فن الدبلوماسية .. استقبال الوفود الرسمية..
الدكتور/ سعـدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق – كلية عُمان للإدارة والتكنولوجيا
فن الدبلوماسية .. استقبال الوفود الرسمية..
إن موضوع استقبال الوفود الرسمية على مختلف درجاتها وصنوفها تبدأ من المطار وتنتهي أيضاً بالمطار ويعتمد كثيراً على البرتوكول المتعارف عليه ما عدا اجتماعات الجمعية العمومية بالأمم المتحدة الذي ينعقد كل عام حيث يذهب رؤوساء الدول الى نيويورك دون استقبال رسمي من قبل الدول المضيفة لكون المؤتمر دولي دوري لا يحتاج الى برتوكولات الاستقبال الرسمي وكذلك بعض الدول الكبرى والتي بدأت تنحسر فيها الاستقبال من قبل هرم الدولة في المطار واطلاق القذائف المدفعية كما كان معمول في سبعينات وثمانيات القرن الماضي بل وتحولت الى باحات القصر الرئاسي او مكان ومقر الحكومة.
ويعتمد استقبال الوفود الرسمية على طبيعة وتاريخ وعمق العلاقة التي تربط البلدين والمصالح المشتركة بينهما فعلى سبيل المثال أذ كان هناك مفاوضات شائكة حول تقاسم الحصة المائية او أنهاء الحرب او اي مشكلة جوهرية بين بلدين أو ثلاثة وليس هناك أي تبادل دبلوماسي يذكر أو علاقات متينة فيكون الاستقبال الوفد ضمن البرتوكول العادي بحيث لا يكون هناك تبادل هدايا او لقاء مع الكادر المتقدم للحكومة وليس هناك جدول يعمل فيه وانما هدف الزيارة هو تحقيق لقاء حول حلول المشكلة المشتركة.
وطبعا يختلف الاستقبال من مكان الى آخر / فهناك برتوكول الاستقبال في المطار او في مقر الحكومة او مقر الوزارة اومقر السفارة او مكان الاجتماع بالفنادق الكبرى ، جميع هذه الأماكن لها برتوكولها الخاص فيها، وكان المغفور له السلطان قابوس بن سعيد “طيب الله ثراه” من أدق السلاطين والملوك في موضوع الاستقبالات وكان خلال الخمسين عاماً يدقق في أصغر الامور ليكون الاستقبال نموذجي ويُدرس في المدارس الدبلوماسية الاجنبية، يبدأ من المطار مروراً بالموكب السلطاني وصولا الى قصر العلم ومقر أقامة الضيف.
إن تاريخ المراسم ونظام الأسبقية قد عرف في حضارتي وادي الرافدين والفراعنة حيث كانت الرسومات في مدينة بابل الاثرية خير دليل على وجود نظام الأسبقية وبرتوكول كبار الشخصيات من هرم الدولة / الحاشية/ رجال الدين /العلماء / رجال الاعمال وعامة الناس ،وتطور بشكل بسيط في القارة الاوربية بعد الفترة المظلمة التي مرت على العالم العربي.
تحتل الأسبقية لاستقبال كبار الشخصيات في مكان الصدارة في موضوع البروتوكول والإتيكيت في كل أنواع المدارس الدبلوماسية، وكان مؤتمر فنينا المعقود عام 1815 الفضل الأكبر في تنظيم الأسبقية في الحقل الدولي والدبلوماسي والتسلسل الوظيفي. في بداية القرن العشرين بدأت أوربا مثل فرنسا والدانمارك والنرويج واليابان بالغاء القاب والمسيمات مثل النبلاء والأشراف والصفات الفخرية مثل ( فخامة رئيس ، دولة رئيس الوزراء ،معالي الوزير) الا أن لقب صاحب الجلالة ظل مصاحباُ للملوك دول العالم لضرورة الأسبقية بها.
وتقسم الوفود تقريباً إلى مايلي : VVIP , VIP , VIP 1, VIP 2 , VIP 3.
VVIP مخصصة للملوك والسلاطين والامراء ورؤساء الدول الكبرى مجموعة أ.
VIP مخصصة لروؤساء الدول مجموعة (ب .ج) ورؤوساء الوزراء.
VIP1 وزراء الخارجية والدفاع والوزارات السيادية ومن في درجتهم.
VIP2 وكلاء الوزارات ومن يحمل درجة سعادة ورجال الدين بالاضافة الى قادة الاسلحة والصنوف ومن درجتهم.
VIP3 الجمعيات والاندية ومنظمات المجتمع المدني ومن درجتهم.
تحدد الأسبقية بالنسبة للرؤساء والملوك والأباطرة الى قدم كل منهم في الحكم أي الى تاريخ تتويج الملوك أو تاريخ تولي رؤساء الجمهوريات الرئاسة دون إي تمييز.
أن من أهم هذه القواعد الواجب الالتزام بها في الاستقبال هي: عند قدوم كبار الضيوف يتم أستقبالهم وأرشادهم الى قاعة الأستقبال المعدة للاستراحة لذلك ويقدم لهم المشروبات والعصائر لحين المغادرة من المطار/ يتقدم رئيس المراسم أو من ينوب محله بأخبار الداعي سواء بالنظرات أو بعلم لغة الجسد أو بالكلام بأن كل شي جاهز بمرافقة ضيف الشرف علة ان يكون على يمين الضيف / لا يجلس الضيوف قبل جلوس من يترأس هرم الدولة مع مراعاة العادات والتقاليد السائدة في البلد / لا يجوز مغادرة مكان الاستقبال الإ في ظروف قاهرة وبعد الأستئذان / عدم التكلم بالهاتف أثناء المراسم الاستقبال /يستحسن تنظيم عمل مخطط توضيحي يوضح كل النقاط / يجب أخذ بنظر الأعتبار الصفة الرسمية وأسبقية االضيوف (وزراء/ مستشارين/ وكلاء/ عسكريون / رجال الدين،) / يمكن أجراء بعض التغييرات على قواعد المجاملة اذ أقتضت الضرورة بشرط عدم المساس بأسبقيات كبار الشخصيات،مع أخذ المركز الاجتماعي والثقافي وشبة الرسمي وكذلك الذين يتمتعون بمراكز دينية وعشائرية رفيعة / بالنسبة الى الملابس الاستقبال النهارية يفضل اللون (النيلي أو الازرق الفاتح، الرصاصي الفاتح ومشتقاتها) وبالليل الألوان الداكنة والأبتعاد عن الألوان الفسفورية والشعاعية على ان تكون متناسقة حتى مع الحذاء والساعة وبالنسبة للزي الخليجي فيكون البشت الداكن في الشتاء وفي الصيف البشت الخفيف من مشتقات البيج او البني / وبالنسبة للنساء فالأبتعاد عن المكياج المبالغ فيه هو أهم مظاهر الاستقبال الرسمي والازياء المحتشمة الذي يلائم مكانتها وعدم التبرج والبذخ بالمجوهرات والذهب واحترام عادات وتقاليد البلد الضيف والالتزام الكامل بالبتروكولات المعمول بها .