بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

سوق صحار عراقة الماضي وإشراقة الحاضر..

عـبـاس الـمـسـكـري

 

سوق صحار عراقة الماضي وإشراقة الحاضر..

 

لكل تاريخ بوابته ولكل حقبة أهميتها، وبما إننا نؤمن أن التاريخ جديدا متجدد يحمل بين جنباته الكثير من الرؤى والمترادفات وينطلق من أبجديات قلما تجد من يحسن صياغتها ويعيد بلورتها ويجعل منها كيانا حاضرا وأنموذجا يحتذى به، وبما إننا سنتحدث عن سوق تاريخي يقع في بوابة الاقتصاد القديمة التي انطلقت منها قوافل التجارة التي أنستنطقت رمال الصحراء، وأشرعة السفن والصواري التي مخرت عباب البحار حاملة بين جنباتها رسائل السلام وعبق التاريخ الذي انطلق من صحار إلى كافة الأمصار في مشرق الأرض ومغربها وشمالها وجنوبها، ولا يمكن أن ينسى أو يتناسى دور صحار في أستقطاب التجار ليواكبوا النهضة الإقتصادية التي كانت تشتهر وتزدهر بها صحار.

سوق صحار ينبعث منه عبق الماضي وذكرى الأجداد ولا شك ابدا إن سوق صحار يعد احد الأسواق المهمة في المنطقة منذ مئآت السنين حيث كان مصدرا مهم للكثير من البضائع العمانية المصدرة للأسواق العالمية والدول المجاورة، وبعد سنوات عجاف مر بها هذا السوق ، قامت ببلدية صحار بإعادة ترميم السوق بعد إندثار دام طويلا، حيث تمت المراعاة خلال الترميم بأن يكون السوق بالمظهر الذي يتواكب مع الحداثة والمحافظة على عبق التراث العماني الأصيل ليصبح تحفة يجمع الماضي بالحاضر، وبعد سنوات من الجمود أتت المبادرة الطيبة من لدن مكتب سعادة محافظ شمال الباطنة وبلدية صحار بإعفاء المستأجرين لمدة ستة من الإيجار، وهذه المبادرة ساهمت كثيرا في إقبال التجار لفتح المحلات مساهمين بذلك في عودة الحياة للسوق ، ومنذ إفتتاح السوق في 26 يناير 2022 يشهد السوق تطورا ملحوظاً ونجاحاً لم يكن متوقعاً بهذه السرعة ، فمنذ إفتتاحه رسميا يخطو السوق خطوته الأولى في طريق إستعادة المجد.

أتى افتتاح سوق صحار في وقت تمر فيه السلطنة كمثيلانها من دول العالم بجائحة كرونا كوفيد 19 التي أطاحت بالإقتصاد العالمي وطبعا كان لذلك تأثير مباشر للحركة الشرائية ليس في سوق صحار فقط بل في كل مكان ،، ففي البداية كانت هناك حركة شرائية بسيطة ، ولكن كثفت الجهود من خلال العمل المشترك والتواصل الدائم والمستمر بين مكتب سعادة محافظ شمال الباطنة ومكتب سعادة والي صحار، وبلدية صحار والتجار الذين أصروا على الإستمرارية والنجاح ورغم إن الفترة منذ إفتتاح السوق رسميا إلى الآن ليست كافية للتعريف بالسوق إلا إنه بالعمل الدؤوب أستطاع ان يتخطى المسافات ليصل إسم سوق صحار اليوم إلى كل دول الجوار مما كان له الأثر الإيجابي في استقطاب الزوار من مختلف الدول وهذا بحد ذاته يعد نجاحاً نعتز به، وبما أننا جميعاً ليس لدينا شك في أن السوق سوف سينتعش مستقبلا،، شكلت لجنة تطوير سوق صحار تضم اعضاء ممثلين لمكتب سعادة والي صحار، وبلدية صحار وممثل التجار وممثل أفراد المجتمع، وإشراف عام من لدن سعادة محافظ شمال الباطنة الذي أولى السوق إهتمام خاصاً لإدراكه التام لضرورة نجاح هذا السوق وإستعادة أمجاده.

نجاح السوق وإنتعاشه وإستدامته هي مسؤولية مشتركة بين الجميع ومن هذا المبدأ انطلقت لجنة تطوير السوق وحققت نجاحات ملموسة على أرض الواقع ، واليوم سوق صحار يعتبر تجربه ناجحة يجب أن يحتذى بها لإحياء الأسواق التاريخية التي لا تخلو منها ولاية من ولايات السلطنة فأحياء هذه الأسواق يعد رافدا إقتصاديا كما يوفر وظائف مختلفة لأبناء الولايات من خلال تشغيل هذه الأسواق بالكوادر العمانية مقتبسين النجاح العظيم لسوق نزوى، وها هو سوق صحار اليوم كل القائمين على التجارة فيه من الكوادر العمانية سواء كانوا تجار او موظفين في هذه المحلات وأصبح رافدا مهما للإقتصاد ومصدر رزق حيث وفر وظائف لمجموعة من الباحثين عن العمل، علما إن إدارة السوق عملت على إستقطاب العديد من الأسر المنتجة التي قدمت لها بلدية صحار كل الوسائل الممكنة لتسهيل إستمراريتهم بالسوق ناهيكم عن الفعاليات المختصة التي تخدم أفراد المجتمع ، وهناك خطط مستقبلية تعمل عليها اللجنة المكلفة لتطوير السوق جلها تصب في كيفية استدامة النجاح للسوق بعد إنتشار صيته الذي مثلما أسلفت لم يأتِ من فراغ بل أتى من خلال تعاون وجهود مبذولة، ونحن على يقين تام إن السوق سوف تعود إليه الحياة التي عهدها الجميع في الماضي ، ولكن لن يستطيع السوق مواصلة السير إلا إن كثفت الجهود وتكاتفت الأيادي بإستمرار ، ولا بد لأبناء الولاية والولايات المجاورة بصفة خاصة وأبناء عمان بصفة عامة من أن يساهموا في إحياء هذا السوق وأن يعيدوا ذكريات الأجداد وماضيهم الجميل، وبصفتي ممثلا للتجار في لجنة تطوير سوق صحار أتوجه بالشكر الجزيل لمكتب سعادة محافظ شمال الباطنة ومكتب سعادة والي صحار ولبلدية صحار ، وأحثهم على إسنمرارية تقديم الدعم للتجار الذين أيضا جاهدوا من أجل إنتعاش السوق ، والشكر موصول أيضا للشباب من الجنسين ممن ألتحقوا للعمل في المحلات وساهموا أيضا بوقوفهم الدائم ومساندة أصحاب المحلات، وشكرا لكل من شمر عن ساعده ليحمل معول البناء والإعمار لسوق، كما أدعو المؤسسات العامة والخاصة في محافظة شمال الباطنة أن يساهموا بكل ما يمكن المساهمة به للدعم ماديا ومعنويا ليمضي سوق صحار في طريق المجد فقبل أن يون مركز تجاري هو معلم تاريخي وتراثي وإقتصادي لوطننا العزيز الغالي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى