بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

يا جنتي أعذريني إن قصّرت يوماً..

محمد بن العبد مسن

 

يا جنتي أعذريني إن قصّرت يوماً..

 

أخي القارئ …

اخضع لأمك وارضها فعقوقها إحدى الكبر..

واعلم رحمك الله أن برّ الوالدين ليس شعارات ترفع إنما هو تطبيق عملي و البرّ الحقيقي أن تبذل لهما ما ملكت وتطيعهما فيما أمراك ما لم يكن معصية.

وإن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ويزيد في عمر العبد إذا كان باراً ليزيد براً وخيراً.

يقال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : احذروا دعاء الوالدين .. فإن في دعائهما النماء والانجبار والاستئصال والبوار.

عزيزي القارئ

أذكر والديك بالمعروف كم جعلاك والديك أميراً مدللاً في صِغرك..

فاجعلهم ملوكاً في كِبرك..

أخي القارئ

يسعدني أن اذكر لكم قصه أعجبتني

يرويها الشاعر والكاتب الباكستاني (أديب ميرزا)..

المتوفى سنة 1999م  يرحمه الله في كتابه “المصباح” :

يقول (ذهبت الى دلهي في الستينات للعمل وفي أحد الأيام نزلتُ من الحافلة ثم فتشتُ جيوبي لأتفاجأ بأن أحدهم قد سرقني ، وما كان في جيبي حين نُهبت سوى مبلغ بسيط (تسع روبيات ورسالة في ظرف).

وقال قد كتب في الظرف رسالة إلى أمي ووضعت لها عنوان (أمِّي الحنونة).

وكتبت في رسالتي : أمي الحنونة يؤسفني أن أخبرك أني قد فُصلتُ من عملي ، وربما لا أستطيعُ أن أرسل لك هذا الشهر مبلغ الخمسين روبية كالمعتاد فسامحيني أرجوك”.

والرسالة والمبلغ في جيبي منذ ثلاثة أيام على أمل أن أرسلها في وقت لاحق بما يتوفر من روبيات.

وبالرغم من أن الروبيات التسع التي سرقت لا تساوي شيئاً ؛ لكن الذي فصل من عمله ؛ وسُرق ماله تساوي في نظره الكثير!!.

وقال وبعد أيام وصلتني رسالة من أمي

فقال توجست خوفاً ، وقلت في نفسي : لا بد أنها تسألني عن المبلغ الذي أعتدت إرساله إليها.

وأنا محتار ماذا أرد عليها ولا اريد أن أكسر بخاطرها.

لكني عندما قرأت الرسالة استغربت كونها تحمل شكرها ودعواتها لي ، قائلة :

«بني العزيز وصلتني منك 50 روبية عبر حوالتك المالية ، كم أنت رائع يا بني، ترسل لي المبلغ في وقته ولا تتأخر بتاتاً ، رغم أنهم فصلوك من عملك ، أدعو لك بالتوفيق وسعة الرزق».

وأمضيت أيامًا وأنا محتار .. مَنْ يا ترى الذي أرسل هذا المبلغ إلى أمي ؟!!.

وبعد أيام وصلتني رسالة أخرى بخط يد بالكاد يُقرأ ، كتب فيها صاحبها :

“حصلت على عنوانك من ظرف الرسالة ، وقد أضفتُ إلى روبياتك التسعة ، إحدى وأربعين روبية كنت قد جمعتها سابقاً ، وأرسلتها حوالة مالية إلى أمك حسب العنوان الذي في رسالتك وبصراحة فإني قد فكرت في أمي وأمك ، فقلت في نفسي : لماذا تبيت أمك أيامها طاوية على الجوع وأتحمل ذنبك وذنبها ؟؟ تحياتي لك ،

أنا صاحبك الذي انتشلك في الحافلة فسامحني”!.

أخي القارئ ..

فما بعد بر الوالدين إلا رضى الله والجنة وتوفيقه بالفلاح في الحياة والنجاة من الكروب ، ويرى البار بوالديه السعادة بأمّ عينيه وبركة في صحته وماله وذريته إن طال العمر أو قصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى