بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

روح الـكـاتـب..

ماجـد بن محـمـد الوهـيـبي

 

روح الـكـاتـب..

 

منذ زمن بعيد كنا نشتاق لتلك الطلة ونرقب تلك الصحف لنقرأ منذ الصباح الباكر ولو كلمة؛ في تلك الرقعة الحبيبة من تلك المدينة العريقة يحلو اللقاء مع الأحبة على شمل الكلمة والوحدة.

وكأننا من سُكر السهر يخيل لنا أن الصحف تُلَوِّح لنا بيديها وقت السحر فنستعجل بزوغ الفجر، وكأنني أسمع صدى الماضي من خلال هذه العبارات.

وأسترجع شريط الذكريات مع بوادر الشتاء وتغير النسمات الذي يذكرني بزمن الطفولة ومراتع الصبا فنكبر ولا يزول الحنين ونشيخ ويبقى الحب الدفين، نلامس بأيدينا التراب تارةً ونتقاذف بحفناته تارة أخرى.

ونتوقف عن القراءة وكتابة خربشات الكلمات على قصاصات الأوراق، ونعود مجددًا للقراءة والكتابة ف القراءة والكتابة وطنانِ يضمهما وطنٌ أكبر منهما يتمثل في روح الكاتب.

أرأيتم من يعشق وجهة ما، أفلا يسعى لبلوغ الوجهة، أرأيتم من يسعى لبلوغ هدف أو غاية ويحرص دومًا أن يصل إلى القِمة؛ هذا هو حال القارىء يبحث علماً بالكلمة وهذا هو دأب الكاتب يخدم قُراء الكلمة.

والوطن الأم يباهي بقُراء الكلمة، والكُتاب لهم دورٌ في الوطن إذا ما علت الكلمة بعلو الهمة؛ ثمة نوازعٌ تَقُضُّ مضجع الكاتب وتحثه للعودة سريعًا لتلك البقعة، وهنا يصارع الكاتب سُلطانين سُلطان النوم وسُلطان الكتابة فأنى له أن ينتصر.

ولا ينتصر إلا من غلبت همتُه شهوتَه، وصفت نيته فأخلص لما يحب، وعاد صدى الماضي إلى أذنيه وقلما يفارق روحه وعينيه.

لهيب الشوق يعصر القلب فينضح بمكنونات الكلمات فيسافر الفكر كالنسمات عبر تلك الأحداث والمحطات، أيُ ريح طيبة بعثت بعروس الذكريات.

أمزج مرارة القهوة ببعض النكهات فلا أستسيغها؛ فأعود للطعم الأم وأستحضر ما قاله أبو تمام :
نَقّل فؤادك حيث شئت من الهوى .. ما الحب إلا للحبيب الأول.
هي الأشياء تعود لأصلها وإلى نصابها.

وهكذا هي بعض الألوان تحب أن تسود لوحدها كاللون الأسود القاتم للقهوة وطعمها الأصيل، كبياض الثلج ليس له شبيهٌ أو مثيل، وكذا هي عمق المعاني والمفردات من دِقة التصوير ووابل الكلمات قد لا تستوعبها المجلدات والموسوعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى