بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

منـبـر العـدالة .. هـيـبة ووقـار ..

أ. عـصام بن محمـود الرئيـسي

مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت الوظيفي

 

منـبـر العـدالة .. هـيـبة ووقـار ..

 

لقد لفت انتباهي أثناء حضوري إحدى جلسات المحاكم في قضية للأحوال الشخصية السلوك الراقي الذي كان يسود قاعة المحكمة، وهيبة القاضي الذي لا يتجاوز من العمر أربعون عاما، والمحامي المتزن بزيّه الأسود المعتاد، وصاحب الدعوى الذي يراقب سير المرافعة في قضيته بكل هدوء وطمأنينة واهتمام، وكذلك الحاجب المنظم الذي يشرف على دخول المعنيين في قاعة المحكمة بكل حذر؛ حيث أن الكل كان يتحرك في القاعة بحرص شديد وهدوء ووقار وهذا أمر لا بد منه دون شك؛ حيث تكمن هيبة القاعة من خلال ذلك السلوك، وهذا ما دفعني لكتابة هذا المقال المتواضع والذي يتناول التأكيد على أهمية السلوك الراقي في التعامل في قاعات المحاكم بشكل عام والذي نستمده من قاعات محاكمنا المهيبة والسلوك الراقي لرجال القضاء العماني الضارب في جذوره على مر التاريخ.

يستمد القضاء كما نعلم جميعا قوته وهيبته ووقاره بشكل عام في جميع أقطار الدنيا من خلال أبعاده الإنسانية السامية وأهدافه الفاضلة والنبيلة فهو معَين لكل من أستنجد لطلب رفع الظلم عنه واسترجاع حقوقه دون إعتبار للجنس أو الدين أو العرق فالعدالة هي الفاصل في ذلك.

يعتبر رجال القضاء والمحامون جزء لا يتجزأ من منظومة العدالة في قاعات المحاكم، باعتبار المحامون من أهم أعوان القضاء في أي مجتمع كان، وكون المحاماة رسالة ومهنة حرّة تعاون السلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون، وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، وتحكمهم ضوابط وأعراف وتقاليد وتقيدهم سلوكيات في حياتهم المهنية والخاصة باعتبار مهامهم رسائل سامية قبل أن تكون وسيلة ومهنة لطلب الرزق والكسب لهذا يجب ان يتميزوا عن غيرهم من أصحاب المهن الأخرى بأنبل الصفات وأرقاها وأن يتحلوا بأخلاق فاضلة، ولابد للمنتسب للمنظومة القضائية ومعاونيها بكل فروعها أن يكون جديرا بها قادرا عليها مدركا لعِظم قدرها ومسؤولياتها متحليًا بالاستقامة والنزاهة والكرامة بدون إهمال ولا تفريط وأن يكون في مستوى من الكفاءة يناسب جسامة المهام الموكلة  له.

اذا المحاكم أماكن رسمية لها وقارها وهيبتها بين أفراد المجتمع وقاعاتها المختلفة التي تتداول من خلالها مختلف القضايا، وعلى الحضور وبما في ذلك الشهود والمدعى عليهم أن يتصرفوا جميعا وفقًا لقواعد اخلاقية ملزمة، وفي النقاط التالية سوف نبين بعض تلك السلوكيات :

  • يجب على جميع المعنيين المراد حضورهم في قاعة المحكمة ارتداء الملابس الأنيقة والمحافظة على الزي الرسمي أثناء حضور الجلسات المختلفة، وخاصة إذا كان الشخص طرفا في القضية.
  • عدم إدخال الهاتف النقال الى قاعات المحكمة أو أي أجهزة أخرى وتسجيل ما يدور فيها من مداولات مختلفة إلا بعد الأخذ الأذن المسبق.
  • الجلوس في الاماكن المخصصة وبهدوء تام في قاعة المحكمة وعدم التحدث بصوت عالي أو التعليق على مداولات المحكمة إلا بعد الاستئذان من القاضي، ويمنع الأكل والشرب في القاعة.
  • مناداة القاضي بالمسمى الصحيح من الجوانب المهمة احتراما له ولهيبته كـ فضيلة القاضي أو سيدي القاضي هو أسلوب راقٍ لإعطاء الهيبة والوقار لمهمة المحكمة، ويجب عند دخول القاضي لقاعة المحكمة الوقوف احتراما له ويجلس الجميع عندما يأذن بذلك.
  • إذا كنت أحد أطراف القضية واستدعيت للمحكمة عليك المحافظة على الموعد المحدد.
  • من المهم إستخدام لغة مهذبة وهادئة عند مخاطبة القاضي حتى لا تفسر بأنها تهديد وأستخدم لغة جسد متوازنة بما نقول وطريقة وقوف تنم على احترام وتقدير للقاضي مهما كانت القرارات الصادرة عنه.
  • على القاضي أن يتحلى بالحكمة وخاصة الحديث في المهنة منهم وأن يتحلى بالمعرفة ليس فقط في مجال عمله القضائي وإنما أيضا معرفته واطلاعه على مجالات اخرى من المعرفة مثل قوانين الضمان الإجتماعي والأحوال الشخصية وغيرها من المعارف التي تساعده على أدراك الامور قبل اتخاذ قرار الحكم.

سلوكيات المحامي في قاعة المحكمة :

  • يجب أن تكون علاقة القاضي والمحامي علاقة احترام متبادل وان لا تكون هناك فجوة بينهما حيث أن لكل منهما دورا فاعلا في إحقاق الحقوق، وهو انعكاس بدون شك على هيبة القضاء.
  • على المحامي أن يوفر ويجلب الملفات الخاصة بالقضية ونسخة من جميع الوثائق والملفات التي لها صلة بقضية ما.
  • المحافظة على التواصل البصري مع القاضي وبقية الحضور والانتباه بحرص لما يقال في قاعة المحكمة.
  • على المحامي التجنب من انتقاد القاضي أو التهجم على سير المحاكمة عند مرافعته لأي قضية.
  • على المحامي ارتداء الثوب أو الروب الأسود أثناء ساعة المرافعة لأي قضية وهو الزي الرسمي المتفق عليه عالميا، ويجب أن يكون أنيقا ونظيفا وفق الأصول.
  • على المحامي عدم الارتباك والتوتر عند مرافعته لقضية ما وعدم استخدام مفردات بذيئة أو تهديد أي شخص حتى لا يُتهم بإهانة المحكمة والتقليل من احترام منبر العدالة.
  • تتحول بعض المرافعات في قاعات المحاكم الى توتر شديد بين الخصوم بسبب التنافس في كسب القضية، ويجب على المحامي هنا أن يحافظ على أعصابه ولا ينجر لتلك الصراعات بظهوره بمظهر غير لائق في قاعة المحكمة.
  • يجب على المحامي أن يلتزم في معاملة زملائه من المحامين في قاعة المحكمة بما تفتضيه أخلاق المهنة وآدابها، وقواعد اللياقة والكياسة.
  • على المحامي عند مثوله في جلسات المحاكمة أن يتقيد بالحضور في المواعيد المحددة، والتنسيق الجيد مع موكله من خلال التواصل المستمر معه، وأن يدخل مباشرة في موضوع المحاكمة عند البدء في مرافعته.

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى