بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

هـذا خـلـق الله ……!!..

محـمـد عـلـي البـدوي

 

هـذا خـلـق الله ……!!..

 

أدعوك عزيزي القارئ بأن تتمتع بمشاهدة الصور التي التقطها “تلسكوب جيمس ويب” العملاق.

وتذكر أن تردد على دوام الساعة بل الدقائق والثواني قول الله عز وجل : (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه).

قولاً واحداً هذا إعجاز بشري يحق لبني البشر أن يفخروا به.

زادت تكلفة بناء التليسكوب العملاق على ١٠ مليارات دولار ويستخدم أحدث تقنيات التصوير بالأشعة تحت الحمراء، وهو عبارة عن تقنية جبارة وتقدم علمي كبير جدا يجعلنا نقترب قليلا من التعرف على جزء بسيط من خلق الله.

لا يمكن إلا أن نقر ونعترف بأنه سبق تاريخي ليس له مثيل في تاريخ العلوم، وخطوة هامة إلى الأمام في تاريخ العلوم، ورسالة بأن التعاون بين البشر يؤدي إلى نتائج مذهلة.

هذا الكشف العلمي المذهل، وتلك الصور التي لا مثيل لها من قبل؛ ما هي إلا نتيجة منطقية للتعاون العلمي والضخم، واستثمار للأموال الهائلة، واستخدام أمثل لطاقة ونبوغ العلماء والمهندسين والعمال والتقنيّين والباحثين والأطباء الذين تخطت أعدادهم الآلاف.

تعاون تم بين مؤسسات علمية وبحثية استمر لعشرات السنوات حتى تم نشر أول الصور التي أذهلت عقول العالم.

وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية وأكثر من ٣٠٠ جامعة ومركز بحوث و ١٤ دولة حول العالم شاركوا في هذا النجاح الذي سيظل يذكر على مدار التاريخ؛ لذلك استحق أن نطلق عليه عملاً إعجازياً من المقام الأول بكل المقاييس.

التليسكوب التقط باختصار أفضل وأوضح وأول صور لجزء من الكون الهائل؛ لنعرف كيف أن حجمنا ضئيل للغاية وأن الكون حولنا يمتد إلى مالا نهاية وأننا مجرد جزء من مليارات بل تريليونات الأجزاء التي لا تظهر على الصور الملتقطة لضآلة حجمنا.

يدور التليسكوب في مدار فضائي يسمى (لاجرانج) يبعد عنا حوالي مليون ونصف ميل في الفضاء الفسيح واستغرق بناؤه ما يقرب من ٢٠ عاماً.

منذ سنوات طويلة تم إطلاق تلسكوب (هابل) ومن خلاله استطاع العلماء إلتقاط الصور لمجرة درب التبانة التي ننتمي إليها كجزء من المجموعة الشمسية وهذا كان أقصى ما يستطيع هذا التليسكوب القيام به.

أما تلسكوب ويب فهو أقوى عشرات المرات وقادر على تخطي المجرات إلى ما هو أكبر وأضخم وأبعد منها، إلى الكون الفسيح، إلى أطراف الكون وما وراءها وإلى مجرات وعوالم مختلفة.

تخيل أنه يستطيع تصوير مليارات المجرات وليس مجرة واحدة، كذلك الأطراف الكونية وما حولها وما بعد بعدها وكل ذلك مجرد جزء من أجزاء ممتدة وفسيحة في هذا الكون الذي خلقه الخالق بحكمة وتدبير لا تقدر على استيعابه عقول البشر.

لقد حدد العلماء عمر الصور التي التقطت بحوالي ١٣ مليار عام؛ تخيل أنك ترى صورا لعوالم منذ ١٣ مليار سنة !!.

هلموا وأجمعوا أبناءكم وحدثوهم عن هذا الكشف العظيم واربطوا حديثكم عنه بقدرة الله على خلق ما نتصور ومالا نستطيع تصوره وحدثوهم عن قدرة الإنسان على التحدي والصبر والصمود حتى يصل إلى هدفه.لا تدعوا الأمور تمر مرور الكرام، فأولادنا بحاجة إلى قدوة وصور مشرقة تبعدهم ولو قليلا أو مؤقتا عن مساوىء الإنترنت.

أعلم أن هناك فئات غير قليلة في عالمنا العربي لا تهتم بما يحدث، ولا لوم عليهم؛ فالتنشئة ونظم التعليم تحول دون ذلك.

نحن يا سادة نهتم ببرامج الطهي وكرة القدم ولا نقدس العلم، نحن نستخدمه فقط (العلم) لأغراضنا الدنيوية الأستهلاكية، نستخدمه لندمر به عقول أبنائنا ونهرب من النقاشات حول العلم والعلوم.

نحن نعشق الكسل والتراخي والتقليد الأعمى والإستيراد الإستهلاكي ونكره الإبتكار والإبداع، لذلك لا عجب في أن يمر حادث عظيم الشأن مثل الذي نحن بصدده دون أن نرى ردة فعل مناسبة للحدث.

سوف يأتي يوم يرى فيه أحفادنا الرحلات السياحية متوجهة إلى هذه العوالم الخفية من الكون وذلك بعد أن رأينا رحلات الفضاء التي قام بها رجال الأعمال الأمريكان إلى الفضاء خلال السنوات القليلة الماضية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى