مقالات وآراء

المشروع الكبير القادم للمنطقة.. (الجزء الثالث)..

* إستراتيجية بايدن لـ"الحرب الناعمة" متعددة الأطراف .. وبريطانيا ودورها في "حلف الناتو العربي" !!.. * بايدن أعلن تحالفه مع أوروبا .. وأعلن استراتيجية التخريب الداخلي بدلاً من الحروب العسكرية..

 

 

الكاتب والمحلل السياسي/ سمير عبيد 

 

 

المشروع الكبير القادم للمنطقة.. (الجزء الثالث)..

 

* إستراتيجية بايدن لـ”الحرب الناعمة” متعددة الأطراف .. وبريطانيا ودورها في “حلف الناتو العربي” !!..

* بايدن أعلن تحالفه مع أوروبا .. وأعلن استراتيجية التخريب الداخلي بدلاً من الحروب العسكرية..

يعتبر المؤتمر السنوي (مؤتمر ميونخ) من أهم المؤتمرات واللقاءات العالمية والدولية لأنه مختص بوضع الإستراتيجيات الأمنية للعالم ، ولعام كامل ما بعد إنهاء المؤتمر؛ فكان مؤتمر ميونخ الأخير فاصلة مهمة راهن عليه الرئيس الأميركي جو بايدن ليكون الرافعة له وللولايات المتحدة لتعود الى قمرة القيادة العالمية التي نزلت منها بسبب السياسات الخاطئة والمتعالية التي قام بها  الرئيس السابق دونالد ترامب؛ والتي أستغلها الرئيس بابدن للإعلان  عن الاستراتيجية الدولية التي ستنطلق  في عهده، والتي أشر فيها إلى (محور شر جديد) سوف تقف ضده الولايات المتحدة بدعم أوروبي .. وكما يلي :

1- أعلن الرئيس بايدن في شباط/فبراير  أمام مؤتمر ميونخ بأن الولايات المتحدة حليفة لأوروبا في الملفات الدولية. وهو أعلان تحالف جديد لأهداف جديدة، “وهنا أعاد بايدن الثقة التي فقدت بين أوروبا والولايات المتحدة وبالعكس  بزمن إدارة ترامب”، وعندما قال الرئيس بايدن  (التحالف بين الولايات المتحدة واوروبا هو حجر الزاوية للتعامل مع جميع الملفات الدولية “من الصين مرورا بأنشطة ايران وانتهاء بممارسة الكريملين الروسي” بالتنمر على دول ديموقراطية، وهنا قد حدد بايدن  “محور الشر” الجديد حسب التوصيف الأميركي.

وهناك إشارة واضحة من بايدن بأن واشنطن لن تقبل بالسياسات الروسية ضد أوروبا سواء كانت اقتصادية أو أمنية وخصوصا عندما تمارس روسيا ابتزاز أوروبا من خلالها!.

2- أعلن الرئيس الاميركي جو بايدن  إستراتيجيته الجديدة التي لا تعتمد على الحروب العسكرية بل تعتمد على الادوات الداخلية في داخل الدول المستهدفة “الأدوات الناعمة”، واتخاذ ملف حقوق الانسان، وملف حرية التعبير وقمع المعارضين والناشطين والصحفيّين حجة للشروع في هذه الاستراتيجية ضد الدول المستهدفة وأولها إيران وروسيا.

وجاء هذا الاعلان على لسان وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن عندما قال : (لن تتدخل واشنطن عسكريا من أجل الإطاحة بديكتاتور)، وهنا يؤكد بلينكن على سياسة ومواقف بايدن التي اعلنها عام 2016، والتي حينها رفض بايدن التدخل في سوريا وليبيا أبان حقبة الرئيس أوباما ، وعاد بايدن ليؤكد مواقفه السابقة عندما قال : (الخطة الأفضل هي عندما تدعم وتنفق أموالا كبيرة على الإغاثة الإنسانية ثم تعمل بكل قوة دبلوماسية ضاغطة من أجل تسوية عادلة للنزاع والحرب؛ لا أن تخلق الحرب ثم تفترض أنك ستكون بعيدا عن شظاياها…) وهي إشارة واضحة لاستخدام الأدوات الناعمة داخل الدول المستهدفة اي ضد انظمتها الحاكمة، وهي التي  أشرنا لها في الجزأين الماضيين بخصوص إيران حيث ان المخطط دعم (إنسلاخ القوميات المهمة عن جسد النظام الايراني وعن الجسد الايراني الجيوسياسي) وإيجاد مسارح عمليات قرب الحدود الايرانية والتي سوف تزود بالطائرات المسيرة والصواريخ!!.

أهداف تأسيس الناتو العربي!!..

أن فكرة تأسيس”ناتو عربي” ولدت عندما زار الرئيس الأميركي السابق ترامب السعودية وعندما “شفط” منها 460 مليار دولار كرشوة نقدية إضافة الى 100مليون دولار هدايا شخصية إلى بنت ترامب وزوجة مستشاره اليهودي كوشنير ، وعندما نجحت السعودية حينها بتجميع دول عربية وأفريقية وغيرها من أجل إقناع إدارة ترامب بتأسيس ناتو عربي مدعوم من تلك الدول ، ولكن تراجعت الفكرة وجُمدت بعد ذلك.

ولكن أثارها أخيرا رئيس المجلس اليهودي العالمي عندما دعا الى تأسيس حلف (عربي – إسرائيلي) للتصدي لإيران على أن يضم الحلف (اليونان وقبرص) لمحاصرة ما دعاه “الطموح الإمبريالي التركي” فواضح أن اليهود المتشددين يريدون تقويض الطموحات التركية والإيرانية؛ أي إيقاف طموح مشروع الإسلام الشيعي بقيادة إيران ، وإيقاف طموح مشروع الإسلام السني الإخواني بقيادة تركيا.

وهذا يعني تأسيس (شرطي جديد للمنطقة) بقيادة إسرائيل بدلا من إيران وتركيا “أي بات غير مسموح لهما بالصعود أكثر من المستوى الذي وصلت إليه إيران وتركيا!!.

وتبقى الأهداف المهمة من وراء تأسيس “ناتو عربي” بقيادة إسرائيل هي :

1- ملأ الفراغ بعد تراجع الولايات المتحدة في المنطقة ، و ستشرف على هذا الحلف واشنطن لضمان حماية مصالحها ، ولكن قيادته الفعلية اي “غرفة عملياته” ستكون بقيادة بريطانية تشاركها إسرائيل والدول الحليفة للولايات المتحدة؛ ليكون هو بمثابة شرطي الخليج والمنطقة!!.

2- وبفضل هذا الحلف “ناتو عربي” ستتفرغ الولايات المتحدة لمنافسة الصين وروسيا ومنع تمددهما نحو منطقة النفوذ الأميركي ، وباعتقادنا أن هذا الحلف سيفشل أمام الصين وروسيا بسبب تشابك المصالح بينهما وبين إسرائيل؛ لهذا رفضت إسرائيل تأسيس (حلف دفاع) مع الدول الخليجية، وأكد وزير الحرب الإسرائيلي قائلا (نحن نتحدث عن استعداد إسرائيل لـ “ترتيبات أمنية” فقط مع الدول الخليجية) ، وهذا يوضح ان إسرائيل لا تريد الدفاع عن دول الخليج بل تريد الحصول على مغانم من دول الخليج، ولن تخوض حربا ضد إيران أو غيرها!!.

3- فبريطانيا تريد غطاء لعودتها القوية الى منطقة الخليج (وأشرنا لهذه الخطوات البريطانية في الجزأين السابقين).

فبريطانيا بدأت بخطوات العودة الى منطقة الخليج ليس عسكريا فقط ؛ بل تريد عودتها إستراتيجية وفي جميع الميادين ، ولهذا اجتمع الدكتور عبدالعزيز العويشق، الأمين المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بمجلس التعاون الخليجي بتاريخ ٢٣ آذار ٢٠٢١ بوفد من السفارة البريطانية لدى السعودية، وبرفقة إيلي ماكلين، مديرة المجلس الثقافي البريطاني، وجرى خلال اللقاء مناقشة سير العمل في خطة العمل المشترك بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة، خصوصاً فيما يتعلق بالتعاون التعليمي والثقافي والتواصل بين الشعوب، وذلك في تنفيذ إطار الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.

وهذا تأكيد لما نشرناه سابقا بأن بريطانيا قادمة نحو منطقة الخليج، وسوف تمنع التمدد الصيني والروسي من خلال إيران في تلك المنطقة والعراق؛ فالمسرح الخليجي العراقي تم إعداده للمخرج البريطاني ليعرض ما عنده من مسرحيات قادمة!!.

لذا فالمشروع القادم للمنطقة كبير وخطير ، وإن تأثيراته قد بدأت في اليمن ولبنان والاردن وسوريا  والكويت .. وبالمقابل تم اعتماد سلطنة عُمان بمكانة النمسا إبان الحرب الباردة بين المعسكر الشيوعي والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي، والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة.

فسلطنة عُمان هي الدولة الوحيدة التي ستسلم من المخطط الجديد والذي سيرسم الخرائط الجديدة في المنطقة / وسوف يتوضح هذا في سياق الحلقات المقبلة!!.

 

إلى اللقاء في الجزء الرابع إن شاء الله..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى