بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

فن الدبلوماسية .. إتيكيت إدارة الحديث الرسمي والاجتماعي (2)..

الدكـتـور/ سـعـدون بن حسـين الحمـداني

دبلوماسي سابق ، الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

 

فن الدبلوماسية .. إتيكيت إدارة الحديث الرسمي والاجتماعي (2)..

 

يسأل الكثيرون عن علاقة فن الدبلوماسية ببعض العلوم الإنسانية كالإدارة أو القيادة الرشيقة أو غيرها من العلوم، وحتى أقسام وفروع الحاسوب والأمن السبيراني والذكاء الاصطناعي وغيرها من العلوم والتفرعات الدقيقة حتى وصلت الى علم التغذية، والجواب بسيط جدا لذلك؛ فأغلب الدول المتقدمة، وخاصة الغربية منها، لها إتفاقيات مع الجامعات العريقة بمختلف التخصصات لتزويدها بأحدث النظريات سواء للدراسات الإنسانية أو غيرها لغرض إدخال وتثقيف دبلوماسيها بهذه العلوم التي تعتبر داعماً لوظيفته في السفارة أو في مقر بلده، فعلى سبيل المثال البرامج الحديثة لأجهزة الحاسوب والأكسل، وغيرها من علوم الإدارة والقيادة الرشيقة، والاقتصاد واللوجستيات التي تدعم ثقافة وكاريزما الدبلوماسي بوجه خاص، وبقية الموظفين بوجه عام تجعلهم موظفين متميزين يمكن الإعتماد عليهم، وتمثيل بلدهم بأفضل ما يكون.

بعض الوزارات حريصة كل ستة أشهر على تحديث معلومات موظفيها لما يعكس صورة مشرفة وراقية على المسؤولين في تلك الجهة، ومن ثم سمعة البلد؛ حيث يشاركون بمؤتمرات خارجية أو داخلية.

تطرقنا الأسبوع الماضي عن إتيكيت الحديث الرسمي باختصار؛ وأهميته في مجريات العلاقات العامة سواء خارجياً بين الدول؛ لأن كلمة واحدة مغلفة حتى تمحو جهد سنين من العلاقات القائمة بين الدول(س& ص) وبالعكس أيضاً.

اليوم سوف نعرج قليلاً على سمات وأهمية الإتيكيت الاجتماعي، ودوره في صقل كاريزما المواطن أو الموظف؛ لأن تَسَلُّح الموظف بهذا الفن قد يرقى الى مناصب عليا أو وظائف مهمة لما يمتلكه من صفات وسمات لا يملكها غيره من اللباقة والمجاملة، والحديث الشيق والثقافة المبنية على الخبرة والشهادة الاكاديمية وغيرها.

من أهم سمات الإتيكيت الاجتماعي التي سوف نتطرق اليها اليوم هي : المجاملة وهي على كل شخص أن يراعي ويهتم بشعور وإحساس وحقوق وتطلعات الآخرين، وأن يُحسِن التعبير عن تلك المراعاة؛ فإن ذلك يمثل البداية الصحيحة لأصول الإتيكيت الاجتماعي الناجح، وكلما زادت المجاملة عن مستواها الطبيعي كلما كانت لها انعكاسات سلبية على العلاقة بين الشخصين، فالمجاملة هي الطريق الصحيح والنموذجي لبناء علاقة طيبة متوازنة، وهي أيضاً سلوك، ومشاعر، وتعبير لغوي، وحسن تعارف، وحسن معاملة، وآداب الكلام، ومهارة الاتصال والتواصل مع الآخرين عن طريق إختيار أرقى الكلمات المعبرة الرقيقة لكسب ودهم والإعجاب بما يقدمونه، ورفع معنوياتهم ووصفهم بصفات متوفرة فيهم بالفعل.

المجاملة تدخل ضمن علم ونظريات الاكتساب؛ حيث يؤكد علماء الاجتماع بأن فن المجاملة ينبغي على كل شخص أن يتسلح به؛ فالأشخاص الذين لا يجيدون التعبير أو لا يعرفون كيفية التعامل بفن المجاملة فإنهم يعانون الكثير في حياتهم العملية والشخصية.

أكدت الدارسات النفسية والاجتماعية أن أكثر من 85% من نجاح علاقات الناس ببعضهم البعض يعود إلى طريقة التعامل بفن المجاملة وطريقة إقامة علاقات طويلة وطيبة مبنية على الأخلاق الأصيلة الكريمة بعيدة عن الأنانية وحب الذات؛ لذلك من بين شروط ابتعاث الدبلوماسي خارج بلده (أن يكون بأعلى درجات المجاملة الراقية، والتي سوف تعكس صورة بلده في جميع الأنشطة والفعاليات التي سوف يوجد فيها بعيداً عن الإنزواء في زاوية القاعة، والخوف من الإحراج، وعدم الاختلاط بالجمهور الموجود بالمناسبة، وبالتالي فإنه سوف يعكس صورة سلبية على سفارته وبلده.

إن المجاملة من السهل التدرب عليها، ومتى ما تسلحت بالفنون الأخرى لو بالدرجات الدنيا منها، وكلما كانت ثقافتك عالية، ولديك الجرأة في خوض نقاشات معتدلة في مجال أنت تعرفه، كلما زادت لديك معارف من الناس التي تليق بك، ولا تكن غليظاً في التعامل مع الآخرين أو متشدد في أفكارك أو وجهة نظرك؛ لأن ذلك سوف يُبْعد عنك الكثيرين، فالمجاملة من أهم أعمدتها هي المقدرة على تحويل مجرى الكلام والنقاش لجذب المقابل، وتحاول كسب ودّه ومشاعره تجاهك قبل فرض وجهة نظرك عليه، وهذه واحدة من أهم بنود فن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى