مقالات وآراء

ما يحـدث الآن (أيـن أنا منّـي الآن ؟؟!!)..

 

 

الكاتــب/ سـالـم السـيـفـي

 

 

 

ما يحـدث الآن (أيـن أنا منّـي الآن ؟؟)..

 

جميعنا يغنى باسم الوطن جميعنا يُنادي حيَ على الوطن جميعنا يتحدث عن حب الوطن ..ولكن هل جميعنا يدرك ويعي ويفهم ماذا تعني مفردات الوطن ..

إننا اليوم نعيشُ إشكالية تسمية الأشياء بمسمياتها ونقع في جملة من التناقضات ونسير بمزاجية الأهواء ونركضُ بسيقان التبعية ولكن ليس لإرضاء الوطن وإنما لنتسلق جدران الوطن لنرى ما يحدث خلف هذه الجدران ..

إنه الفضول الذي يكتنفنا فضول البحث عن الذات في خضم التداعيات والملذات .. نحتدم بجدلية الموروث ونتسامى بجلباب التأريخ ونتخاصم لأجل رفع شواهد القبور والنبش في أكفان الموتى.

ثم نعود لنتحدث باسم الوطن ونتخاصم ونتصالح وننتخب وفي بعض الأحيان ننتحبُ باسم الوطن.. فتكبر في مخيلتنا أحجية الحكاوي القديمة (البيدار والطني) هكذا يتبين لي بعد أن سحلتني خمس عقود إلا قليل منها وأنا أفتش في أقبية الوطن وبين دهاليزه عن مفردة تليق باسم الوطن يجتمع عليها جميع من على أرض الوطن ليقول لنا تراب الوطن ها أنا ذا فمن أنتم؟.

هكذا يتراءى لي بعدما استوقفتني محطات تحمل في عرباتها الكثير من رزم الأسئلة التي تأتي تارة على شاكلة شخوص، وتارة أخرى تتصيّر على هيئة مشاهد تتلاقح وتتناسل من بعضها عبر مجرات زمنية لا يمكنها استشفاف المعنى والمبنى من يقيننا (وخلقناكم أطوارا) ..

وبما أن الحَدَس أحيانا يسبق في استشرافه الحدث القادم فإن من الواجب عدم ترك هذا الحدس مكبل بأصفدة العاجزين عن الحراك والمختبئين في أقبية ودهاليز الأمنيات. وبما أن مسؤولياتنا عظام وأهدافنا جسام فهل سأل أحدا منا نفسه عن وقفة جادة وصريحة مجردة من آناه.. هل جميعنا مؤهل لحمل هذه المسؤوليات وإيفاءها حق الوفاء بما يتوافق مع أهميتها .. قد يقول قائل إنها تقلبات الحياة، ويقول آخر إنها الابتلاءات، ويقول أخر إنها الالتزامات .. وإنها المنعطفات والمناخات والمنغصات الحياتية التي يواجهها كل فرد في أي مجتمع ونحن جزء لا يتجزأ من عوالم الكرة الأرضية التي تعيش خليط من خيارات، وقد يقول أخر ماذا علينا فعله سوى التسليم والخنوع لكل ما يطلب منا والتوافق مع كل شيء وعلى كل شيء يفرض علينا ونسلم به كي لا نفقع عين الصباح في وجوه المارة، ولا نعترض طريق الحشود في سيرها المحموم وسباقها الراقص على تراب الوطن؛ فإننا جميعا وطنيّون، ولكن السؤال الفاصل : هل جميعنا مواطنون ؟؟ و وطنّيون حقّاً ؟؟!!.

هذا السؤال الذي يكتنفني الآن وكأنما أفتش عن إبرة في كومة من القش أو كأنني ألهث خلف سراب أحسبه ماءً .. ولكن لا بأس من جلد الذات فجلدها بين الفينة والأخرى يوقظها من سباتها الذي يزيدها خنوعاً وتواكلاً.

فأنا كمواطن وأحسبني هكذا حتى هذه اللحظة .. أعيش بتعريف مدني وهوية تحمل شعاراً وطنياً، ولكنني لا زلت أبحث عني في موضعي الذي أتموضع فيه ولا أجدني، مثلما لا أجد العضو الذي نادى حيّ على انتخابي، فأنا الذي سأكون لك صوتك الناطق، وأنا الذي سأكون حامل رسالتك، وأنا الذي سأكون ممثلك المثالي.

ياااه كم أشفق على حال وطني الآن ولست مبالغا ولن أكون كذلك إذ قلت (أشفق)؛ فحينما أرى ما أرى وأسمع ما أسمع وأعيش ما يعيشه الكثيرون غيري من تيهٍ؛ أعود وأقول هل أنا في وطني أم وطني الذي فيني ؟.

إنه اللغز المُنْغَل المتسربل في الدماغ العاجز عن تفسير أبجديات الصمت لممثلي الشعب والمحافظين والمتصدرين الصفوف الأولى والمتبهرجين بالبطون العريضة المزينة بشعار الوطن ورمزيته .. أين أنتم يا أصدقائي الذين أعرفكم والذين لا أعرفكم ..أين أنتم الآن من كل هذا وأين هو مخبأكم السري ففي نفسي الكثير من الأسئلة وفي مخيلتي العديد من التساؤلات عن سر صمتكم واختفائكم ..

خُيِّلَ لي أنكم جميعا وضعتم تحت الإقامة الجبرية التي جعلتكم لا تأبهون لهذه النكبات، وهذا النَّزْف الذي يعيشه وطني، والذي جعل أبناءه الذين حالتهم كحالتي يتساءلون : أين أنتم من كل هذا ؟؟!! أم أن وطنيتكم ووطنكم هما من جعلاكم تصابون بتنمُّل في اللسان، وتجذُّم في الأطراف، وتجمُّد في الحِراك ؟؟!!.

إنه لأمر مريب أن تستظلوا بسحابة الصمت في الوقت الذي تعلو فيه أمواج الصرخات الإنسانية لأبناء وطنكم !! فهل هذا هو الوطن الذي تتغنون به في حفلات السمر والموائد التلفزيونية والمنابر الجدلية ؟؟!!.

أجيبوني فإني أنزفني أسئلة !!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى