بيـن أحضـان الضـباب والـرذاذ..
رحمـة بنت مبارك السـلماني
بيـن أحضـان الضـباب والـرذاذ..
بين أحضان الضباب والرذاذ في أنحاء محافظة ظفار الجميلة ستخطفك نسمات الخريف الباردة، ويأسرك الضباب الكثيف على الجبال، ويداعبك الرذاذ الخفيف المتساقط باعتدال، وقطعان البقر والجمال في السهول الخضراء والتلال، وتفاصيل كثيرة مكونةً لوحة بديعة الجمال، لتعيش واقعاً أجمل من الخيال، ويسرقك المكان عن الزمان، فيمضي الوقت سريعاً وكأن الزمن في تلك البقعة الساحرة أسرع من أي بقعة أخرى في العالم، ويلهيك عن تهافت جموع الناس والسائحين من مختلف الدول، الذين جاؤوا طامعين في الاستجمام والاستمتاع برؤية الجمال والإبداع الرباني المتمثّل في المناظر الطبيعية الخلّابة، والخضرة الممتدة على مد البصر، والتي هي من أجمل النعم التي يجب أن نحمد الله عليها في كل لحظة وحين، فتلك الهبة الربانية جعلت بلادنا الحبيبة متفردة ومميزة بين مثيلاتها من البلدان الخليجية والعربية، لتكون وجهة سياحية ومزار سنوي ومحط أنظار العالم أجمع رغم ضعف الترويج السياحي لها.
في ظل الحكومة الرشيدة التي سعت إلى تسخير الامكانيات، فقد عملت بلدية ظفار بمختلف فروعها مشكورة على توفير الخدمات والمرافق العامة في كل المواقع، وفي كل ناحية من المحافظة لخدمة السائحين، مثل الأماكن المخصصة للصلاة وأماكن الألعاب والترفيه ودورات المياه وحاويات القمامة، لكن السلوكيات التي تصدر عن بعض مرتادي المواقع السياحية، والتي تنم على قلة ثقافة ووعي ومسؤولية للأسف الشديد، فكل سائح سواء كان من داخل السلطنة أو من خارجها فهو ينقل ثقافته وأخلاقه من خلال سلوكياته وتصرفاته عند زيارته لأي بلد يزوره، هناك من يكون مثالاً يحتذى به في حسن التعامل ورُقي السلوكيات والأخلاق، وفي المقابل هناك من يسيء لنفسه ولبلده بسلوكياته السيئة، فالثقافة سلوك اجتماعي يتسم بالقيم والأخلاق التي يكتسبها الفرد من خلال تعامله مع الآخرين في المجتمع.
من السلوكيات التي لفتت انتباهي وأثارت حفيظتي، أنه رغم كثرة وانتشار اللوائح الداعية للمحافظة على نظافة المكان، ورغم توفر وانتشار حاويات وسلال القمامة في كل موقع في السهول والجبال والوديان والعيون، إلا أن البعض (وليس الكل) لا يبادر بوضع القمامة في الأماكن المخصصة، بل يعمد إلى تركها ملقاة على العشب أو على حافة الطرق، والبعض الآخر يلقيها من نوافذ المركبة أثناء سيرها أمام مرأى العامة دون شعور بالخزي، الأمر الآخر أن هناك فئة من الناس ممن يثيرون الذعر والفوضى والازعاج بقيادتهم لمركباتهم برعونة على المسطحات الخضراء، واستعراضهم لمهاراتهم القيادية وسط تجمعات السائحين والعائلات.
كما يبدو أن جشع بعض مُلاك المحلات وأصحاب المراكز التجارية في محافظة ظفار دفعهم لرفع أسعار المواد واستغلال حاجة المستهلك ليصل السعر إلى الضعف أحياناً، وكأن موسم الخريف فرصة لتحقيق مآربهم وإنجاح مخططاتهم ومضاعفة أرباحهم، لذلك فإن بعض المحلات التجارية لا سيما محلات بيع المواد الغذائية وبيع الخضروات والفواكه تتباين أسعار المواد فيها مع مثيلاتها من المحلات في نفس الموقع أو المنطقة، ولا يستبعد أن تُطبِّق محلات بيع مواد أخرى كالكماليات مثلاً أو محلات بيع مستلزمات الرحلات وغيرها الخطة ذاتها.
كلمة أخيرة لا بد أن تقال في حق حماة الحق وحراس المبادئ، تحية إجلال وشكر لشرطة عمان السلطانية على جهودها التي ظهرت للعيان بصورة بارزة ومشرّفة، فقد كانت شرطة عمان السلطانية متواجدة في كل موقع وفي كل مكان، عند المنافذ في السهل والجبل، وعند مداخل ومخارج الأودية والعيون، وجميع المواقع التي تشهد ازدحاماً أو كثافة سياحية، فقد كان لهم الدور الأكبر في حفظ الأمن من خلال تنظيم حركة السير، من أجل ضمان التنقل بسلاسة بين المواقع المنتشرة في كل ناحية من المحافظة، وإرشاد مرتاديها من داخل السلطنة والقادمين إليها عبر الخطوط البرية من الدول المجاورة، وإعانة من تقطّعت بهم السبل، وكذلك ردع المخالفين وكبح جماح المتهورين.
تحية إجلال وتقدير للشرطة عمان سلطانية وكل جنود عمان الأبطال وكل منتسبي جهاز عسكري ❤️🌹