بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الشاحنات .. كجلمود صخر حطَّه السيل من علٍ!!..

حمد بن سالم العلوي*

الشاحنات .. كجلمود صخر حطَّه السيل من علٍ!!..

ينظر الناس إلى الشاحنات على أنها مركبة عادية جداً، ويظهر لهم هذا الفارق بالنظر إلى الحجم فقط، وربما يرون أن خطورتها أقل من المركبات الخفيفة، وذلك بالنظر الى سرعتها البطيئة وكبر حجمها، وهذا القول قد يكون معقولاً إذا نظرنا فقط الى شخص سائقها، ونسبة سلامته من الحوادث المرورية، فهو قد لا يصاب من بعض الحوادث التي تقع على الشاحنة وقت قيادتها، أكان الحادث بفعل شاحنته هو أو شاحنة أخرى، أو إذا واقع عليها الحادث من المركبات الخفيفة، ولكن الشيء المهم الذي لا ينتبه إليه الكثير من الناس، هو نسبة ارتفاع جسمها عن سطح الأرض، ففي هذا الإرتفاع يكون مكمن الخطر؟! لأن تلك الفجوة بين جسم الشاحنة والأرض، تمثل المصيدة القاتلة التي تنحشر فيها المركبات الخفيفة، فتكون المقصلة التي تقطع رؤوس الركاب.

إذن فالشاحنات التي تسير في خط سيرها، وهو المحدد قانوناً في الجانب الأيمن من الطريق، يكون أقل خطورة على المركبات الخفيفة، لأنهم سيتجنبون السير خلفها، وهم يعلمون بمكان وجودها في المسار الأيمن من الطريق، ولكن الخطر يكمن عندما تنحرف الشاحنة من خط سيرها بقصد التجاوز، فيحدث أن تكون كجلمود الصخر الذي حطه السيل فجأة من علٍ، والسائق الآخر في سرعة عالية بالنسبة لسرعة الشاحنة، وأن تدارك الإصطدام بها يصبح مستحيلاً لضيق المسافة وبطء الشاحنة أو الحافلة، لذلك ينحشر بمركبته الخفيفة في ذلك الفراغ القاتل، وفي بعض الحالات قد لا يشعر بذلك سائق الشاحنة، فيظل مستمراً بالسير ساحباً معه تلك المركبة التي اصطدمت بشاحنته من الخلف، وهنا الوفيات تكون حتمية بنسبة كبيرة، وقد تحترق المركبة الخفيفة، والمسحوبة قسراً، وذلك إن لم يتدخل طرف ثالث، بإيقاف الشاحنة الواقع معها الحادث.

وللتذكير فإن قانون المرور يمنع الشاحنات من التجاوز بشكل مطلق في المدن، مسموح التجاوز فقط خارج المدن، ولكن بـشروط واضحة، بحيث لا يكن في المدى القريب أية مركبة أخرى قد شرعت في التجاوز، حتى لا يشكل ذلك خطراً على السلامة المرورية، وكما يجب إن تحمل سائق الشاحنة المسؤولية القانونية، بقدر الخطأ الذي أرتكبه وجسامة الحادث والأضرار الناتجة عنه، وذلك بالنظر إلى تواجده في المكان الخطأ، وفي الوقت الخطأ، لأن القانون كل لا يتجزأ، وعلى كل سائق أن يتحمل المسؤولية بقدر خطأه، وبذلك سوف لن يُوجد سائقو الشاحنات أنفسهم في المكان الذي منعهم منه القانون، وذلك لحكمة أرتأها المشرع، أما إذا ظل الحال كما هو عليه الآن.. بحسب العرف السائد، وذلك بحيث تحمل المسؤولية كاملة على الصادم من الخلف، فهذا خطأ سائد، وغير منصف .. ولا يحقق العدالة.

– إعلم أخي السائق :
{إن السياقة : “فن، وذوق، وأخلاق” وأنت تعلم أن المركبة لا عقل لها ولا إرادة، بل عقلها بيد سائقها، وعليك أخي السائق؛ أن تتجنب أخطاء الآخرين، فخذ حاجتك من الطريق، واتركه آمناً لغيرك كونه ملك الجميع}.

* خبير في تخطيط حوادث المرور – مؤسس مركز طريق الأمانة لخدمة السلامة المرورية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى