التعليم في السلطنة إنجازات رغم التحديات..
طـلال بن حمـد الربيـعـي
التعليم في السلطنة إنجازات رغم التحديات..
خطرت في ذهني وأنا أقرأ مقال الكاتب مرتضى بن حسن بن علي حول تحديات التعليم، والذي نشره في صحيفة الرؤية الأسبوع الماضي ثم في عدة صحف إلكترونية مقولة الفيلسوف الألماني نيتشه : “سوف يأتي اليوم الذي لن يكون فيه للسياسة عمل إلا معالجة مشاكل التربية” هذا ما كتبه نيتشه قبل أكثر من قرن ونصف من الآن .. ولعل هذا اليوم لم يأتِ بعد، ولكن مما لا شك فيه أن قضية التعليم وتحدياته؛ تطرح اليوم في أعلى المستويات، ويظل التعليم وتطوره وسبل إصلاحه، يشغل حيزاً في اهتمام كثير من المفكرين وأصحاب الرأي والحكومات معاً، وهو بدون شك قضية عالمية تشغل الرأي العام بين مجموعة من القضايا الكبرى التي تواجهها المجتمعات.
والمتتبع لمقال الكاتب رغم ما به من جوانب يريد إيصالها؛ إلّا أنه للأسف الشديد كان بعيداً عن التطورات الحاصلة في المنظومة التعليمية في السلطنة خلال الفترة الماضية؛ حيث مازال يتحدث عن حقبة عندما كان التعليم ينقسم الى مرحلة الابتدائي والإعدادي والثانوي والمفتشين والموجهين التربويين… الخ.
ولعل الكاتب لم يتسنَّ له الاطلاع على آخر التطورات التربوية؛ نظراً لانشغالاته في الجوانب الاقتصادية الأخرى؛ فكتاباته في الجانب الاقتصادي اكثر عمقا ورصانة .. وهنا لست في محل نقد أو محل دفاع عن أي جهة؛ فهناك بالفعل تحديات كثيرة وكثيرة جداً تواجه التعليم، ولا أحد يستطيع إنكار ذلك، ولكن لنكن أيضاً منصفين وصادقين مع أنفسنا؛ فنظامنا التعليمي ليس بتلك السوداوية، ولم يتّسم يوماً بالجمود، أو يراوح مكانه في مواكبة التنمية وروح العصر كما أشار الكاتب في بداية مقاله، حيث إن إطلاق الأحكام بهذه الطريقة؛ يعد من وجهة نظري إجحافاً ومغالطةً كبيرةً، ونسفاً لكثير من الجهود المضنية، والعمل الجبّار الذي بذلته وزارة التربية والتعليم خلال الأعوام الماضية رغم التحديات الاقتصادية من أجل تطوير العملية التعليمية؛ ابتداءً بالمناهج التعليمية والأدوات والأساليب التدريسية وتحديثها سنوياً لتواكب التقدم العلمي والمعرفي؛ بحيث توافق بين النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للطالب، بالإضافة إلى الجهود الحثيثة لرفع كفاءة الإدارات التربوية والمعلمين من خلال إنشاء المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين؛ فوزارة التربية والتعليم دائماً ما تسعى إلى التوازن بين الكم والكيف؛ حيث إن هناك مسارين متوازيين يستطيع أي متتبع ملاحظتهما؛ المسار الأول يركز على نشر الخدمة التعليمية، وتعزيز مبدأ التوسع في التعليم لمواجهة الزيادة الطلابية ونموها؛ عن طريق ما تم إدراجه بها من مشروعات تعليمية، وإضافات تربوية، وهذا يتأثر سلباً وإيجاباً بالوضع الاقتصادي للبلد، والمسار الثاني يركز على التحسُّن النوعي للتعليم؛ من خلال استحداث المناهج التي تواكب التطورات القائمة في العالم، ورفع كفاءة المعلمين وتمكينهم، وعلى مدى سنوات أسهم التركيز على هذين المسارين في تطور التعليم في السلطنة كماً ونوعاً، وهذا ما نلاحظه من تضاعف عدد المدارس والتلاميذ أضعافاً مضاعفة، وتعددت مستويات التعليم، كما تشعَّبت فروعه وأنواعه لمقابلة احتياجات التنمية وسوق العمل، وهنا لا أتحدث بكلام إنشائي فقط؛ فهناك مؤشرات حيوية تقيس تطور التعليم وفق خطط واستراتيجيات مستقبلية؛ يستطيع أي باحث أو مهتم بهذا الشأن الرجوع إليها، بل أكاد أجزم أن هذه الحركة المتسارعة للتعليم في السلطنة استطاعت أن تعطيه ميزة تنافسية فقد أصبح يساير أفضل الأنظمة التعليمية العالمية؛ بشهادة خبراء ومنظمات عالمية، وخير شاهد على ذلك؛ المراكز المتقدمة التي يحصل عليها أبناؤنا الطلبة أثناء مشاركاتهم في كثير من المسابقات الدولية، وكذلك في الجامعات العالمية التي ينتسبون إليها.
ومما لا شك فيه أن هذا؛ يعتبر ذلك انعكاسا للجهود المبذولة في تهيئة هؤلاء الطلبة وتعليمهم وتطوير قدراتهم، ومازالت الحكومة وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم تحرص على تنمية وتطوير النظام التعليمي، حيث أصبح هناك إجماع واضح وصريح من جميع مؤسسات الدولة بأن التعليم والتدريب أساسيان لنجاح التطلعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في السلطنة، وكلّنا ثقة وأمل في أن يصبح نظامنا التعليمي واحداً من الأنظمة التعليمية التي يحتذى بها في العالم، ويساهم من خلال جهوده في حركة التنمية والتطوير في بلدنا العزيز.
فكل عام والجميع بألف خير، وعام دراسي مُكَلَّل بالإنجازات والنجاحات المتواصلة بإذن الله.
وفي الختام .. “فإن التعليم هو؛ جواز سفرنا للمستقبل؛ لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدّون له اليوم” (مالكوم إكس).