بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

هـل أنـت حـاسـد ؟؟..

حبيب بن مبارك الحبسي 

 

هـل أنـت حـاسـد ؟؟..

 

لا أعتقد هذا التساؤل كعنوان مستساغ ولكن لو طرحنا السؤال بشكل مغاير هل نحن نشعر بالسعادة بما هو موجود لدى الآخرين من مقتنيات ورزق وتوفيق ؟ قد لا نجيب وقد نخفي الإجابات ، لكن تبقى الإجابة في داخل كل واحد منا عند تعامله مع هذه المواقف وما تخفيه القلوب هو التعبير الصادق في ذلك فالمطلع على ذلك هو رب العالمين، وأيضا لا يحق لنا أن ننعت الآخرين بالحسد في موقف عفوي.

يهب الله لمن يشاء عطاءه ويحرم من يشاء بقدرته ، لحكمه لا نعلمها نحن ومقتضى العمل لدينا  الرضى بما كتبه وقسمه الرحمن ، لأن في كل شيء خير، لا نفطن إليه إلا بعد ما تتجلى لنا الأحداث في ذلك : عن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ؛ دمُهُ، ومالُهُ وعرضه .. رواه مسلم .. وعن أَنسٍ عن النَّبيِّ ﷺ لا يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه.

ما يحدث في واقع حياتنا لدى البعض من البشر مرض نفسي وصراع داخلي لم يفهم فيه عطاء الخالق ومعنى الرزق الذي قسمه لكل فرد منا ، فتجده مسلط لسانه على الناجحين والذين سخروا امكانياتهم بفضل الله تعالى ووظفوا طاقاتهم لتحقيق النجاح فيما كتبه الله تعالى لهم الذين أخذوا بالأسباب بينما كان الآخرون بلا هدف وتخطيط استفاقوا عندما رأوا الناجحون يعتلون المكانة وجني الثمار هذا رزقهم  ليشتعل في قلوبهم الحسد بزوال النعم عند الآخرين.

عذرا؛ هل أنت من الشخصية الحاسدة ؟ سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا كلما رأينا الآخرون لديهم الرزق والخير الذي أنعم الله تعالى عليهم ؟ هل تشعر في داخلك بالغيرة والنقص؟ فهم يقتنون ذلك الأمر وأنت يديك خاليه الوفاض، كيف تتعامل مع ذلك الأمر، مثلا رجل أعطاه الله تعالى الخير وبنى بيتا راقيا ووظف فيه من التجهيزات مالا يخطر على بالك وطلب منك أن تزوره وتبدي رأيك فيه، وأنت لديك منزل متواضع ولديك دخل بسيط.

أعتقد ستدفعك النفس إلى المقارنة في داخلك ولا تبديه ، وسوف تتعامل مع صاحب المنزل بطريقتين أما أن تثني وتزيد في كلامك ما التقطه العين من جماليات ذلك البيت وتمدح هذا وتشير بالإعجاب لذلك ، وهنا يزاد صاحب البيت  انشراحا لما يجد من الأثر وردود الأثر الإيجابي أن الآخرون يشاطرونه هذا الإعجاب له فيسعده ويرتاح لك نفسيا لأنك ابديت انطباعا حسنا له.

الأمر المزعج النقيض من الرد حينما تجد شخص ثقيل ، يبحث عن العيوب والإخفاقات لدى صاحب البيت ويبدي له لو عمل بشكل آخر ، ولو ما عمل كذا ولو عدل كذا ولو بدل مكان كذا ، ولو، ولو ، لتجد صاحب المنزل منقبض  لما يسمعه، وليتحمل جملة الانتقادات التي يسوقها هذا الصنف من البشر والذي لا يتوقف عند هذا الأمر بل يستمر لينقل هذه العيوب عن الآخرين ، وربما يأتون لمشاهدة ذلك في بيت صاحبهم ويذكرون له تلك الجوانب التي شوهت البيت في نظرهم.

حتى في اقتناء السيارات، عندما تستخرج سيارة جديدة من الوكالة كل فرد منا يدرس ميزانيته والنوع المفضل من السيارات واللون المناسب ،والمواصفات الأخرى التي يراها صاحب السيارة، هنا يظهر هذا الفضولي أمام الناس ساقطا العيوب للسيارة بينما الآخرون يدعون ويباركون ويشيدون ،هنا الروح المعنوية لصاحب السيارة تصيبه الامتعاض من هذا الصنف من البشر الذين لا يملكون الإحساس والذوق بمراعاة مشاعر الآخرين وبعضهم يتأثر من ردة الفعل وآخرون لا يعيرون ذلك اهتماما.

هنا نقول احترموا مشاعر الآخرين فلكل منا ذوقه وميوله وميزانيته واختياره .. لماذا نفرض على الآخرين رغباتنا ؟! هم الأدرى بماذا يختارون من الأنواع والأذواق؛ هذا النوع من البشر غير مريح فكلما بينت له يقول لك أنا صريح هكذا طبعي نقول له ليست الصراحة دائما مقبولة فأحيانا ينبغي علينا أن نراعي أذواق ومشاعر الآخرون فهم يلتقطون الكلمة الجميلة التي تريح قلوبهم وكلنا نحب من يقول الكلام الجميل، لنبعد أنفسنا عن ثقل هذا الكلام بمثل هذه المواطن ، فإذا اقتنى الإنسان ما يريد  أجمل ما نقوله أن تبارك له ونشاطره الشعور فهذا سيسعده ومن الجمال أن نرتقي إلى هذه المنزلة.

علينا أن نترفع بهذا السلوك فهذه صفات غير حميدة ومنفرة للناس من حولك، العطاء الأرزاق والنعم بيد الرحمن يهب بها من يشاء ويحجبها عن من يشاء لحكمته وما علينا إلا الرضى والتسليم المطلق لذلك

علينا أن نعيش بقلوب ملؤها حب الخير ودوام الشكر والرضى فإن حسدت فأنت لا تنقص من الأمر شيء هذه بركات وفيوض من الرحمن ، وإن حدثتك نفسك بمثل هذه أو قعت فيها عليك بالإستغفار والتوبة ومداومة الذكر ، فلا تتسببوا في تحطيم فرد وتتحملوا وزر ذلك.

هـمـسة : الحسد آفة يجب الإقلاع عنه لأنه يأكل قلب المريض بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى