تركت روحي على ضفافها..
يحيـى بن حمـد الناعـبي
تركت روحي على ضفافها..
كم هي لحظات الوداع مؤلمة، وكم هو الشوق إليها كنهر جارف؛ وداع ليس كأي وداع يحدث في هذه الحياة، ولكنه وداع من نوع آخر، قلما يحدث في هذا الزمان فكيف لك أن تترك روحك وقلبك وكيانك وهواءك الذي تتنفسه وترحل باختيارك ؟!.
نعم باختيارك؛ ترحل إلى فضاءات تستكشف في مكنوناتها الكثير والكثير من أسرار هذه الحياة كمثل الغواص الذي يخاطر بحياته في بحر متلاطم الأمواج لكي يستخرج من خيراته اللؤلؤ والمرجان؛ فقد أفنيت عمري لخدمة أبنائي الطلبة وإخواني المعلمين بكل رحابة صدر من غير تأفف ولا منة، فقد اعتبرته واجباً علي فوق الواجبات الرسمية المنوطة علي كمنسق شؤون مدرسية ، وكل عمل أقوم به لغرس الحب والولاء والانتماء لهذه المدرسة المجيدة الخالدة (الحارث بن خالد) هو كفارة لأي تقصير في عملي الأساسي ودرء لأي غرور أو تكبر قد يصيبني من خلال نجاحي في برامج كثيرة قدمتها في مدرستي المجيدة الخالدة، فقد كانت بيتي الثاني، وأحيانا كثيرة تصبح بيتي الأول، فقد ضحيت بالغالي والنفيس لأجلها وبكيت بكاءً مرّاً في مراحل عديدة لأجل أن تصل هذه المدرسة إلى درجات سامقة من المجد والرفعة والسمو، فأصبحت بفضل الله وتوفيقه من المدارس التي يشار إليها بالبنان وتبوأت مكانة عالية في نفوس الجميع من معلمين وطلبة وأولياء أمور ومسؤولين في وزارتنا الموقرة.
وقد تلقيت الكثير من رسائل الشكر والتقدير والإطراء لمن يكنون لي الحب والاحترام، نابعة من أعماق قلوبهم المخلصة تجاه شخص بسيط لايمتلك شهادات عليا بل دبلوم الكلية المتوسطة للمعلمين، ولكنه كان كفيلاً بأن يصل لدرجات الماجستير والدكتوراه في حياة الناس وفي قلوبهم، وهذا أعظم مكسب لأي إنسان في هذه الحياة؛ فحب الناس لك لايمكن أن تشتريه لأنه لايقدر بثمن ولو دفعت كنوز الدنيا كلها؛ فحري بي أن أرد الجميل لمدرستي الغالية التي أكرمتني أيّما تكريم، وأظل في خدمة أبناء الوطن في كل مدرسة، وفي كل حارة، وفي كل حي من أحياء بلادي الغالية عمان الخير والنماء.