بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

المـتـسـوّق السـرّي في المـؤسـسة !!..

الكاتب/ أ. عصام بن محمود الرئيسي

مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت الوظيفي

 

المـتـسـوّق السـرّي في المـؤسـسة !!..

 

عند مراجعتك لمؤسسة ما ويقابلك موظف عبوس ومتجهم الوجه يُشعرك بأنه مجبر على العمل في تلك المؤسسة فتلك مشكلة كبيرة، وعندما يُحدثك بأسلوب، ومفردات كأنه يكُنّ لك الحقد لدخولك تلك المؤسسة، ويتبعها بإهمال لمعاملتك على الرغم من قدرته على انهائها في بضع دقائق فهي مشكلة أكبر، وهنا تكتمل صورة الموظف المستهتر بكل تفاصيلها.

بطبيعة الحال ما من مؤسسة في العالم أجمع تخلو من هذه المشاهد في سوء التعامل مع المراجعين وهي تتفاوت بين مؤسسة وأخرى طبقاً لثقافة ووعي المؤسسة في أهمية إسعاد المراجع والاهتمام به وكذلك مدى تدريب وتأهيل الموظفين في مهارة الاتصال والتواصل مع الآخرين لما فيه مصلحة وسمعة المؤسسة، وتؤدي إساءة التعامل مع المراجعين بشكل عام الى العديد من المساوئ، حيث ان التعامل مع المراجعين فن رائع لابُّد من إتقانه في المؤسسات الحكومية والخاصة، وقد أجاد ذلك الفن العديد من الموظفين في مؤسساتنا، وتجاهلته فئة أخرى قليلة، لكنها تُشكل مصدر إزعاج للمتعاملين، وتعقيداً للمعاملات، وكذلك مصدر إساءة لسمعة المؤسسات بشكل عام.

وهذا ينقلنا أيضا إلى نقطة مهمة، وهي أن سوء تصرف موظف ما مهما كان منصبه يؤثر في كيان المؤسسة وسمعتها، ويبعث صورة ذهنية سلبية الى من تُقدم لهم الخدمة ومن ثم الى أفراد المجتمع بشكل عام وعلى الرغم بأن الأمر لم يكن يتطلّب سوى بضع كلمات لطيفة، وإنجاز المعاملات بسلاسة، وهذا بلا شك سيعطي انطباعاً كبيراً بالرضا العام والسعادة للمؤسسة وأجهزة الدولة جميعها.

فلماذا لا يؤهّل هؤلاء الموظفين مرة أخرى، بعد اختبار طريقتهم في التعامل مع المراجعين عبر وسائل عدة منها بما يسمى بالمراجع أو “المتسوق السري”، حتى لا يمر شيء بدون متابعة ومن ثم يُكرم المتميز ويُتابع المقصر، حيث أن التسوق السري هو أحد المفاهيم الإدارية، ويقيس جودة خدمة العملاء داخل المؤسسات، وهو أسلوب بسيط حيث يتعامل المتسوق السري مع المؤسسة كعميل عادي، ثم يقدم تقريراً عن هذه التجربة مما يساعد على تطبيق حلول فعّالة تحسّن من فعالية المؤسسات، وبالتالي يتسنى لها رؤية نتائج هذا التحسّن بسرعة فائقة، وتحسين جودة العمل.

ان التدريب على تنمية وتطوير وتوسيع آفاق السلوكيات الإداريّة أصبح أمراً ملحا وخاصة تلك المتعلقة بالتعامل مع المراجعين داخل المؤسسة وتحديداً في موضوع مهارة الاتصال والتواصل حيث يساعد على إيجاد موارد بشرية ذا كفاءة وقدرة على التأقلم مع تغيّرات وظروف العمل الجديدة في المؤسسات، وامتصاص غضب الآخرين، وتنمية مهارات الاستماع والابتكار والعلاقات والإشراف، واستثمار قدراتهم بما يعود بالنفع على جميع الأطراف وفي كافة الأجهزة، ناهيك بأن التدريب يؤدي الى وجود مجموعة مدرّبة تدريباً أمثل في المنظمة يضمن استمرار العملية التشغيلية والإنتاجية بالصورة المطلوبة.

وختاماً .. إن سعادة المراجع عند خروجه من المؤسسة وقد أنجز معاملته سعادة لا توصف، وتدخل الفرحة والبهجة في نفسه وهذا ما يحدث في الواقع في نفسية المراجع الا أن مقدم الخدمة لا يشعر بها غالبا وقد يعلنها بعض المراجعين بكلمة شكر غاية في الرقي ونابعة من القلب، فلنجعل من مؤسساتنا المنبع الوفير للسعادة الدائمة.

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي ..

‫2 تعليقات

    1. شكرا على مرورك الأستاذ رشاد مداخلة رائعة منك وأضيف هنا بأن على المؤسسة أن تهتم بإسعاد موظفيها فيما يتعلق بحقوقهم الوظيفية فليس من المعقول والمنطقي أن أطلب من الموظف الابتسام في وجه المراجع وفي المقابل يتلقى من المؤسسة معاملة غير عادلة .. بوركت عزيزي وشكرا لك على مرورك الرائع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى