ تاريخها العميق في الجذور ، فضلا عن كرم أهلها ، وحرصهم على العمل ، وشجاعتهم ، وهذا ما جعل للرحالة العُمانيون موقعا مميزا في تاريخ البحار ؛ فجاء “إدراج الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي في برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا لدى اليونسكو ؛ إنجازًا واستذكارًا بإسهاماته في مجال الملاحة البحرية والتي كان من أبرزها ابتكار آلة “الوردة” التي تستخدم في تحديد اتجاهات الرياح أثناء الإبحار ، بالإضافة إلى اختراع آلة “الخشبات الثلاث” لقياس النجوم ، كما طور الإبرة المغناطيسية “البوصلة” المستخدمة في تحديد الاتجاهات البحرية إلى وقتنا الحالي” ، وجاء أحمد بن ماجد ، المعروف بأسد البحار والمولود عام 1421 م ، كواحد من أشهر الملاحين في المحيط الهندي والخليج العربي والبحر الأحمر ، كما أوردت ذلك دراسة بعنوان “الهوية البحرية العمانية قبل أوائل القرن السابع عشر : التنوع العرقي واللغوي” لــ ديونيسيوس أ. أجيوس.

وحديثي اليوم عن ولاية مطرح ليس حديثا عن ولاية داخل دولة ، لكنه حديث عن واحدة من أهم المدن في التاريخ العُماني الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من سلطنة عُمان ، ويقال إن تسمية مطرح بهذا الاسم يعود “لطرح السفينة مرساتها” ، ويقال إنّ كلمة مطرح تشير إلى “طرح البضائع”.

وفي مطرح تعيش مراحل التاريخ القديم ، وحضارة اليوم الحديث ، فأحياؤها المتعرجة وأزقتها الضيقة ، تنقلك إلى الماضي الجميل ، أما روائح التوابل المتنوعة فتأخذك لمذاق الأكل العماني ، وصناعاتها التقليدية تؤكد لك سر أهلها في المحافظة على تاريخهم.

وإن أردت أن تكون سائحا فستعيش رحلة متنوعة تنقلك إلى “قلعة مَطرح ، وهي إحدى القلاع التي تَقع على قَمة هَضبة صَخرية ضَيقة ، وتبدو القلعة وكأنها كانت الممر الوحيد الذي يصل بين مَطرح ومَسقط وتتكون حالياً من ثلاثة أبراج دائرية أحدها برج كبير على القمة ، والإثنان الآخران أصغر حجماً ، ويقع أحدهما عند أول نقطة في الغرب أما البرج الآخر الذي لا يزال يحتوي على أحد المدافع القديمة ، يَقع ناحية الشمال من القلعة بالقرب من البرج الكبير ، ويتم العمل على إعادة تأهيل القلعة سياحياً”.

وإن رغبت التجول داخل حديقة ؛ فإن حديقة ريام التي صممت بأشكال رائعة مزجت بين جمال الطبيعة والفنون الهندسية ، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 100.000 متر مربع ستجذبك ، وافتتحت عام 1991 م من قبل جلالة السلطان قابوس رحمه الله.

وإن كنت من هواة المشي على الكورنيش ، فهناك كورنيش مطرح الذي تزيد مسافته عن ثلاثة كيلومترات على طول الواجهة البحرية ، وتقع على طوله العديد من المطاعم والمقاهي والأسواق ، ولأنك في كورنيش مطرح فيمكنك أن ترى “التكوينات الصخرية الجميلة لجبال الحجر ، وأبراج المراقبة البرتغالية من جهة أخرى ، كما يوجد في الطرف الشمالي من الكورنيش سوق للأسماك وميناء شراعي خلاب”.

وبين ممشى الكورنيش ، وأشجار حديقة ريام ، يذهب بك الخيال لتتذكر قول الشاعر الأندلسي ابن خَفَاجة :
-والزهر مبسمه ونكهته الصبا
والورد أخضله الندى خداه
فلذلك أولع بالرياض لأنه
أبداً يذكرني بمن أهواه.