نـرحـلُ ويبـقـى الأثـر..
الكاتب/ ماجد بن محمد الوهيبي
نـرحـلُ ويبـقـى الأثـر..
بين الفينة والأُخرى أطل عليكم بكلماتي، وعلى كل الصحف أنفث حبري المعتاد، لا أملكُ عدة ولا عتاداً، وإنما عدتي يراعي، وعتادي هي لُغة الضاد، فسلامة اللغة وسلاسة التعبير تجذب القارئ وتدعوه للإبحار عبر زوارق المفردات ومنها لفلك القراءة، والقراءة والكتابة توأمان لا يستغني كل واحدٍ منهما عن الآخر، فالقراءة عالم شاسع في سماء المعرفة والكتابة موهبة واجتهاد كمن يلقي بذوره وينتظر الحصاد ونمو الزرع، ولا بد من الاهتمام بالغراس والاعتناء بالتربة ومتابعتها بالسقي والسماد، لأن مثل الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة ، وما يعنينا هنا الكلمة الطيبة ولنبتعد كل البعد عن الكلمة الخبيثة، ولنرقى بما نكتب، ولكل زرعٍ حصاد فانتبه لما تزرع فالجزاء من جنس العمل وفي الخواتيم يتحقق المراد، فمن أراد أن يرقى سلم الأمجاد فليتبع سبل الرشاد، وليترك أثرًا يستنيرُ به العباد، فالمستقبل القادم مجهول والحياة محطات فهناك من يصل لآخر محطة منها وهناك من لا يكتب له الوصول، فلننتقي ما نقول ولا نغرر بالكثير من الأنفس ولا نكون سبباً في تضليل العقول، تمتزج الأحداث في خضم معترك الحياة ونرى ونسمع في كل يوم العجب العجاب، فما كان مستنكراً ومستقبحاً بالأمس فهو اليوم مستساغٌ ومقبول، ولا تزال الغرائب والعجائب تتوافد علينا ولا ينجو منها إلا من نجّاهُ الله وأكرمه بالثبات، ومن هوى بنفسه للوحل فتلك منزلته ومن ارتقى للنجوم صعدت به همته، ومن صعد العُلا بطيب الكلم نال ما أراد وبلغ القِمم، ننشر صيّب الأقوال وننطق بالحِكَم، هذه وجهتنا، ومن تحرّى الحكمة سلِم وَغَنِم، تضيق بنا سبل الحياة فنتشبث بالأمل، نواصل العطاء ونستمر في الكفاح وإن تقاصرت بنا الحيل، فلننشر الصلاح قبل مغادرة الحياة ودنو الأجل، فالأثر يبقى للإنسان وإن هو عن هذا الأثر ارتحل.