مقالات وآراء

الوَحْيُ الإلهي .. الجزء (2)..

الكاتـبـة/ زكـيـة أعـربـات

طالبة دكتوارة – جامعة إبن طفيل

كليةالآداب والعلوم الإنسانية – المغرب

 

الوَحْيُ الإلهي .. الجزء (2)..

 

الوحي في الإسلام :

الوَحْيُ هو الإعلام في الخفاء، والإشارة السريعة، والوَحْيُ كلمة تدل على الإيماء، والصوت والكتابة والسرعة والإشارة والإلقاء في الروح بسرعة وشدة؛ ليبقى أثره في النفس.

وهو أيضاً إعلام الله تعالى لمن شاء من عباده واصطفى، لكل ما أراد إطلاعه عليه من العلم والهدى، ويتم ذلك بطريقة سرية لم يعتد عليها الإنسان.

وهو على أنواع كثيرة : منه ما يكون على صورة إلهام، ومنه ما يكون على شكل رؤيا يراها المصطفى وتكون شديدة الوضوح كفلق الصبح، ومنها ما يكون تكليماً مباشراً كما وقع مع النبي موسى عليه السلام.

وفي هذا التحليل بيان للمراد من الوَحْي عند المسلمين.

فقد حدد اللُّغَويّون مفهوم الوَحْي بأنه الصوت عامة، وقيل الوُحاة صوت الطائر، ووُحاة الرعد صوته الممدود الخفي، والوَحِي النار… وعليه فإن أول ما ينبغي أن يكون من هذه الألفاظ ما يعبر به عن مثل النار والصوت وصوت الرعد أو صوت الطيور.

والوَحْيُ : مصدر وَحَي إليه يُحْي من باب وعد، وأوحى إليه بالألف مثله ومصدره الإيحاء وهو قليل الاستعمال، وبعض العرب يقول وَحَيْتُ إليه ووَحَيْتُ له وأوْحَيْتُ إليه وأوْحَيْتُ له.

ولغة القرآن الكريم أوحى بالألف مع التعددية بإلى، وأما في غير القرآن العظيم فَوَحَيْتُ إلى فلان مشهورة : يقال وَحَيْتُ إليه بالشيء وَحْياً وأوْحَيْت، وهو أن تكلمه بكلام يفهمه عنك ويخفى على غيره، بأن يكون على سبيل الرمز والتعريض، أو يكون بصوت مجرد عن التركيب، أو يكون إسراراً لا يسمعه غيره، ووَحَيْتُ له بخبر كذا أشرت وصوَّتُ به رويداً، وأوحى الرجل إذا بعث برسوله ثقة إلى عبد من عبيده ثقة، وأوحى إليه بعثه، وأوحى إليه ألهمه، والوحي الصوت يكون في الناس وغيرهم كالوحي ووُحاة الرعد صوته الممدود الخفي.

وذكر اللغويون الكلمة الوحي نفسها معانٍ كثيرة هي الإشارة، والكتابة، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفي، والمكتوب، والأمر، وكل ما ألقيته إلى غيرك، والتسخير والرؤيا الصادقة. ثم قالوا أن الوحي قصر الإلهام وغلب استعماله فيما يلقى من عند الله تعالى إلى الأنبياء كما في المصباح المنير، أو إلى الأنبياء والأولياء كما في مفردات الراغب الأصفهاني.

إذ يكاد يتفق جميع اللغويين أن الوحي هو ما يلقى إلى الأنبياء من عند الله تعالى – وهم يريدون الغلبة في لسان الدين الإسلامي – أن الإسلام قصر الوحي على معنى من معانيه كانت العرب تعرفه في استعمالاتها وكانت تفهمه على وجه من الوجوه.

وقد ورد الوَحْي في القرآن الكريم في سبعين آية من القرآن، منها أربع وستون آية مكية، وست آيات مدنيات. 

أما كلمة “وَحْي” فجاءت في القرآن ست مرات في سور كلها مكية.

فِعْل الوحي في القرآن : وفِعْل الوحي في القرآن مسند غالباً إلى الله، وهو في كثير من الآيات مبنى للمجهول، وقد جاء في آيات إسناد الوحي إلى غير الله؛ فأسند إلى شياطين الإنس والجن في الآية : ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون﴾، وفي الآية 121 من هذه السورة نسبة الوحي إلى الشياطين، وفي الآية 11 من السورة 19 (مريم مكية) نسبة الوحي إلى زكريا، وفي الآية 51 من السورة 42 (الشورى مكية) ﴿أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء﴾ أي الرسول، وفي الآية العاشرة من السورة 53 (النجم مكية) : ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ ومن وجوه تفسير هذه الآية فأوحى أي جبريل، أما الموحى إليه فهو في أكثر الأمر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء عليهم السلام، وورد الوحي إلى الحواريين في الآية 111 من السورة الخامسة (المائدة مدنية)، وفي الآية 121 من السورة نفسها الموحى إليه هم أولياء الشياطين، وفي الآية 12 من السورة 8 (الأنفال مدنية) الموحى إليه هم الملائكة، وفي الآية 38 من السورة 20 (طه مكية) الموحى إليه أم موسى، وفي الآية الخامسة من السورة 99 (الزلزلة مدنية) ﴿بأن ربك أوحى لها…﴾ أي الأرض.

ويذهب إبن قيم الجوزية في كتابه مدارج السالكين إلى أنه يمكن جعل الوحي قِسْماً من أقسام التكليم وجعله قِسْماً للتكليم باعتبارين: فإنه قِسْم التكليم الخاص الذي يكون من الله لعبده بلا واسطة بل منه إليه، وقِسْم من التكليم العام الذي هو إيصال المعنى بطرق متعددة.

وعلى هذا فالوحي قِسْم من كلام الله العام الذي جاءت به آية الشورى، وهي الآية التي جعلت كلام الله لعباده على ثلاثة أنحاء لا يجاوزها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى