بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

هـل نقـف مـع مصـر ؟!!..

الدكـتـور/ محـمـد المعـمـوري

كاتـب وباحـث عـراقي

 

هـل نقـف مـع مصـر ؟!!..

 

تعتبر جمهورية مصر العربية العمود الذي يرفع خيمة العرب، وهي بكل تأكيد بلد الثقافة والعلم والفن والموسيقى، وهي بلد الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ الغزالي وكثير من علماء الإسلام الذين أثروا الثقافة العربية الإسلامية بعلمهم ، وتفسيراتهم للقران الكريم والحديث الشريف ؛ فكانت منابر هؤلاء العلماء نوراً تتحدى ظلمات الاستعمار ، وهي ذاتها المنابر التي جمعت أبناء الأمة العربية على كلمة الحق ، وأيقظت فيهم شعلة الإسلام ؛ فكان علماء مصر منتشرين في أرض العروبة أينما احتاجت لهم تلك البلدان ، ناهيك عن منابر العلم التي كانت مصر ترسل طلائعها لدول عربية لتعمر مدارسهم أو تنير جامعاتهم فتخرجت على أيدي هؤلاء الأفاضل دفعات ودفعات من أبناء العرب ، وهي ذاتها مصر التي أوقدت داخل كل نفس عربية روح الاستقلال والقومية العربية من خلال دعم حركات التحرر في الوطن العربي فكان الزعيم عبد الناصر ولا زال رمزاً للقومية العربية ، ناهيك عن الفن والثقافة التي انبثقت من أرض الكنانة لتغطي الساحة العربية بأجمل ما كتب من الأدب أو ما تناثرت شذراته من الموسيقى والفن ؛ فمن منا لا يعرف العقاد والمازني وطه حسين ونجيب محفوظ وأحمد شوقي وغيرهم الكثير ؛ لقد كانت نتاجاتهم تدرس في كتبنا ومناهجنا الدراسية ولا زالت.

ومن أجل العرب خاضت مصر أربعة حروب جعلت من اقتصادها يترنح فكانت حرب ١٩٤٨ وحرب ١٩٥٦ وحرب ١٩٦٧ ، وهي الأقسى والأكثر فتكاً بالاقتصاد المصري ؛ حيث استمرت هذه الحرب ولم تتوقف فتحولت من حرب خسر فيها الجيش المصري أكبر نسبة من قُوَّتِه ؛ إلى حرب استنزاف استمرت حتى حرب أكتوبر عام١٩٧٣ ، تحملت مصر كل هذا الضغط الاقتصادي والاجتماعي والمعنوي ؛ كونها الدولة التي أخذت على عاتقها الدفاع عن الأمة وتحرير فلسطين ، نعم وقفت معها دول عربية ، ولكن لم يكن وقوفنا معها ما يُمَكِّنُها من التقليل من الأزمات الاقتصادية التي سببتها تلك الحروب لمصر.

وتعافت مصر وانتصرت في أكتوبر ١٩٧٣م ؛ لكنها بقيت تئن اقتصادياً من جراء تلك الحروب ؛ فكثرت عليها الديون الخارجية الضرورية التي كانت مصر مجبرة للاستقراض كونها لديها خطط اقتصادية وبنى أساسية ؛ كان حتما عليها إنجازها لكي تواكب التطورات التي تحدث في العالم ، ومرة أخرى تقع مصر في انتكاسة اقتصادية من خلال ثورة ٢٠١١ وما صاحبها من عدم استقرار ، وتلكأ قطاع السياحة وقطاعات أخرى ، وعَمَّت الفوضى خلال سنتين حتى ثورة يونيو ٢٠١٣.

لقد استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسي من خلال الإصلاحات الاقتصادية أن ينهض بمصر في مشاريع عملاقة كانت بمنزلة المنقذ للبنى الأساسية المصرية ، والبنى الاقتصادية ؛ أعطت ثمارها وستعطي في المستقبل القريب إن شاء الله ، إلا أن كل هذا يحتاج دعماً عربياً ودعماً شعبياً ودعماً اقتصادياً ؛ لتنهض مصر بتلك المشاريع ، ناهيك عن ما تعرَّض له العالم بجائحة كرونا والتي أثرت سلباً على الاقتصاد المصري كما تأثر الاقتصاد العالمي برمته ، ولازالت آثار الحرب في أوكرانيا تؤثر على العالم ومن ضمنه مصر العزيزة.

كان الرئيس السيسي صريحاُ مع شعبه من خلال طرحه للحالة الاقتصادية لمصر من خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في العاصمة الإدارية يوم ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٢ ، وما تلاه من أحاديث ؛ فكانت الشفافية عنواناً لتلك الأحادث.

نعم مصر تمر بأزمة اقتصادية خانقة .. فهل نترك مصر لوحدها تواجه خطر انهيارها الاقتصادي أم اننا سنقف معها ؟؟
إنها مصر العربية ؛ مصر التي كانت ولازالت تفتح أبوابها للعرب ؛ مصر التي إذا ما احتجنا لها كانت السباقة في مد يدها ، مصر التي هي ذراع الأمة في القوة والأدب والفن.

إذا لا سمح الله تعثرت مصر ؛ فسوف لن تقوم للعرب قائمة ، وسوف نندم جميعنا على فرصة منحها لنا الرئيس السيسي بعد حديثه وتوضيحه لحالة مصر الاقتصادية ، نعم هو ناشد شعب مصر ولكنه أيضا ناشد أمته العربية.

من هنا أناشد أبناء الأمة العربية بمد مصر لتأهيل اقتصادها ، وعدم منح المتربصين بها فرصة للانقضاض عليها ، وهدم بنائها ، واستباحة أمنها ، وانهيار كيانها لا سمح الله.

وعليه يجب ألّا نقف متفرجين أو أن نتخذ الصمت عنواناً لمواجهة أزمة مصر ، بل يجب علينا أن نهب ونقف معها لتظل مصر شامخة ، وتبقى العمود الصلب في بيت العرب..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى