بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

انتهى العيدُ والحظْر .. ولمْ ينتهِ الحذَر !!..

أ. ريـحـاب أبـو زيـد

 

انتهى العيدُ والحظْر .. ولمْ ينتهِ الحذَر !!..

 

قضينا جميعاً عيدًا مختلفًا بهِ حظر تام لمْ يكنْ بهِ بهجةٌ للخروجِ والفُسَحِ ، ولكنْ كانَ بهِ بهجةُ التقربِ منْ ربِ العزةِ ، والأهلُ والأبناءِ وكلِ منْ معنا في نفسِ البيتِ ، لذا وجبَ علينا أنْ نقولَ إنهُ عيد مختلف.

كانَ فرصةً للتقربِ منْ الله عز وجل ، ونثر والرحمة والمودة ، وأيضًا فرصةً للمناقشاتِ وللاكتشافاتِ ومعرفة آراء وأفكار منْ حولنا.

وبرغم أنهُ كانَ حظرًا تامًا عنْ كلِ شيءٍ ؛ لكنَه منحنا فائدةً كبيرةً ؛ ألا وهيَ ، إعادةُ ترتيبَ أوراقنا معَ اللهِ أولاً ، ثمَ معَ أنفسنا ، وتغييرُ روتينِ يومنا ، وكذلكَ تغييرُ بعضٍ منْ ثقافتنا السائدةِ التي أوضحتْ تلكَ الأزمةِ أنها لا تنفعُ بلْ تضرُ أحيانًا.

هلْ تساءلَ البعضُ كم مرةِ تجمّعٍ معَ أسرتهِ وتحدّثَ عنْ ذكرياتهِ وطفولتهِ ، أوْ عنْ مواقفَ معينةٍ قابلتهُ وخرجَ منها بدروسٍ مستفادةٍ.

أوْ كمِ مرةِ تجمّعٍ معَ أفرادِ أسرتهِ حولَ مائدةِ طعامٍ واحدةٍ جمعتْ كلَ أفرادِ الأسرةِ ، واحتضنتْ تلكَ المائدةِ الابتساماتِ والدفءَ الأسريَ الذي ينثرُ البهجةَ والسعادةَ على الوجوهِ ؟!.

فلماذا لا نبحثُ عنْ الفوائدِ التي استفدناها منْ هذا الحظرِ التامِ؟! أليسَت هذهِ أولَ مرةٍ نجلسُ فيها جميعًا دونَ أنْ ننفقَ أوْ نبذر ، أوْ نحرق بترول السياراتِ ، أوْ نخرجَ بكمامٍ ومعقم ؟! فما أجملُ أنْ ترتاحَ الطبيعةُ أيضا.

ألا يعتبرَ هذا درساً لا بدَ منْ أنْ نكونَ تعلمنا منهُ جميعًا ، وأتمنى أنْ نخرجَ منْ هذا الدرسِ وقدْ تعلمنا كيفَ نديرُ الحياةُ ونديرُ يومنا ، ونديرُ الأزماتِ بأقلِ التكاليفِ بعيدًا عنْ الإسرافِ والبذخِ ، ونتعلمُ أيضًا أنْ نجلسَ في بيوتنا لساعاتٍ طويلةٍ لتحتضنا جدرانها ونحتضنُ نحنُ منْ بداخلها لتعمّ الألفةُ والمحبةُ ونبتعدُ قليلاً عنْ الهواتفِ والأجهزةِ الذكيةِ لنعلمَ أولادنا لباقةَ الحديثِ والتفكيرِ الصحيحِ ونتعلمُ معهمْ .

فيا منْ كنتمْ ترونَ أنَ الحظرَ التامَ نقمةً أقولُ لكمْ : إنهُ كانَ نعمةً ومنحةً ؛ فكانَت لهُ إيجابياتٌ كبيرةٌ يجبُ أنْ نقفَ عندها ونعمق التفكيرَ فيها لنجمعَ شتاتَ ما سرقهُ التقدمُ التكنولوجي والأجهزةُ الذكيةُ .

أخيرًا لا يعني عودةَ الحياةِ إلى طبيعتها ، أوْ رفعِ الحظرِ انتهاءَ الجائحةِ ، والأزمة بلْ يعني أنَ المسؤوليةَ انتقلتْ منْ الدولةِ إلى الفردِ ، فنحنُ أصبحنا مسؤولينَ عنْ أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا بأكملهِ في هذهِ الفترةِ ، ونحنُ منْ نشكلُ ونحددُ الأيامَ القادمةَ على حسبِ مدى تحملنا للمسؤوليةِ والتزامنا جميعًا ؛ فمازال واجب علينا الحذر ثم الحذر ثم الحذر.

أسألُ اللهُ تعالى أنْ يرفعَ عنا جميعا الوباءَ والبلاءَ ، وأن يحفظَ بلادنا وجميعِ البلدانِ.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى