
صـلاح بن سعـيد شجـنّعة شاعـر نسـج حروفه من ذكـريات الحـب..
أجرت الحوار : أ. ريحاب أبو زيد
الشعر هوَ الرسالةُ الإنسانيةُ الساميةُ الذي لا يعترفُ بالحدودِ ولا الجنسياتُ ولا الأزمنةُ ، فقطْ يحتاجُ أنْ يصغيَ العالمُ إليهِ بكلِ صفاء..
منْ خلالِ هذا الحوارِ سيكونُ لنا براحاتٍ أدبيةٍ ، وفنيةٌ أنيقةٌ ، نغزلُ منها حروفًا لنبحرَ منْ خلالها سويًا في نهرِ القصيدِ لنتعرفَ معًا حقيقةَ تلكَ المقولةِ (إذا أردتُ أنْ تعرفَ شخصًا ، فالحوارُ هوَ المفتاحُ إلى قلبهِ وفكرهِ) ، وكما قالَ الشاعرُ الراحلُ عبدُالرحمنْ الشرقاوي (مفتاحُ الجنةِ في كلمةٍ ،،، دخولُ النارِ على كلمةِ وقضاءِ اللهِ هوَ كلمةٌ ،،، الكلمةُ نور ،،، وبعضَ الكلماتِ قبور) لذا لا يمكنُ لجمرةِ الشعرِ أنْ تنطفئَ في قلبِ شاعرٍ ، مهما بلغَ منْ الأمرِ ، و معَ أيَ شاعرٍ يا تُرى سنتحدثُ معهُ ، أنهُ شاعر ولدَ وترعرعَ في جنوبِ السلطنةِ ، حيثُ جمالُ الطبيعةِ وعشقَ الحرفَ.
ضيفي عاشق للحرفِ وللكلمةِ ، وصاحب كلمةٍ معبرةٍ ، وقافيةُ دقيقةٍ إستطاعَ أنْ يترجمَ روائعَ القوافي ، وأتمنى أنْ نعيشَ معًا حوارًا شعريًا يقودنا إلى السفرِ والتعمقِ داخلَ القلبِ الذي ينسجُ حروفًا ذهبيةً تلامسُ قلوبَ منْ يقرأها أوْ يسمعها.
هوَ الشاعرُ (صلاحَ بن سعيدْ شجنّعة) عضوِ لجنةِ نصوصِ الأغاني بمحافظةِ ظفارْ منْ عامٍ 2007 وإلى 2020 وعضوُ اتحادِ شعراءِ العربِ ونائبِ رئيسِ لجنةِ مراقبةِ فرقِ الفنونِ للشعبيةِ والفرقِ المسرحيةِ الأهليةِ بمهرجانِ صلالة السياحيِ وأمينِ سرِ فرقةِ السلطنةِ للثقافةِ والفنِ ، والمنسقُ العامُ لفريقِ الدهاليزِ التطوعيِ ، لهُ العديدَ منْ المشاركاتِ حيثُ شاركَ بقصائدهِ في العديدِ منْ الأوبريتاتِ والأغاني الوطنيةِ ، وأيضا تعاونٌ في أعمالٍ عديدةٍ معَ أكثرَ منْ فنانٍ عمانيٍ كتبَ تترُ مسلسلٍ تلفزيونيٍ بعنوانٍ (سدرة) غناءُ بلقيسْ أحمدْ فتحي وألحانِ الدكتورِ أحمدْ فتحي ، وأيضًا تعاون معَ الفنانِ الكويتيِ حمودْ البدرْ ، والفنانةُ التونسيةُ فاطمة بيارْ.
* بدايةً إذا قلبنا أوراقَ حياتكَ ما الذي سنصادفهُ ؟.
– حياتي منذُ الصغرِ بدأتها على نهجٍ واضحٍ وتعلمتْ بأنْ أكون شخصيةً تتعاملُ بكلٍ عفويةٍ دونَ تصنع ، وهناكَ بحياتي أيضًا زوايا لها بروازٌ يظهرني بالشكلِ الذي يحبهُ الناسُ في التعاملِ ، وأبرزها الهدوءُ وأخذُ الأمورِ ببساطةٍ ، واكتملتْ بالشعرِ الذي يتملكني منذُ الصغرِ واستمرَ معي في مسيرتي حتى يومنا هذا رغمَ ظهوري المتأخر.
* لكَ دورٌ رياديٌ ومتدرجٌ في المسرحِ والثقافةِ والفنونِ ، كيفَ ترى ذلكَ ؟.
– سؤالكَ هذا مهمٌ لأوضحَ هذا الدورِ ؛ أنا أعملُ في وزارةِ التراثِ والثقافةِ سابقا وهذا منْ حسنِ حظي كونيٍ بالأساسِ شاعراً ومحباً للمسرحِ الذي دخلتهُ بعدَ متابعتي للمهرجاناتِ وقربي منْ أغلبِ الممثلينَ ؛ الأمرِ الذي جعلَ مؤسسي فرقةِ السلطنةِ يختاروني معهمْ في مجلسِ الإدارةِ وهذا شرفٌ وأيضا إضافةٌ في الإبحارِ والتوسعِ في الخيالِ لكتابةِ الشعرِ منْ خلالِ النصوصِ المسرحيةِ أما الفنونُ أنا لديَ شغفٌ خاصٌ بالفنونِ وخضتْ التجربةُ واكتسبتْ المعرفةُ منْ خلالِ اختلاطي بفرقِ الفنونِ الشعبيةِ بظفارْ وأيضا منْ أخي الأستاذِ رجبْ خميسْ رئيسَ فرقةِ المجدِ الذي أخذتْ وتعلمتْ منهُ الكثيرَ . وأيضا منْ خلالِ وظيفتيْ تعرفتْ على الكثيرِ منْ الكتابِ في الشأنِ الثقافيِ وبدأتْ أتعاملُ معهمْ عنْ قربٍ ، وخاصةَ بعدَ انضمامي لمجلسِ إشراقاتٍ ثقافيةٍ الذي أضافَ لي الكثيرَ منْ المعارفِ في هذا المجالِ.
* ما هيَ الآفاقُ الأدبيةُ المفتوحةُ على المجهولِ التي يتوقُ شاعرنا المتميزُ إلى اختراقها على مستوييْ التجربةِ والممارسةِ ؟.
– بحمدِ اللهِ أنا وضعتْ لنفسي محطاتٍ أقفُ بها بعيدا عنْ المجهولِ الذي منْ وجهةِ نظري بأنهُ طريقٌ لأتعرف أينَ سيأخذكَ ، ومنْ خلالِ هذهِ المحطاتِ قدمتْ أكثرَ منْ عملٍ غنائيٍ داخلَ وخارجَ السلطنةِ ، وتغنى لي منْ تونسِ الفنانةِ فاطمة بيارْ ، وانتقلتْ إلى محطةٍ أخرى وعملٍ معَ الفنانةِ المغربيةِ شيماءْ أموشنْ والذي لحنهُ أخي المبدعُ يوسفْ مطرُ رفيقِ الدربِ ، والمحطةُ المهمةُ معَ الفنانةِ بلقيسْ أحمدْ فتحي منْ خلالِ تترِ مسلسلٍ ، بالإضافةِ إلى الأعمالِ الدراميةِ الذي كتبتْ مقدماتها الغنائيةَ ومازلتُ أسعى بأنَ أصل إلى محطاتٍ أكثرَ وأنْ أضعَ بصمةُ حقيقةٍ في كلِ محطةٍ ، والمحطةُ القادمةُ نصَ بعنوانٍ) آسفِ على التأخيرِ (ومازلنا في نقاشٍ معَ الفنانِ الذي سيتغنى بهِ ولمْ يتمْ الاتفاقُ رسميا طبعا منْ ألحانِ يوسفْ مطرٌ.
* قصيدةٌ (لعبةُ أوجاعكَ) تجلّتْ بحزنِ دامي وموضعِ ألمٍ ويبدو أنها باكورةُ إبداعِ منْ واقعٍ موجعٍ حدِ الألمِ ، فما رأيكَ ؟.
– لعبةُ أوجاعكَ نصٌّ فعلاً مختلف، وكتبتهُ منْ قصةٍ ، وهذا النصُ فيهِ محتوى مليءٌ بالحزنِ، بعضُ الأحيانِ الألمِ يجعلكَ تبدعُ في إفرازِ ما بداخلكَ منْ تجلياتٍ مؤلمةٍ ، وهناكَ نصوصٌ أخرى لي تحملُ نفسِ الوجعِ ولكنها ليستْ منْ قصصٍ واقعيةٍ وإنما منْ تقمصِ الدورِ في النصِ، والعيشِ في الشخصيةِ وتلبسها، والشعورِ بها وهذا قدْ يكونُ شيءٌ يراهُ البعضُ جنون.
* هلْ يستطيعُ المبدعُ الحقُ إعادةَ تخيلِ الواقعِ المرفوضِ ، وهدمه وترميم وبناء عالمٍ جديدٍ على مستوى النصِ الأدبيِ الشعريِ ، بعيداً عنْ الإطارِ السائدِ ؟.
– لكلِ شاعرِ أدوات يعملُ عليها ولكلِ شاعرِ فكر ينطلقُ منْ خلالهِ هناكَ شعراءَ أذكياء يتعاملونَ معَ النمطيةِ بطريقهِ وحرفنة منْ خلالِ اختيارِ المفردةِ وبنائها في تركيبةٍ شعريةٍ يبرزُ منْ خلالها إمكانيتهُ الإبداعيةُ ، وفي نظري الشاعرِ الذي يملكُ خيالاً واطلاعاً أكبرَ يستطيعُ أنْ يخرجَ عنْ السائدِ بشرطِ أنَ لا يدخل في الرمزية المفرطة والحداثة التي ليسَ لها طعمٌ.
* طرحتَ قصائدَ جماليةً وتخيليةً متعلقةً بالإبداعِ ، وزمنَ الذكرياتِ العتيقةِ معَ الطفولةِ مثل (ذكرى البيوتِ) .. فهلْ تلكَ القصيدةِ أولَ قصيدةٍ في بهوِ الذكرياتِ والحنينِ للماضي ؟.
– ذكرى البيوتِ .. آآآهْ ؛ هذا النصِ لامسَ الكثيرَ منْ المتابعينَ ، وبسببَ الحنينِ لكلٍ منا ذكرى ووقت وطفولة عاشها في بيوتٍ حملتْ بداخلها الحبُ الحقيقيُ دونَ تكلفَ كتبتْ هذا النصِ وأنا دونِ شعورٍ أقفُ بينُ بيوتِ الطينِ في مسقطِ رأسي الدهاليزَ مكانَ طفولتي وبدأتْ الذكرى ترجعني إلى تلكَ السنينَ ومنها خرجَ نصُ ذكرى البيوتِ.
* هناكَ مقولةٌ تقولُ : (دمُ الشعراءِ مشتركٌ رغمَ اختلافِ القاراتِ وتنوعِ الأراضي الشعريةِ) ما رأيكَ في هذه المقولةِ وما الرابطُ بينهمْ ؟.
– لا أظنُ المقولةُ حقيقيةً الشعراءِ فالعالمُ يتشابهونَ بالصفةِ ويختلفونَ بالشعورِ ؛ بمعنى أنهمْ شعراءُ بالصفةِ ولديهمْ الحسُ ولكنْ لكلِ شاعرِ طريقتهِ في كتابةِ مشاعرهِ حسبَ لغتهِ وبيئتهِ.
* يقولَ الشاعرُ “لولا الشعرُ لأصبنا جميعاً بالسكتةِ القلبيةِ” ، أليسَ العالمُ دونَ شعر خرابٌ ؟.
– العالمُ دونَ تسامحِ وحبِ خرابِ باختصار.
* منْ خلالِ متابعتنا لأعمالكَ الغنائيةِ نرى دائما تعاون معَ الملحنِ يوسفْ مطرُ فأغلبَ ألحانِ نصوصكَ منْ ألحانهِ ما السرُ والعلاقةُ التي تربطكَ بالملحنِ يوسفْ مطرٌ ؟.
– بعضُ الأحيانِ الشاعرِ يجدُ نفسهُ قريباً منْ إحساسِ ملحنٍ معينٍ وهذا ما حصلَ معَ يوسفْ مطرُ الذي أراهُ قريباً منيَ .. ويوسفْ ملحنٍ ذكيٍ يتعاملُ معَ الناسِ قبلَ التلحينِ كقارئِ ويخوضَ حروفَ النصِ ويعيشهُ ، ومنْ ثمَ يبدأُ في تلحينهُ ، بالإضافةِ إلى أنهُ يتقبلُ النقاشُ ، وأيضا يعطيني أحيانا أفكاراً لكتابةِ نصوصٍ .. بالمختصرِ يوسفْ أنسجمَ معهُ كليّاً.
استاذه رحاب اعلاميه ومحاوره تستطيع ان تنسج من كلمات الشعر حبال المحبه والابداع…
دمتي استاذه.. وابدع شاعرنا فيما قال.
احسنت استاذه رحاب وجزاك الله خير وشكرًا للشاعر صلاح بن سعيد وفعلًا الرمزية المفرطة تجعل النص بلا طعم