بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

إنـها ليـسـت مجـرد لعـبة !!..

مـريـم الشـكـيـلـيـة

 

إنـها ليـسـت مجـرد لعـبة !!..

 

كرة القدم فسحة تنفس تتيح للوطن المتفتت أن يلتئم حول مشترك ما…     “محمود درويش”.

أنا لا أحب كرة القدم للفوز بجائزة الكرة الذهبية .. ألعب كرة القدم لأنني سعيد…     “نيمار”.

في كرة القدم كما في صناعة الساعات الموهبة والأناقة لا يعنيان شيء بدون الدقة والصرامة…     “ليونيل ميسي”.

والكثير الكثير مما قيل ويقال بشأن الساحرة .. كرة القدم ليست مستطيل أخضر وكرة، أو مجرد لعبة بأحد عشر لاعباً .. كرة القدم تعتبر إحدى رياضات الحياة التي يُعَوَّل عليها في إنجازات الدول من الناحية التنظيمية أو الإقتصادية وحتى السياسية وهذا ما شهده العالم على مدار الأعوام السابقة.

رغم أن كرة القدم هواية من الهوايات الرياضية التي تصنف ضمن العديد من الهوايات في شتى المجالات المتعددة التي نعرفها، فهي أيضاً توصف (بمعشوقة الملايين) لما لها من شعبية كبيرة في العالم، ولا تخلو دولة أو قارة أو شعب من ملاعب كرة القدم، أو بطولة محلية، أو حتى الحديث عنها، أو تنظيم فعاليات لها؛ حتى وصل الحد أنها اليوم يُعَوَّل عليها في حل الكثير من المعضلات التي تواجه العالم هنا وهناك، وأصبحنا نستمع لعبارة تردد كثيراً (ممكن للرياضة أن تصلح ما أفسدته السياسة)، وهذا يدل على الدور الكبير الذي تتمتع به هذه الرياضة العريقة.

وقد يتساءل البعض ما الذي يميز كرة القدم عن غيرها من الرياضات أو الهوايات الأخرى ؟ ولماذا تحظى بهذه الأهمية الكبيرة؟
الجواب هو؛ أن ما يميز كرة القدم هي طريقة لعبها وما تحدثه من إثارة جعل لها شعبية كبيرة حول العالم؛ قد تجد نعم هناك رياضات أخرى معروفة ولها محبيها ومتابعين لها مثلاً الكرة الطائرة أو كرة السلة أو ألعاب القوى وغيرها من الرياضات، والتي أيضا تحظى باهتمام واسع، ولكن ليست ككرة القدم التي تتفرد بأعلى مشاهدة ومتابعة وممارسة من كل الشرائح والأجناس – الكبير والصغير ، الرجل والمرأة -، وهي بغض النظر عن كونها رياضة قديمة إلا أنها اليوم تتسم بشعبية كبيرة جداً حول العالم؛ فلا تجد بيتاً من البيوت أو حياً من الأحياء إلا ويشاهدها أو يمارسها أو يتحدث عنها وعن لاعبيها، وهي الرياضة التي اجتمع على حبها الفقراء والأغنياء ومتابعتها على حد سواء، ويستمتع الجميع بمشاهدة مبارياتها وبطولاتها؛ جماعة أو منفرداً في أجواء من البهجة والحماس التي تنشرها هذه الرياضة في قلوب الناس.

وتحظى لعبة كرة القدم بأهمية كبيرة؛ كونها اليوم أصبحت ذات مردود اقتصادي، واستقطاب سياحي للدول؛ من خلال تنظيم البطولات الإقليمية أو الدولية يتوافد لمشاهدتها المشجعون من شتى دول العالم مما يسهم في إنعاش السياحة وترويج السلع والتعريف بالدولة المضيفة وبتاريخها وحضارتها وإنجازاتها من خلال تسليط الأنظار إليها، واليوم  تعد الدول التي ترعى فعاليات وبطولات رياضية وبالخصوص كرة القدم تعد من الدول التي تتسم بالمشاريع القوية والبنية التحتية الجيدة، وارتفاع مستوى الأمان فيها ليجعلها قادرة على تنظيم مثل هذه الأحداث المهمة؛ لهذا تتسارع الدول اليوم إلى تقديم نفسها لاستضافة هكذا حدث؛ لما لها من أهمية على مستوى كافة الصُّعُد.

وكما لكل مجال تاريخ وخلفيات ومحطات وأحداث تعاقبت عليه؛ أيضا المجال الرياضي بشكل العام، وكرة القدم بشكل خاص؛ كان لها تواريخ وأحداث لا تنسى ومحطات علقت في الذاكرة؛ إن كان حدثاً فردياً أو جماعياً، ومثال على هذا يحضرني الآن مونديال العالم لكرة القدم عام 1938 الذي أقيم في العاصمة الفرنسية باريس؛ كانت البطولة التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية والتي كانت بمشاركة سته عشر فريقاً فقط، وبعد انسحاب النمسا إثر غزو ألمانيا لها؛ أصبح عدد الفرق خمسة عشر فريقاً، وهذا المونديال الذي كان بطله المنتخب الإيطالي ليس فقط لأنه تغلب على المنتخب المجري، وإنما كان بسبب البرقية التي تلقاها قبل بداية المباراة من (موسيليني) والتي جاء فيها مخاطباً فريق بلاده “إما الفوز أو الموت” .. وغيره من الأحداث التي جعلت للساحرة الكروية تاريخ مفعم بالأحداث والمحطات والصراعات وصلت حد القطيعة،  والبطولات التي ميزها عن باقي الرياضات.

لهذا هي لم تكن لعبة فقط، بل إنها تخطت أيضاً كونها رياضة مهمة من الجانب الصحي والبدني وأهميتها للياقة البدنية والعقلية، فقد  أصبحت أوسع وأشمل من هذا، أصبحت لها قوانين وضوابط تحكمها وتنظمها، وكل هذا ناتج عن أحداث مرت بها، وجعلت منها رياضة شعبية عالمية تدخل البهجة والحماس والتفاعل لمتابعيها وعشاقها، وجعلت من رياضيها أبطالاً لهم محبين ومتابعين، ولهم أهمية وقيمة، ومع الانفتاح والتسارع في العالم من خلال برامج التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت أصبح من السهولة متابعتهم حتى حياتهم الشخصية؛ لهذا اليوم يعرفهم الصغير والكبير، الجاهل والمثقف، الغني والفقير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى