بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

المصلحة العامة .. المفهوم والقيمة والمؤشرات..

المحامي/ عيسى بن علي الغساني

قانوني وباحث في علم الاجتماع القانوني

 

المصلحة العامة .. المفهوم والقيمة والمؤشرات..

 

تجمع كل النظم القانونية على مختلف مشاربها وغاياتها ، بأن الهدف والغاية من أي تصرف او عمل تقوم به الإدارة هو تحقيق المصلحة العامة، وللمصلحة العامة تعريفات شتى لكن جوهرها هو تحقيق النفع العام لكل أفراد المجتمع بما فيها حماية الحقوق وصيانتها، وكفالة الحريات القانونية التي ضمنها القانون .. وتتغيّا المصلحة العامة تأصيل قيم المساواة والعدالة والحريات في إطار السياقات القانونية والتفسيرات السليمة التي تجعل غايات المصلحة العامة مركزها المحرك.

ويثور التساؤل على الدوام عن ماهية المصلحة العامة ومن يحددها وكيف يمكن تبيان ان السلوك او القرار او العمل يدخل في سياق المصلحة العامة او يمكن وضعه خارج نطاق المصلحة العامة سواء أكان التصرف القانوني قرار فرديا او تصرف ينظم سلوك او تحقيق هدف عام . ومن حيث الواقع هناك عدة مؤشرات يمكن الاسترشاد بها لتحديد مدى اتفاق واتساق السلوك أو التصرف ضمن أو خارج منطقة المصلحة العامة ، وهذه المؤشرات هي مؤشر السلوك ،مؤشر المنفعة ،مؤشر احترام النص القانوني وتفسيره ،مؤشر سلبيات القرار على الفرد والمجتمع .

ويعد مؤشر السلوك الوظيفي من حيث احترام قواعد واصول ميثاق الاخلاق الوظيفية ،بحيث يكون السلوك يتماهى مع قواعد الأخلاق من إحترام وسلوك بحيث يظهر الإلتزام بروح الاستقامة والنزاهة وامانة ما تقتضيه واجبات الوظيفة من التطبيق العادل للنصوص القانونية والتعليمات  ، بحيث يعد اي خروج على قواعد السلوك مؤشرا على الخروج عن مقتضيات الصالح العام ، واحد الظواهر السلوكية هي الشللية وهي عندما يتحول مجموعة افراد الى شلة او مجموعه داخل وخارج العمل ، وتعمل هذه الشلة لتحقيق مصالح افرادها فقط وتسخر المقومات العامة لأغراض خاصة .

ومن اهم مؤشرات عدم الاكتراث بالمصلحة العامة ،عدم وجود نظام لتحديد الوقت لإنجاز الطلب الفردي او الجماعي ، وهذا السلوك يتجلى في عدم التقيد بمواعيد زمنية لتقديم الخدمة للفرد او المجتمع ، وهنا تستخدم السلطة التقديرية المطلقة بصورة غير مبررة وغير قانونية ،لتأجيل المصالح والتراخي في الرد ، مما يجعل الفرد يعاني من التأخير الغير مسوغ ويمنح هامش واسع لانحراف السلطة والهروب من المسؤولية وإهدار الحقوق الحريات والتفسير المغلوط للقانون .

مؤشر المنفعة وهي أخطر هذه المؤشرات وله عدة معايير ،منها التربح من الوظيفة العامة ،تعطيل القانون والعبث بالنصوص القانونية وتقديم تفسيرات وتأويلات غير منطقية وغير قانونية لتغطية سلوكيات ذات دافع شخصي ونفع ذاتي ،كحرمان مستحق من الترقية او ترقية غير مستحق او إعطاء حق لغير مستحق .ويتجلى الضرر في الخروج عن مقتضيات الصالح العام في ظهور حالة من عدم الرضا والتذمر ،ان استمرت تلقي بظلالها على التكوين النفسي والعقلي لأفراد المنظومة الإجتماعية ، وهي تشكل ظاهرة عدم إحترام القانون ومن ثم محاولة استخدام أدوات غير أخلاقية للحصول على ما هو مستحق او غير مستحق وهنا يختل الضابط القيمي للسلوك الفردي والمجتمعي وتظهر ملامح التفكك الإجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى