خـط تـعـريـفـك..
مَـيّـاء الصَّـوّافـيَّـة
خـط تـعـريـفـك..
يا صاحب اللقب، أرى لقبك يتصدر خط تعريفك، تنتفش حروفه يا مبجل؛ لتسمو به في سماءات عقول متوسمه الخير من انعكاس كرسيه على وقع قلوبهم، وإن اقتربت عدسة الحقيقة ما هو إلا لقب أجوف خاو تباعد محور اسمه عن دائرة فعله.
مااسمه إلا ملاطفات في ولائم ليلية، أو مسامرة قمرية في خلاء غاب عنه عسس الرقيب.
ما فعله لقبك أيها المبجل إلا أجندة مؤجلة يتطاير غبارها تصيب رئتيك بسعال مفاجىء، لا تعي من هذه الأجندة شيئا؛ فهي خارج نطاق تفكيرك، وأجزم ذلك إن كانت لفقير اعوجت به السبل؛ فرأى المسكين أن المنقذ هو لقبك.
لم يخطر على تفكيره المستقيم بأن عينيك لن ترى إلا أجندة اللامع قرشه المليء بطنه، أما هو فبابه مؤصد.
ألم ترَ تدافع الأرواح على مساحات لقبك، متوسمة من فيضه قطرات تبلل غليلها، وتقر أعينها بالوصول إلى مناها، وحياة دربها، الذي طالما حاولتْ أن تنبتَ فيه شيئا من ثقة تتلاحم بها معك، وأن تبحث في عينيك عن نور صدق يشرق به جبين الوطن إخلاصا، وبناءً ممجداً؟.
لكني أراك، كم رددتها خائبة الظنون، منكسرة العود أمام سطوة جذعك! الذي ترفع من أن تتسلق عليه أياديها التي غابت عنها طراوة الحياة، وكرامة العيش السوي، وما نالها منك إلا تعب المسعى، وتتالي الأنفاس في نيل مناها؛ فقد سدته قبضتك القاسية.
ألم يوضع لقبك أيها المبجل من أجل هذه الأرواح؟ ألم يسخرك أولو الأمر لتكون عينا على خبايا أمانيها، وإغاثة لشائنة ضجرها، ودواء لانتكاسات صحيحها؟.
ألم يُؤمَّل فيك القيام بالواجب، أم أن لقبك ما كان إلا من أجلك فقط، من أجل أن تزيد تربعا عليه،وعزا لتعاليك، وتمجيدا لسطوتك، وانحناء أمام ضخامة شأنك؟.
أليس لقبك يا مبجل يرتفع كوسام يتزين به سماء الوطن إن امتلأت به قلبا وقالبا، عملا وفعلا، أملا ووصولا، تقدما وطموحا، انسجاما ورغبة؟
ألم تحملك المسؤولية حساب الأمانة، ألا تعي بأنك مسؤول عما حملته على عاتقك، أم أنك ذاك الجهول الذي حمل الأمانة، ولم يزرع في ضميره دروع حمايتها؟.
أعلم بأن كتابك لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، ومن فرشت لهم فراش الملاينات سيفرون منك؛ فارجع إلى لقبك كفعل، وناصر الفقير قبل الثري، والضعيف قبل القوي، حينها سيشهدالله (تعالى) لك بأنك حملت الأمانة على محمل الضمير والجد، وأديتها بوجهها الكامل المنير، الذي تبنى به أركان الأوطان، ويسمو به الإنسان كرامة وسعادة.
ليكن لقبك كشجرة خضراء مترامية الاخضرار، ينظرها القريب والبعيد، ويستظل بها من أحرقته حرارة المظلمات، ومن رجا بقضاء الحاجات؛ لتبرد من لظى غليله، ولتقويه حين يُكسرَ عوده أمام استقامة لقبك.
ليكن لقبك ابتسامة عون على وجه روح تنازعتها السبل، وعلى جبين كريم ما طالب إلا بعزته وفي وجه يد ما رجت إلا حقها.
ما أجمل أن تسخر لقبك كما هو على هيئته؛ لتبني به الأوطان! حتما حينها سيزدهر الوطن، وستنبت على مرابعه أمنيات التعاون، وأمارات التكامل، وستقوى حدوده، وكأنك مرابط عليها وما دفاعك عنه إلا إخلاصك له.
ما لقبك أيها المبجل إلا التعريف بنوع واجبك؛ فلا نكن مع الواجب متخاذلا بل قائما، ولا محابيا بل منصفا، ولا مغلقا متزمتا بل منفتحا لكل صحيح، مؤمنا بكل ما ينفع.
ما لقبك إلا عون لغيرك، ولتسهيل دربه بما يحسن السير عليه؛ حتى يصل إلى وجهته، ولتكتمل بلقبك دائرة العطاء، وتواد الألفة كالجسد الواحد.
يتنوع لقبك يا إنسان؛ فتتنوع مسؤوليتك معه؛ فكن قدوة حيث وضعك لقبك، واجعل منه رسول سلام بينك وبين الذين هم متوجهون إليه، وشدوا ركابهم إلى ظلال منفعته، وعدالة حماه؛ بهذا ستنشد لوطنك أناشيد السلام والكرامة، وسيرتفع بين الشعوب منارة مرفوعة الهامة يتمنى الغير أن يستنير بها، ويسير على نهجها، وأن يحظى بشرف الذهاب إليه، والعيش ولو في بقعة منه.