ماذا تعرف عن السياقة المتدعسقة ؟!..
حمـد بن سالـم العـلـوي*
ماذا تعرف عن السياقة المتدعسقة ؟!..
إذا كنت سائقاً ماهراً وملتزماً بنظام المرور، فإنه وبمجرد دخولك الشوارع هذه الأيام، ستكتشف معنى السياقة المتدعسقة، وبالطبع فاعلو السياقة المتدعسقة، لا يدركون أفعالهم المنكرة هذه، لأنها أصبحت بالنسبة لهم سلوك يومي، ويقول مصطفى المنفلوطي من ينام على ضجيج الرحى، يوقظه توقفها، ولأن هذا الصنف من الناس لا يعرف ما الرحى، فنقول له؛ من ينام على صوت المكيف، قد يوقظه توقفه، إما بالهدوء أو بالحر.
وحتى نوضح أكثر عن ماهية السياقة المتدعسقة، فنقول؛ هي السياقة بلا نظام أو ضوابط مرورية، أي على مبدأ تسير عليه قلة من البشر في الشارع دون وعي منهم، فالسائق لا يعط أي إهتمام للخطوط الأرضية، وربما يظنها أنها نوع من الزينة النوفمبرية، كالأعلام والأنوار الملونة وغير ذلك من وسائل الزينة، وخاصة وإنه يتم تجديد هذه الخطوط قبل دخول شهر نوفمبر من كل عام، فلا عجب إن رأيت السيارة سائحة على الطريق، وتضرب يسرة ويمنى، وتعبئ الفراغات في الأمام، دونما نظام في الانتقال من مسار إلى آخر، ومعظم السائقين من أصحاب السياقة المتدعسقة لا يعيرون معنى لاستخدامات الإشارات الجانبية، لذلك تعمر زمناً طويلاً وتفنى السيارة ولا تفنى الإشارات الجانبية، فتشبه سياقتهم لعب الأطفال زمان، عندما يأتي كل طفل بكربة نخيل فيضعها على ماء الفلج، فيحملها الماء، وبالطبع الكربة الأخف تجدها الأسرع في الوصول، وهكذا..
لقد كان مسمى الرخصة “رخصة قيادة مركبة” وذلك قبل أن يغير مسماها المفتش العام للشرطة والجمارك السابق إلى “رخصة سياقة” وذلك ليس بحدسٍ منه، ولكن بما زرع هو للمستقبل، وأن القيادة مسؤولية كبيرة، وتحتاج إلى فنيات ستتعب قائدو السيارات للالتزام بها، وأن السياقة.. هي الوصف الأنسب لمن سيقود السيارات في المستقبل، والسياقة هي من فعل “ساق، يسوق، سوقاً” وفي الغالب هذا الفعل يطلق على من يسوق الحيوانات من المواشي والجمال والحمير، ويكون وضعه خلف القطيع، وليس أمامه.
ولما كانت السيارات لها وضع خاص، فجعل السائق بداخلها، ولكن دونما تحمل أية مسؤولية تجاه الغير، وحتى الحوادث تتحملها شركات التأمين، وليس على السائق شيئاً، إلا إذا أصيب أو توفى – لا قدر الله – والغريب في الأمر، أن السائقين معنا لا تنطبق عليهم نظرية “داروين” في النشوء والترقي، فقد كانت القيادة؛ (فنٌ، وذوقٌ وأخلاق) وذلك في بدايات النهضة العُمانية، ومضرب المُثل للقيادة الرزينة الآمنة، ويشيدُ بها الجميع، وأصبحت اليوم بلا تميّز بعد التوافق مع غيرها في السوء، وأخذت في التدني، والتراجع بتقدم السنين والأيام، حتى صارت اليوم اسم على مسمى مجرد “سياقة” بل وسياقة متدعسقة .. والله يسلم ويلطف بالناس من مخاطرها.
– إعلم أخي السائق :
{أن السياقة : “فن، وذوق، وأخلاق” وأنت تعلم أن المركبة لا عقل لها ولا إرادة، بل عقلها بيد سائقها، وعليك أخي السائق؛ أن تتجنب أخطاء الآخرين، فخذ حاجتك من الطريق، واتركه آمناً لغيرك كونه ملكاً الجميع}.
* – خبير جدول معتمد في تخطيط حوادث المرور – مؤسس مركز طريق الأمانة لخدمة السلامة المرورية.