يا أدم ويا حوّاء العالم ليس كما نراه !!..
المحامي/ عـيـسى بن عـلي الغـسّاني
قانـوني وباحث في مجال علم الاجتماع القانـوني
يا أدم ويا حوّاء العالم ليس كما نراه !!..
نظرة الإنسان للعالم من حوله ، وأفعاله ، وردود أفعاله تأتي مما يحصل عليه وما يراه او يسمعه أو يستنتجه من معلومات وتصورات تنقلها إليه حواسه الخمس ، ومحيطه الاجتماعي ، وسعيه لاكتساب المعرفة.
ولكن السؤال الجوهري هنا هو : هل ما نراه أو نسمعه أو نتصوره يشكل الحقيقة المجردة أم هو غير ذلك ؟.
تتعدد الاجابة على هذا التساؤل بتعدد المقتربات الفكرية والعلمية ، فعلم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) يري بأن نظام تفكير الانسان وما يتصوره هو نتاج المحيط الاجتماعي.
فالإنسان إبن بيئته بقيودها الجغرافية والسلوكية والمعرفية ، ونتاج هذا التفكير والتصور هو نسبي ولا يشكل الحقيقة المجردة ، وما هو إلّا تصور شخصي ونسبي.
ومدرسة علم النفس ترى بأن ما تنقله الحواس عن العالم الخارجي ،ليس سوى تصورات شخصية منبعها الخبرات السابقة ، التي تكونت بمرور الوقت وأصبحت حقائق ومعايير شخصية ، يحكم ويقيس بها الإنسان كل ما يجري حوله ، وأبسط مثال على ذلك – وفقا لأنصار مدرسة علم النفس : أن اللون الأخضر للشجرة يتفاوت بين الصباح والمساء والليل إعتماداً على كمية الضوء الذي يصدر من الشجرة ويصل إلى العين .. إذن ما هو لون الشجرة الحقيقي ؟!.
وتقول المدرسة العلمية ، التي تنظر إلى الإنسان والكون من الناحية العلمية وأن القوانيين العلمية كقوانين الفيزياء والكمياء والرياضيات ، هي المنظمة لحركة الحياة ، وأنها تعمل بنسق كلي أزلي ، وليس للإنسان قدرة على التأثير عليها بل هو جزء منها ، ويستطيع التناغم معها إن هو استوعبها ، وإلّا فإنها تفرض إيقاعها عليه قسراً ، وبالتالي فإن ما تنقله الحواس ليس العالم الخارجي ، بل العالم الداخلي ، وهو ليس حقيقة الأشياء.
لكن إذا كان الواقع ليس كما نراه ، فما هي حقيقة الأشياء ؟ حقا ليس لدي الجرأة العلمية والمعرفة للإجابة على هذا الطرح القديم قدم الانسان ، لكن ربما يكون تقييم طريقة تفكيرنا وتصورنا لما بداخلنا وما حولنا محاولة لرفع مستوى الإدراك والفهم ، واستيعاب نظرية المعرفة بشقّيها حقيقة المعرفة والطريق إلى المعرفة مفتاح طريق.