بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

عن محاولات تمديد الهُدنة في اليمن..

وافـي الـجـرادي

صحفي ومحلّل استراتيجي

 

عن محاولات تمديد الهُدنة في اليمن..

 

في تمام الساعة 6:00 مساءً من يوم الأحد، الموافق 2022/10/2م انتهى موعد هدنة أممية وللمرة الثانية في اليمن بعد 6 أشهر من بدئها، وقبل موعد إنتهائها لاحظنا حراكاً أُممياً واسعاً عبر مبعوثها الخاص لليمن “هانس غروندبرغ”؛ حراكاً خاضه المبعوث في كلاً من السعودية ومسقط وصنعاء سعياً منه لإقناع كل الأطراف بقبول مقترحاً أُممياً بتمديدها وللمره الثالثة على أن يتم إضافة آليات جديده تُسهم في تخفيف المعاناه، وتُمهّد للسلام في اليمن، وقد نجحت الأمم المتحدة في إقناع التحالف بقيادة “الرياض” وحلفائها في الداخل اليمني بالقبول بتمديد الهُدنة، ووافقت الرياض وحلفاؤها بالتمديد، لكن جماعة أنصار الله رفضت أي تمديد للهُدنة في ظل عدم تطبيق بنودها التي تم التوافق عليها منها دفع رواتب موظفي الدولة ورفع الحصار بحسبما يتحدث به مسؤولو حركة أنصار الله.

نجحت الهُدنات المعلنة في اليمن من قبل الأمم المتحدة في وقف الغارات الجوية للرياض وأبوظبي على اليمن، ووقف القصف الصاروخي، وضربات الطائرات المُسيّرة لأنصار الله على السعودية وأبوظبي، وساهمت في تقليل كلفة الصراع والحرب لدى كل الأطراف المتحاربة داخل اليمن وخارجها، ورأى اليمنيون فيها مخرجاً مُلحّاً وضرورياً للوصول الى توافق ينهي معاناتهم وأوجاعهم ، ويضفي الى دولة يتقاسمها الجميع، وتحكمها إرادات وطنية بعيداً عن وصايات ووشايات الخارج.

وكانت الهُدنة الأممية والتي بدأ سريانها في الـ 2 من إبريل الماضي تضمنت بنوداً منها رفع الحصار، ودفع رواتب موظفي الدولة، وفتح الطرق وموانئ الحديدة، ورفع الحصار، والإفراج عن الأسرى؛ إلا أن كل بنودها ومضامينها لم تنفذ رغم مرور سته أشهر ، وما نفذ منها إلا البعض كفتح مطار صنعاء وتخصيص رحلتين أسبوعيتين، والسماح لسفن المشتقات النفطية بالدخول الى ميناء الحديدة، وفشلت في التوافق على فتح الطرقات وتحديداً في محافظة تعز، ولم يتم تسليم مرتبات موظفي الدولة… أي أنها لم تؤدِّ الى النتائج التي تم الاتفاق عليها وبشكل المطلوب ، ولم تُمهّد الطريق امام كل الاطراف لحوار بناء ومتين يتم عبره الولوج لتفاهمات إنهاء عقدة الحرب وتداعياتها الكارثية.

لولا شرارة الحرب الروسية الأوكرانية التي انطلقت في الـ 24 من فبراير الماضي وما نجم عنها من أزمة طاقة عالمية، لما قُدّرَ للامم المتحدة ومعها القوى الدولية وعلى رأسها امريكا وبريطانيا وفرنسا أن تعمل وبكل جهد لتحقيق الهدن في اليمن، ووقف الطلعات والغارات الجوية بين أطراف الحرب، ولما أكدّت هذه القوى مرات تلو المرات على ضرورة التزام كل الأطراف بالهدنه وكل هذا ليس حباً في أن يغدو السلام وإنهاء المعاناة والأوجاع لليمنيين، وإنما تنظر هذه القوى بأن استمرار الحرب في اليمن في ظل وجود أزمة طاقة ليس في مصلحتها، تحديداً في حال تم استهداف منشآت الطاقة في السعودية والإمارات وبصواريخ وطائرات مسيّره تابعه لحركة أنصار الله (الحوثيين) ، فلو حصل استهداف لمنشأت الطاقة فالاسعار سترتفع وقد يصل سعر برميل النفط لـ 200$ ، بينما هذه الدول تعيش أحلك الظروف والتداعيات والمخاطر نتيجة وصول سعر البرميل النفط لحدود 100-105 دولار فكيف لو تتضاعف الأسعار؟.

وبالنظر الى نتائج الهدنات المعلنة ومنذ سته أشهر فإنها لم تؤدِّ دورها في تعزيز فرص السلام في اليمن بين الاطراف المتصارعة بقدر ما هي عامل مساعد ومهم لإعادة ترتيب صفوف هذه الأطراف ، وتعزيز الزخم العسكري البشري وحتى المادي والمعنوي أيضاً، فقد لاحظنا العروض العسكرية والعدة والعتاد لدى هذه الأطراف وبصورة تدعونا للقول بأن الهدنه ماهي إلا مجرد استراحة مؤقته للمحاربين للأسف، بينما الفقراء وذوي الحاجة في كل ربوع اليمن يتلهّفون لوقف الحرب ، ويراقبون عن كثب موعد وقفها وتأمين ولو أبسط احتياجاتهم ، فالحرب ذات طابع مأساوي كارثي نال من ملايين اليمنيين، وحوّل حياتهم الى حياة يسودها الخوف والجوع والموت.

عندما تكون بلد كاليمن رهن توجهات ومصالح دولية تبقى عملية وقف الحرب وتحقيق السلام مهمة صعبة، وتواجه ثغرات عدة ، فالحرب في بلادي ولعامها الثامن وإن كان مشعلوها الحوثيون والتحالف الخارجي بقيادة السعودية إلا أنهما غير قادرين على إدارتها بعيداً عن رغبات وتوجهات قوى دولية فاعلة في اليمن، وليسوا قادرين أيضاً على صياغة عقد جديد من السلام والتوافق وصولاً الى إنهائها بعيداً عن رعاتها الدوليين، ومن هنا تبقى أي عملية سلام قادمة في اليمن مرهون بتحقيق رغبات وتطلعات قوى دولية بعينها، وإن كان ذلك على حساب تفكيك وتقسيم اليمن أرضاً وإنسانا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى