تايـوان .. النار تحت الرماد في العلاقات الصينية الأمريكية!!..
حـمـد الـنـاصـري
تايـوان .. النار تحت الرماد في العلاقات الصينية الأمريكية!!..
تايوان الجزيرة الصينية الجميلة التي رَزحت تحت الاحتلال الياباني لعدة سنوات حتى نهاية الحرب العالمية الثانية حيث تم الانسحاب الياباني منها طوعاً.
ولطالما كانت تلك الجزيرة والتي سمّاها البرتغاليون بفرموزا أيّ الجزيرة الجميلة وسمّاها الصينيون “بُؤرة الشيطان” وكانت بُؤرة للخلافات والتحدّيات مع البرّ الرئيسي وهو دولة الصين في أحقيّة مَن يَحكم الصين الكبرى من جهة وكحليف للغرب ومُطالبة الصين بعودتها للوطن الأم من جهة أخرى.
ومع هزيمة الحزب الوطني الصيني المعروف باسم الكوميتانج في الحرب الأهلية أمام قوات الحزب الشيوعي الصيني الجديد انتقلت الحكومة المهزومة إلى تايوان عام ١٩٤٩حيث أسّست مدينة تايبيه كعاصمة مُؤقتة للبلاد، في حين أسّس أعضاء الحزب الشيوعي جمهورية الصين الشعبية في البرّ الصيني حيث مَوقعها الجغرافي المعروف الآن. في حين أصبحت جزر تايوان والبيكادورز وجزر كينمن وماتسو وبعض الجزر الصغرى الأخرى امتداداً لجمهورية الصين الزائلة بالرغم مِن أنّها حصلت على اعتراف العديد من الدول الغربية والولايات المتحدة بها كالوريث الشرعي لجمهورية الصين مع بدايات الحرب الباردة.
أمّا دستورياً، فلم تتنازل جمهورية الصين عَن حقها الشرعي في كونها الوريث الحقيقي والمُمَثّل الشرعي لجمهورية الصين الزائلة إلا أنها في الواقع لم تهتم كثيراً بهذه القضية، حيث تختلف وجهة النظر السياسية في جمهورية الصين على السيادة الحقيقية للبلاد.
وبعد زيارة نيكسون للصين عام 1971م، بدأت العلاقات بين الصين وامريكا تدبّ شيئاً فشيئاً، ومن خلال مُحاولة استثمار الخلاف بين روسيا والصين من خلال الحزبين الشيوعيين في البلدين.. مما تسبّب ذلك الخلاف في دعم الاتحاد السوفيتي السابق للهند ضد الصين عام 1962 وتطوّر ذلك الدعم السخي من الاتحاد السوفيتي إلى خلاف مع الصين بصدام مسلح عام 1969م، وفي ذلك الوقت مَهّد للصين تقاربها مع الغرب، خصوصاً بعد سَحب الأمم المتحدة المقعد الدائم لمجلس الأمن من تايوان لصالح الصين، وبذلك التقارب التدريجي وصَل بهم الحال إلى تطبيع العلاقات الكاملة بين الصين وامريكا عام 1979م.
وبعد سُقوط الاتحاد السوفياتي أوائل التسعينيات من القرن الماضي، تصاعدت الأحداث والاحتكاكات بين الصين والولايات المتحدة في اتجاه زيادة التوتر خصوصاً بعد حادثة تفتيش السفينة الصينية في 1993 بزعم أمريكي أنّ السفينة تُصدّر مواد نووية لصالح إيران، وتصاعدت حِدّة التوتر على أثر قصف أمريكا للسفارة الصينية في بلغراد بجمهورية صربيا.؛ وازدادت أكثر بعد حادثة تصادم طائرة امريكية بطائرة صينية في جزيرة هاينان الصينية عام 2001 مما أدّى إلى زيادة حِدّة التوتر في العلاقات.
ومُؤخراً اعتبرت الصين زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي تهديداً للسلام والاستقرار في منطقة تايوان والمضيق، وأعلنت الصين بأنّها ستجري مناورات عسكرية بالذخيرة الحيّة رداً على تلك الزيارة. فيما صرّحت بيلوسي أنّ وجودها، هو لدعم الديمقراطية.. ” وأردفت: (زيارة وفدنا من الكونجرس لتايوان إيفاءً بالتزام أمريكا الثابت بدعم الديمقراطية النابضة بالحياة في تايوان).
إنّ تصاعد حِدّة التهديدات بين البلدين، وقيام الأمريكان بزيادة الاستفزازات تجاه الصين بإرسال المُدمرات الأمريكية، وتجدّد الخلاف القديم حول تايوان والذي بَقيت نارهُ مُسْتعرة تحت رماد المصالح الاقتصادية الأكبر في العالم رغم اعتراف أمريكا وكافة دول العالم بأنّها جزء من الصين!.
والسؤال الذي يَتبادر إلى أذهان المُهتمين بهذا الشّأن، هو : هل تتحوّل الأزمة بين البلدين من طابع اقتصادي إلى ُمواجهة عسكرية مركزها تايوان ذات الحكم الصيني الذاتي ؟ والسؤال الآخر المُلِح أو الأكثر إلحاحاً : هل زيارة بيلوسي لـ تايوان هيَ الشرارة التي انتظرتها أمريكا لبَدْء صِدام عسكري يَنتهي بسيطرة واسْتحواذ أحد الطرفين على العالم؟.
وإنّ غداً لناظره قريب..