تظاهـرة هَـبـطة العـيـد في عُـمان..
حـمـد الـنـاصـري
تظاهـرة هَـبـطة العـيـد في عُـمان..
تُقام تظاهرات هبطة العيد في السلطنة كسوق تقليدي موسمي ، وموسمها يكون قبل العيد بثلاثة أو خمسة أيام في بعض المناطق ، ويَبدأ التحضير لها منذ بداية الأيام الخمس التي تسبق العيدين وتصل إلى مراحلها النهائية في اليوم السابع، ولهذا يطلق العُمانيون على الهبطة بـ سابع او هبطة سابع .. وهي على موسمين ، الأول قُبَيل عيد الصغير “عيد الفطر المبارك” والموسم الآخر قبل العيد الكبير “عيد الأضحى” ولها عدة تسميات ، منها الحَلقة أو العَرصة أو الهَبطة وهي الأشهر.
وفي كل الهَبطات هناك توقيت دائم وثابت ويكون من أول شروق الشمس حتى أذان الظهر أو قبله بقليل ، ويبدأ الباعة والمُتسوقون يُغادرون ساحة الهبطة التقليدية رُويدا رويداً .. كأوقات تعارف عليها الجميع فتجدهم من تلقاء انفسهم يُغادرون ساحة الهبطة لكأنّ ساعة زمنية في داخلهم يحظر عليهم تجاوز نظام الوقت.
ويحرص المجتمع العُماني ومن كافة ولايات السلطنة القريبة والبعيدة ، كلٌ في ولايته والقرى المحيطة بها، بارتياد الهَبطة ، ففي الهَبطة تتوفّر السِلع والبضائع كألعاب الأطفال والملابس الجاهزة وشراء المواد الغذائية والأكلات العُمانية التقليدية ومُستلزمات الشّواء من الخصَف الذي يُوضع فيه لحم الشّواء بعد التبزيرة ، و”الخَصْفة” يُتم صناعتها من سَعف النخيل وتُستخدم في الشواء العُماني وتخزين التمور .. ويُستعمل خوص النَخل ـ ايضاً ـ في صناعة السُرود ، وهي قطعة حصيرة دائرية الشكل ويوضع فوقها الطعام المُقدم للضيوف ، ويحلو للبعض تزيينها بألوان زاهية جميلة تشدّ الانتباه ، فكل سَفرة طعام ولها لمسَة فنية تُزيّنها وفقاً لجماليات ذوق الصانع ورغبة المُشتري.
وتُمثّل الهَبطة للعُماني فرحاً كبيراً ، وفرصة لشراء المواشي في عيد الفطر والأضاحي في عيد الحج ، كما يحرص العُماني على شراء مواليد المواشي الصغار وذلك لاستخدامها في “العرسيّة” وهي الوجبة التقليدية التي تُؤكل غالبًا قبل صلاة العيد في بعض المناطق وبعد صلاة العيد في مناطق أخرى .. كما يحرص الناس على شراء السَمن البلدي العُماني ويُعرف “بالسمن العربي” أيضاً ، والعسل ، والتوابل المخلوطة ببعضها وتُعرف بخلطة الشواء والمشاكيك.
والمطبخ العماني زاخر بهذه الوجبات وخلطة الشّواء تُستعمل لأغراض مختلفة ومُتعددة وفي كل المناسبات فإنّ عيدان المشاكيك المصنوعة من جريد النخل ، وحطب شجرة السُّمر الصَلب الذي يُعينهم على بقاء النار أكبر فترة ممكنة ، ويُستعمل حطب شجرة السُمر للمشاكيك وللتنور أيّ “للشواء العُماني” ، وكذلك وأوراق الموز ويُستخدم في لفّ اللحم قبل إدخاله في التنور ، ولا يخلو بيت من الحلوى العمانية وتُعد من المقدمات الرئيسية والأساسية في كل مناسبة اجتماعية.
تُعد الهَبطات في السوق العمانية التقليدية ، فرصة لبيع الأسلحة الخفيفة التي يتزيّن بها الرجال في المناسبات المختلفة ، كالبنادق والخناجر والأحزمة التقليدية والسيوف والعِصي ، بالإضافة إلى مكملات اللباس العماني كالمصار والكميم وغير ذلك من مُستلزمات العيد.
وهَبطة العيد في عُمان تُعتبر إرثاً قديمًا ، ومن العادات المتوارثة ، وتشهد إقبالاً كبيراً كسوق شعبي يُقام على مساحة مفتوحة ، وكثير منها ما تكون الاحتفالات الشعبية بالقرب من القلاع والحصون ، كما يَحرص على حضورها المقيمون في السلطنة والزائرون والسياح.
وتنشط حركة البيع والشراء في الأسواق التقليدية ، مِثْل سوق نزوى التاريخي ، حيث يحرص أهل نزوى والمناطق المجاورة لها على تنشيط حركة المُناداة في السوق كبيع الأغنام والأبقار وبيع مُنتجات المحاصيل الزراعية ، ولكل منهما سوق مستقل يُعرف بـ “العرصة” ويَلقى السوق التاريخي إقبالا كبيراً من كافة فئات وطبقات المجتمع وتَنشط فيه الحركة التجارية ؛ كعرصة مناداة المواشي وعَرصة مناداة المنتوجات والمحاصيل الزراعية ، وعرصة سوق الأسلحة التقليدية.
الخلاصة :
تُعتبر هَبطة العيد في السلطنة كتظاهرة اجتماعية تقليدية ومُناسبة تسوُّقية وتسويقية تبدأ قبل ايام العيد ، وغالبا ما تبدأ من اليوم الخامس إلى اليوم التاسع .. ولا تختلف هبطة العيد في مُحافظات وولايات السلطنة ، ويُطلق على الهبطة في بعض ولايات السلطنة بهبطة سابع.