ماذا بقي من مشاعرنا في الأسرة ؟؟!!..
حبيـب بن مبـارك الحبـسـي
ماذا بقي من مشاعرنا في الأسرة ؟؟!!..
يشهد العالم طفرات تقنية هائلة ومتجددة تم توظيفها لخدمة البشرية ، هذه من نعم الله تعالى علينا اتيحت لنا ولم تكن متوفرة لمن كانوا قبلنا فالله المنة والفضل ويجب وأن ننئى بها عن الاستخدام الغير أخلاقي وغير الآمن فهذه ثروة علمية لم تكتشف بمحض الصدفة وإنما ثمرة جهود بشر ظلت تبحث وتجرب وتواصل عملها الدؤوب لتخرج لنا في إطار قالب من الأجهزة والأدوات التي تتعدد استخداماتها.
هذه الأجهزة أصبحت ثقافة متجددة القت بظلالها على الجميع ويحرص من لديه الشغف إلى اقتناء آخر الموديلات ويتفاخر عن أقرانه بوجود مميزات جديدة لا تتوفر في التقنيات السابقة وإذا تمعنت فيها تجدها لا تفرق في أداء الخدمة إلا إضافات بسيطة لا تغير من نمط التواصل في شيء.
تعلقنا بجهاز النقال الخلوي بتطبيقاته المتنوعة وأطلقنا العنان لأنفسنا في استخداماته بدون ضوابط أو تقنين، لدرجة اننا لم نصحو من هذا الاستغراق، فقد يسرق منا أجمل الأوقات واعطرها ، يجمعنا سقف واحد في البيت ولكننا اصبحنا مشتتين وثقافات متنوعة حسب كل مجموعة ننتمي اليها.
أحيانا نكون أنفسنا ضحايا وراء هذا الاندماج حتى من الناحية الصحية يؤثر علينا من كثرة إدامة النظر إلى شاشة الجهاز لساعات من الوقت في اليوم الواحد.
أذكر بهذه المناسبة تلقيت رسالة من صديق عزيز استوقفتني كثيرا بهذا الخصوص بالرغم اننا واقعيا .. إحدى ضحايا الاستخدام المفرط ، نصها (لا تستخدم الهاتف في حضرة من يعز عليك تأمل في تعابير وتقاسيم وجهه فلربما في موعد قريب يرحل بلا عودة تأملها جيدا).
هذه التغريدة هزت كياني فأنا أحد ضحايا هذا الاستخدام غير المقنن بهذه التطبيقات بشكل عفوي يومي ، تذكرت وقت استخدامي للجهاز وإني انشغلت عما كنت متواجد معهم وتشتت ذهني وتركيزي بين رد عفوي على الماكث أمامي وعلى الدردشات بينما يحاول الطرف الجالس امامي والذي أساسا لا يستخدم التطبيقات الذكية المبادرة على ما تعودنا عليه من الحوار والسوالف المعتادة، فكان اغلب الحديث باردا وفاترا يخلو من المشاعر والعواطف الصادقة.
كلما تذكرت هذه المواقف كم كنت اعاتب نفسي عليها وأنني لم احترم قيمة ومكانة هذا الانسان الذي يتلهف إلى لقائي والجلوس معي ..فعلا علينا أن نغتنم أجمل الأوقات مع من نحب فهي إن ذهبت لن تعود ولهذا علينا أن نحتضن بعضنا قلوبا وجسدا وحبا وتقديرا ، وأن نبعد الجهاز الخلوي في جلساتنا مع محيط الأسرة حتى ننعم بطعم اللقاء ،ففعلا هذه المواقف إن رحل أحد أفرادها فلن تتكرر، ويبقى نتذكر أدق التفاصيل بها حسرة وندامة ..علينا اغتنام وقتها وتقدير مكانتها وأن نعود بأنفسنا إلى حياة تبادل اللقاءات المباشرة والحارة والتي تغذي من مشاعرنا الدفء والمحبة والتي أصبحت نفوسنا اليوم متعطشة وملتهبة لكل ما هو مغري.
لا نجامل ولا ندافع عن شيء هذا واقع الحال الذي نعيشه صرنا غرباء في البيت… صامتون كأفراد ومتفاعلون مع خارج أفراد الأسرة في التطبيقات الذكية.. وامتد بنا الحال إلى أن نختصر زيارة الأرحام إلى تخزين الصوت والصورة وارسالها عبر التطبيقات الذكية التي إن وصلت تخلو من الدفء والاحساس والعواطف وتشعرك كأنك تعيش في مأوى من الآن.
هذا النمط من التغيير ندفع قيمته كلنا ، وبعد مرور الوقت علينا ندرك ما نحن فيه من الانعزال الخلوي مع الهاتف اوقعنا في التقصير ، والتجاهل وعدم التفاعل العاطفي الحميد الذي ينشر في اجوائنا لطف المحبة والاحساس وسرق منا حتى اداءنا في انجاز الأعمال وفي قراءة الكتب.
فقد نلهث وراء متابعة ما يكتب ويعلق وما يعرض ويسوق ونكتشف أحيانا البضاعة بقلة جودتها وقيمتها عند الاستلام بينما في واقع المجمعات التجارية عروض أفضل واجود ولكن ثقافة التسويق عبر العالم الافتراضي موضة نسعى الى مواكبتها كنا نستمتع في الذهاب كأفراد أسرة.
يراودني تساؤل : هل بالإمكان أن اتخلى عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي أو على أقل تقدير تنظيم استخداماته اليومية والتي تستحوذ منا كل اوقاتنا أشك في ذلك .. هذا الهدر من الوقت وعدم تقدير تواجد كبار السن والأطفال ونحن نتبادل الدردشات مع الأطراف الأخرى يجب علينا أن نتوقف عنه ونقيم سنجد انفسنا وقعنا وسقط منا الكثير من العادات والقيم الجميلة ما كان ينبغي أن تمر هكذا.
لا اعتقد سنستطيع أن نقنن استعمال التطبيقات الذكية عبر شبكات التواصل الاجتماعي طالما لا توجد لدينا الإرادة وتقدير مكانة من يكون متواجد معنا ، ولكن علينا أن ننتبه أن هذا الوقت سيسألنا عنه ربنا عزوجل، لهذا علينا اغتنامه بما يعود علينا من خير بدل أن تمضي أوقاتنا هدرا وعبثا بلا فائدة أحيانا.